الجمعة، 8 مايو 2009

الإرهاب الفكري في الخطاب الديني اليهودي المسيحي

الإرهاب الفكري في الخطاب الديني اليهودي المسيحي

11 - 4 - 2009


انطلقت اليهودية والمسيحية وبقية أعداء الإسلام من اتهام الخطاب الديني الإسلامي بالتطرف واتهام المسلمين بالإرهاب الفكري في حوارهم مع غيرهم.

والقوم بذلك ينطبق عليهم قول القائل: "رمتني بدائها ثم انسلت"، فهذا الاتهام ينبغي أن يوجه إليهم هم دون غيرهم، ونصوص كتبهم المقدسة وتفسيراتهم لها وسياساتهم وحروبهم كلها تنضح بأنهم أساس الإرهاب الفكري والعنف والتطرف.

 ومن أولى التهم الباطلة التي يرمي بها القوم الإسلام والمسلمين قولهم إن المسلمين لا ساميين، وهذا باطل وضلال فجذور مصطلح السامية" تمتد إلى التوراة كما يقول بهذا الكتاب المقدس؛ حيث قسَّم اليهود الأجاس البشرية في خطابهم الديني – توراة موسى –

إلى ثلاثة أقسام:

الساميون،

والحاميون،

واليافثيون (نسبة إلى أولاد نوح الثلاثة الناجون من الطوفان: سام، وحام، ويافث)،

ورغم أن العرب استنادًا إلى هذا التصنيف هم (ساميون) أيضًا، غير أنهم استبعدوا تمامًا من دلالات هذا المصطلح، وتم حصر السامية كعرق في اليهود فقدط دون غيرهم.

إضافة إلى ذلك، لم يعد هناك تمييز بين معاداة اليهود على أساس عرقي أو ديني، وبين معاداة إسرائيل ككيان ودولة، ومعاداة الصهيونية كأيديولوجية فكرية، ليصبح أي خلاف مع إسرائيل أو الصهيونية يصنف باعتباره عداءً عنصريًّا لليهود .. أي: معاد للسامية ..!!

 وقد صدر قانون "معاداة السامية" في حُمَّى الانتخابات الأمريكية لعام 2004.

 وصدّق عليه الكونجرس، ووقعه الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش (الابن) في (19أكتوبر، تشرين الأول/2004)، تحت وطأة تنافس الحزبين الرئيسين على الفوز بالمقعد الرئاسي، واستقطاب الولايات المتحدة الأمريكية.

 جاء في حيثيات القانون بالنص أن معاداة السامية حول العالم ظاهرة تصاعدت في الأشهر الماضية، ففي أستراليا تقول ديباجة القانون إنه كتب على أحد الجدران كلمات معادية لليهود ..

وفي روسيا هدمت شواهد 50 قبرًا يهوديًّا فيها .. وفي كندا كتبت شعارات نازية على جدران إحدى المدارس اليهودية، إضافة للتأكيد على تزايد معاداة السامية في العالمين العربي والإسلامي؛

كقيام دور نشر حكومية بطباعة كتب معادية للسامية، وكإقدام التليفزيون المصري الممول حكوميًّا بعرض مسلسل (فارس بلا جواد) الذي كُتِبَت قصتُه من وحي (بروتوكولات حكماء صهيون)، أو مسلسل (الشتات) على شاشة قناة (المنار) الفضائية اللبنانية.

 ورغم تفاهة وسذاجة وتهافت الأمثلة والشواهد التي تضمنها القانون كمبررات، إلا أننا مضطرون للتعامل معه بجدية، بعيدًا عن مدى قناعتنا بوجاتهته من عدمها.

 وتكمن خطورة هذا القانون في أن الإسرائيليين سيستغلونه حتى آخر نقطة حبر فيه (كمخلب قط) في وجه كل من يختلف معهم، ابتداء من العرب وحتى الأوروبيين أنفسهم مرورًا بكل دول العالم. فالإسرائيليون بارعون في العمل من خلف الكواليس لتفعيل معطيات مثل هذا القانون بما يخدم مصالحهم. وبدهي ..

