الجمعة، 24 أبريل 2009

الصواعق المرسلة على مقارنة النصصارى بين السيد المسيح ومحمد رسول الإسلام الباطلة

 الصواعق المرسلة على مقارنة النصارى بين المسيح ومحمد رسول الله الباطلة
 

 

الحمد لله الذي لم يتخذ ولداً , ولم يكن له شريك في الملك , ولم يكن له ولي من الذل , وما كان معه من إله , الذي لا إله إلا هو ولا خالق غيره ولا رب سواه , المستحق لجميع أنواع العبادة ولذا قضى أن لا نعبد ألا إياه , وذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير , وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , له الملك الحق العلي الكبير , تعالي في ألوهيته  وربوبيته عن الشريك والوزير , وتقدس في أحديته وصمديته عن الصاحبة والولد والولي والنصير , تنزه في صفات كماله ونعوت جلاله عن الكفؤ والنظير , وعز في سلطان قهره وكمال قدرته عن المنازع والمغالب والمشير , وجل في بقائه وديمومته وغناه وقيوميته عن المطعم والمجير , وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله البشير النذير , المرسل إلى الناس كافة بالملة الحنيفية والهدى المنير , بعثه الله عز وجل رحمة للعالمين , وأنزل عليه كتابه المهيمن والنور المبين والهدى المستبين , والمنهج المستنير .

 

نتصفح المواقع النصرانية , ونقلبها ونغربلها , ونرى من الأكاذيب والإفتراءات ما الله به عليم , ولكن قد تجد مقالة أو موضوعاً ما في موقع من مواقع النصارى , يستفزك ويشدك إلى الرد عليه وإفحام كاتبه بل وأن تهشمه تهشيماً , لما فيه - أى المقالة أو الموضوع - من بهتان عظيم وإفك مبين وكذب مفترى على سيد الورى , خاتم الأنبياء والمرسلين , وإمام الهدى والنور المبين , كما قال عنه الله جل جلاله في كتابه الكريم : قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ [المائدة : 15] ومن الواضح جداً في هذه الآية دون اللجوء إلى التفاسير أن محمداً صلى الله عليه وسلم هو النور الذي جاء من الله , والكتاب المبين هو القرآن الكريم , وفي الآية الأخرى البينة : وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ [الشورى : 52] فقال الله عن النبي أنه يهدي إلى صراط مستقيم بما أتاه الله من علم وحكمة وكتاب ولكن النصارى يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ [التوبة : 32] , فقاموا بعمل جدول هزيل , مقسم إلى عمودين , العمود الأول خاص بالمسيح عليه السلام , معبود النصارى , والعمود الثاني لمحمد صلى الله عليه وسلم نبي الإسلام , وحاولوا جاهدين أن يجعلوا كفة المسيح في الميزان هي الثقيلة وكفة النبي محمد صلى الله عليه وسلم هي الخفيفة , يريدون بذلك أي يترك المسلم تبعيته لرسول الله صلى الله عليه وسلم ويتبع النصارى في ضلالهم , وسوف ابدأ بسم الله مستعيناً راضي به مدبراً معيناً , في نقض هذه المقارنة المغفلة الباطلة .

 

رجاء لأي صديق غير مسلم : تحمل الصواعق المرسلة واصبر حتى تنتهي من المقالة كلها .

ملحوظة مهمة جدا : الكذب أيسر من الصدق فلا تعجبوا من طول المقالة .

ملحوظة أهم : هذه المقالة مكتوبة للمسلم قبل المسيحي لأن الأولى عندنا هو الحفاظ على المسلم بدل من دعوة غيره إلى الإسلام .

 

بعض الملاحظات المهمة قبل تفنيد نقاط المقارنة :

عنوان الجدول هو : مقارنة بين السيد المسيح ومحمد رسول الإسلام وتعاليم كل منهما , ولنا في هذا العنوان عدة وقفات :

 

الوقفة الأولى : مع الجزء الأول من العنوان : مقارنة بين السيد المسيح ومحمد رسول الإسلام :

هل المقارنة في محلها من المنظور المسيحي ؟ أو حتى في منظور العقل والمنطق ؟

 

من هما طرفي المقارنة ؟ في المنظور المسيحي طرفي المقارنة هما إله وعبد مخلوق :

- هل يستويان مثلاً ؟

- هل نستطيع المقارنة بينهما ؟

- أين وجوه المقارنة بين الإله والعبد ؟

- أم أن الإله قد تَدَنَّى إلى مرتبة العبد ووصل إلى مستواه فحينها نستطيع أن نقارن بينهما ؟

- أم أن العبد قد أرتفع وعلا إلى مرتبة الألوهية فلذا قد صار نداً للإله ويمكن وقتها المقارنة ؟

- لماذا لم تكن المقارنة بين المسيح عليه السلام وبين الله عز وجل من خلال الأحاديث القدسية والآيات القرآنية مثلاً ؟

- لماذا لم تكن المقارنة بين الله الآب في الكتاب المقدس وبين الله عز وجل في القرآن الكريم ؟

 

ولكن الحقيقة هي الآتي : عقل المسيحي الباطن متيقن بأن المسيح عليه السلام لا يمكن مقارنته إلا مع بشر مثله , فهو إنسان ومحمد صلى الله عليه وسلم إنسان لذا فيمكن المقارنة بينهما , فلا يعقل المسيحي أبداً أن يقارن بين الله الآب وبين محمد صلى الله عليه وسلم , لأنه لا يكون هناك وجهاً للمقارنة , حيث أن المسيحي عالم علم اليقين بأن الآب هو الله العلي الكبير الذي لا يمكن أن يقارن مع شيء أبداً لأنه ليس كمثله شيء , الذي قال عنه بولس : 1Ti 6:16 الَّذِي وَحْدَهُ لَهُ عَدَمُ الْمَوْتِ، سَاكِناً فِي نُورٍ لاَ يُدْنَى مِنْهُ، الَّذِي لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَاهُ، الَّذِي لَهُ الْكَرَامَةُ وَالْقُدْرَةُ الأَبَدِيَّةُ. فهذا هو الإله , والمسيحي يعلم هذا علم اليقين ,  فلذا لا يستطيع أن يقارن بينه وبين أحد البتة , لذا قد حكمنا على المقارنة بين المسيح عليه السلام ومحمد صلى الله عليه وسلم مقارنة باطلة , من المنظور المسيحي .