 سوف يتخذونه ذريعة لإسكات أي صوت معارض لهم، وبالذات تلك الأصوات المعارضة للممارسات التوسعية والإرهابية الإسرائيلية. بمعنى أن تقف أي دولة عربية ضد السياسة الإسرائيلية،

 أو حتى أن تختلف مع سياسات حكام بني صهيون المتطرفين، فهذا يعني أنها "معادية للسامية"!،

فهذه هي التهمة الجاهزة بمنتهى الإيجاز، والمُعَدَّة سلفًا لكل من يحاول النيل من السياسة الإسرائيلية حسب القانون الأمريكي "معاداة السامية"، حيث يلزم هذا القانون وزارة الخارجية الأمريكية بمراقبة ورصد ظاهرة معاداة السامية، وإنشاء مكتب وممثل لها لمتابعة تنفيذ هذا القانون في أرجاء العالم.


كما أنه سيضطر الدبلوماسية الأمريكية رسميًّا لتقمص دور "المحامي" عن إسرائيل وعن سياستها، ونهجها التوسعي والعدائي والإجرامي، وهو ما سيكرس في الذهنية العربية والإسلامية ظاهرة "العداء لأمريكا" التي هي المنهل الرئيس الذي ينهل منه المقاوم والاستشهادي العربي.

إننا إذا أردنا أن نتحدث عن الخطاب الديني الصهيوني الصليبي فلابد – أولاً – من التنبه إلى الحقيقة التالية، وهي: أن الديانتين اليهودية والمسيحية يضمهما كتاب واحد، هو الكتاب المقدس. فالجزء الأول من الكتاب المقدس (أي العهد القديم) هو الديانة اليهودية، وجزئي الكتاب المقدس معًا: الجزء الأول والجزء الثاني (العهد الجديد) يمثلان الديانة المسيحية، وبالتالي فإن نصوص الديانة اليهودية هي نصوص ملزمة للشعب المسيحي أيضًا، ومعترف بها من قبل الديانة المسيحية.

 والآن، لا خلاف على أنه يوجد اتفاق تام على أن اليهود يستقون فكرهم وحركتهم في الحياة من تعليمات التوراة والتلمود اليهودي؛ حيث يقول "يوري إيفانوف" في كتابه "الصهيونية حذار!":

 .. إن دائرة الأفكار التي يسمم بها الصهاينة عقول أطفالهم والتي يُرجَى منها أن تستقر في أفهامهم تبدأ عادة بالتوراة.


ويؤكد "أندريه شوراكي" في كتابه "دولة إسرائيل"، أن جميع اليهود يعمدون إلى الرجوع في كل مناسبة إلى الماضي الذي تضمنته التوراة وروح الأنبياء، وإلى الدور التاريخي والروحي للشعب اليهودي؛ أي: يرجعون إلى قلب التراث الضخم، الروحي والفكري والأخلاقي والقانوني للتاريخ العبري.

أما "فيكتور مالكا" فَيَرَى في كتابه "مناحيم بيجن .. التوراة والبندقية"، أن اليهود استقوا من توراتهم تعليمات في أعمال العنف، واستخدام القوة،

 فقد جُمِعت قوانين الحرب في العهد القديم في سفر التثنية، وهي تحدد لهم أسلوب الاستيلاء على المدن، وأسلوب التعامل وإبادة أهلها، وهذه القوانين يعدها القادة الإسرائيليون مصدرًا للوحي وشريعة مقدسة لاستئناف البعث اليهودي في فلسطين، على أساس أن كل جريمة تصبح شرعية وقانونية من أجل تحقيق وعد الرب.

وإذا أردنا الحديث عن قوانين الحرب من المنظور اليهودي – المسيحي فلابد من قراءة هذا النص:
[(10) حين تقرب من مدينة لكي تحاربها، استدعها إلى الصلح (11) فإن أجابتك إلى الصلح وفتحت لك فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير،

ويستعبد لك (12) وإن لم تسالمك بل ملت معك حربًا فحاصرها (13) وإذا دفعها الرب إلهك إلى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف (14) وأما النساء والأطفال والبهائم وكل ما في المدينة كل غنيمتها فتغتنمها لنفسك وتأكل غنيمة أعدائك التي أعطاك الرب إلهك (15) هكذا تفعل بجميع المدن البعيدة منك جدًّا التي ليست من مدن هؤلاء الأمم هنا (16) وأما مدن هؤلاء الشعوب التي يعطيك الرب إلهك نصيبًا فلا تستبق منها نسمة ما].

 [الكتاب المقدس: تثنية (20): 10 – 16].

 وهكذا فنحن أمام نص قاتل وفي منتهى الوحشية .. لا يخضع لأي ضوابط أخلاقية أو قيم .. سوى العنصرية في أبغض معانيها .. لتحقيق الأهواء والرغبات الشخصية في احتلال وإبادة الآخر. نص يدعو الشعب اليهودي (ومعه مسيحية المحبة) لذبح .. وقتل .. واستعباد .. ونهب ممتلكات الغير، لا لسبب إلا لاختلاف الدين والرغبة في اغتصاب الأرض والثروات (وهو الحادث فعلاً في الوقت الحالي).

ويؤيد التفسير التطبيقي للكتاب المقدس (الرأي الرسمي للكنيسة الأرثوذكسية العربية) هذا المنظور تمامًا بل ويعطي الحق لبني إسرائيل للأخذ به ..

حين يقول (ص392): [كيف يمكن لإله رحيم أن يأمر بإهلاك كل المراكز الآهلة بالسكان؟ لقد فعل ذلك لحماية بني إسرائيل من عبادة الأوثان، التي كانت ولا بد، ستجلب الخراب عليهم] (انتهى).

 وكما نرى، لكي يحمي هذا الإله الرحيم بني إسرائيل في دينهم .. أمرهم بإبادة شعوب هذه المنطقة عن بكرة أبيهم. وأتساءل: أين قبول الآخر في هذا التفسير؟ وأين حرية الأديان في ظل هذه المنظومة الدينية؟

وأين قبول التعايش السلمي مع الأديان الأخرى..؟

وإذا كان هذا الإله رحيمًا كما يقولون.. ألم يكن من الأجدر به أن يأمر بني إسرائيل بدعوة هذه الشعوب لاعتناق الديانة اليهودية بدلاً من الدعوة لإبادتهم؟ وإذا كان الإله رحيمًا كما يزعمون .. ألم يكن من الأذكى به أن يقول لشعبه كما يقول للمسلمين في علاقتهم مع شعوب الأديان الأخرى؟

[عَسَى اللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ] الممتحنة: 7.
والسؤال الآن: هل يمكن للكنائس أن تعصي هذا الأمر الإلهي السابق بإبادة كل من لا يتفق معها في الدين؟

 بدهي: لا؛ لأن إلههم نفسه (أي مسيح المحبة)

 يقول لهم: [(27) أما أعدائي أولئك الذين لم يريدوا أن أملك عليهم فأتوا بهم (فأحضروهم) إلى هنا واذبحوهم قُدَّامي].[الكتاب المقدس: إنجيل لوقا (19): 27].

 حيث يقول التفسير التطبيقي للكتاب المقدس (ص2139)، أي الرأي الرسمي للكنيسة الأرثوذكسية، عن معنى هذا النص: [إن عالمنا في حالة حرب أهلية..

فبعض الناس أمناء للَّـه، بينما البعض الآخر يرفضون الاعتراف بسيادته (أي بسيادة المسيح كإله).. بل قد نجد بين خدام اللَّـه أناسًا أقرب إلى الأعداء منهم إلى الرعايا الأمناء.

وسيأتي الرب يومًا ما ليضع نهاية الحرب الأهلية، وذلك حين يحطم أعداءه ويخلق أرضًا جديدة، فعلى أي جانب ستقف يا ترى؟]. (انتهى).

 وبدهي، ستقف شعوب العالم المسيحي في جانب الرب!