 

الوقفة الثانية : مع الجزء الثاني من العنوان : تعاليم كل منهما :

 

لماذا يحاول المسيحي جاهداً بشتى المحاولات والطرق , أن يفرق بين محمد صلى الله عليه وسلم وأخيه عيسى عليه السلام ؟ لماذا يحاول متوهماً أن يجعل هناك فارق بين تعاليم الرسولين العظيمين , أين محبة المسيحي في قبول الجميع ؟ هل يجب عليه لكي ينشر الديانة المسيحية أن يحقر من شأن الآخرين ؟ ألا توجد عندهم بضاعة قيمة تفرض نفسها في السوق دون مقارنة وتحقير للآخرين , ام أن بضاعتهم مزجاة لا تنتشر إلا بتحقير بضاعة الآخرين ؟ , ولكن دعنا نرى , هل تعاليم المسيح من عند نفسه ؟ وهل تعاليم النبي محمد صلى الله عليه وسلم من عند نفسه ؟

يقول الكتاب المقدس عن مصدر تعاليم يسوع الآتي :

 

Joh 12:49 لأَنِّي لَمْ أَتَكَلَّمْ مِنْ نَفْسِي لَكِنَّ الآبَ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ أَعْطَانِي وَصِيَّةً: مَاذَا أَقُولُ وَبِمَاذَا أَتَكَلَّمُ.
Joh 12:50 وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّ وَصِيَّتَهُ هِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ.
فَمَا أَتَكَلَّمُ أَنَا بِهِ فَكَمَا قَالَ لِي الآبُ هَكَذَا أَتَكَلَّمُ».

 

فالكتاب يؤكد ان تعاليم المسيح وأقواله من عند الآب , ليس من عند نفسه , فهو يقول بما يوصيه الآب له حيث أنه أعطاه وصية بماذا يقول وبماذا يتكلم , فالتعاليم إذن ليست له , فلا يجب أن نقول بأن هذه التعاليم هي تعاليم المسيح عليه السلام نفسه , حيث أنها تعاليم الله وشريعته التي بلغنا إياها المسيح عليه السلام كما قال هو بنفسه : Joh 8:40  أَنَا إِنْسَانٌ قَدْ كَلَّمَكُمْ بِالْحَقِّ الَّذِي سَمِعَهُ مِنَ اللَّهِ. والحال نفسه بالنسبة إلى محمد صلى الله عليه وسلم , فتعاليمه ليست من نفسه بل هي وحي من عند الله عز وجل كما في الآيات الآتية :

 

وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ [الشورى : 52]

 

التفسير الميسر : وكما أوحينا إلى الأنبياء من قبلك -أيها النبي- أوحينا إليك قرآنًا من عندنا، ما كنت تدري قبله ما الكتب السابقة ولا الإيمان ولا الشرائع الإلهية؟ ولكن جعلنا القرآن ضياء للناس نهدي به مَن نشاء مِن عبادنا إلى الصراط المستقيم. وإنك -أيها الرسول- لَتَدُلُّ وَتُرْشِدُ بإذن الله إلى صراط مستقيم- وهو الإسلام .

 

وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى {1} مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى {2} وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى {3} إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى {4} عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى {5} النجم

 

التفسير الميسر : أقسم الله تعالى بالنجوم إذا غابت, ما حاد محمد صلى الله عليه وسلم عن طريق الهداية والحق, وما خرج عن الرشاد, بل هو في غاية الاستقامة والاعتدال والسداد, وليس نطقه صادرًا عن هوى نفسه. ما القرآن وما السنة إلا وحي من الله إلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم. علَّم محمدًا صلى الله عليه وسلم مَلَك شديد القوة.

 

بل أن الأصل في العقيدة الإسلامية ان جميع الأنبياء أصحاب والرسل مصدر تعاليمهم وعقائدهم وشرائعم واحد :

 

( إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً {163} وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيماً {164} رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً {165} ) [النساء : 163-165]

 

التفسير الميسر : إنا أوحينا اليك -أيها الرسول- بتبليغ الرسالة كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده, وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط -وهم الأنبياء الذين كانوا في قبائل بني إسرائيل الاثنتي عشرة من ولد يعقوب- وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان. وآتينا داود زبورًا, وهو كتاب وصحف مكتوبة. وأرسلنا رسلا قد قصصناهم عليك في القرآن من قبل هذه الآية, ورسلا لم نقصصهم عليك لحكمة أردناها. وكلم الله موسى تكليمًا؛ تشريفًا له بهذه الصفة. وفي هذه الآية الكريمة, إثبات صفة الكلام لله -تعالى- كما يليق بجلاله, وأنه سبحانه كلم نبيه موسى -عليه السلام- حقيقة بلا وساطة. أرسَلْتُ رسلا إلى خَلْقي مُبشِّرين بثوابي, ومنذرين بعقابي; لئلا يكون للبشر حجة