ولهذا تعاتب الكنيسة الأرثوذكسية بني إسرائيل على أنهم لم يقضوا على شعوب هذه المنطقة تمامًا، ويأتي هذا العتاب في رأيها الرسمي في التفسير التطبيقي للكتاب المقدس لهذا النص المقدس (ص392)

في كلماتها التالية: [وفي الحقيقة؛ لأن بني إسرائيل لم يقضوا تمامًا على هذه الشعوب الشريرة كما أمرهم اللَّـه، تعرضوا باستمرار لاضطهادهم، وإلى كثير من سفك الدماء والتخريب، أكثر مما لو كانوا أطاعوا توجيهات اللَّـه قبل كل شيء.]. (انتهى).

 وكما نرى؛ فإن الكنيسة الأرثوذكسية العربية (متفقة في هذا مع سائر الكنائس الأخرى) تعاتب بني إسرائيل – برقة – على أنهم لم يستمعوا إلى أوامر الرب القاضي بإبادة شعوب هذه المنطقة على أيديهم، وليت الأمر اقتصر على هذا المعنى فحسب..

بل امتد إرهاب بني إسرائيل – ومعهم مسيحية المحبة – ليشمل افتراس الأعداء وشرب دمائهم أيضًا.. كما يأتي هذا في النص التالي: [(24) هو ذا شعب يوقم كَلَبْوةً ويرتفع كأسد، لا ينام حتى يأكل فريسة ويشرب دم قتلى]. [الكتاب المقدس: عدد23: 24].

 وعلى هذه المفاهيم تقوم التنشئة العسكرية عند اليهود.. والرحمة ليست سمة من سمات اليهودي أو المسيحي عند التعامل مع الأعداء؛ ففي سفر حزقيال،

 يقول الرب في وصيته لبني إسرائيل، وهي وصية نافذة المفعول لكل من يؤمن بالكتاب المقدس، أي هي وصية للشعوب المسيحية أيضًا: [(5) ..

اعبروا في المدينة (أورشليم) خلفه (أي خلف القائد) واقتلوا.. لا تترأف عيونكم ولا عفوا (6) أهلكوا الشيخ والشاب والعذراء والطفل والنساء..].

[الكتاب المقدس – كتاب الحياة: حزقيال (9): 5 – 6].


وينقلب الخطاب الدينين اليهودي على كل من هو غير يهودي (بما في ذلك المسيحيين أيضًا)؛ حيث يؤكد هذا الخطاب على أنه لا حرمة لغير اليهودي، فغير اليهودي (أو الأمميون) هم كالكلاب بل الكلاب أفضل. وبيوت الأمميين هي زرائب حيوانات، فهم أشبه بالخنازير،

وقد خلقهم "يهوه" (أي: اللَّـه) على هيئة إنسانية حتى يستطيع اليهود التعامل معهم، وليكونوا أهلا لخدمتهم. فاليهود قد خلقت الدنيا من أجلهم ..

ومن حقهم اغتصاب النساء الأجنبيات غير اليهود .. كما يعتقدون أن اليهودي معتبر عند اللَّـه أكثر من الملائكة، ومن ضرب يهوديًّا فكأنما ضرب العزة الإلهية ويستحق الموت.

ولولا اليهود لنزعت البركة من الأرض، ولَمَا خلق اللَّـه السماوات والأرض. ومن تعاليمهم أن "الأجنبي" إذا احتاج نقودًا فعلى اليهودي أن يغلظ له في الربا حتى يعجز عن سداد ما عليه ويتنازل عن جميع ممتلكاته، كذلك يحرم عليه إنقاذه، وإذا اختلى به فعليه قتله وغشه. ويعتقد اليهود بأنهم "شعب اللَّـه المختار

ويقولون: لقد خلقنا اللَّـه لنمتطي ظهور غير اليهود لمنفعتنا؛ لذلك يجب أن نزوج بناتنا الجميلات للملوك والوزراء حتى تكون لنا الكلمة العليا في الدنيا، كما نجعلهم يحاربون بعضهم بعضا.

http://www.shareah.com/index.php?/records/view/action/view/id/3815/

ليست هناك تعليقات: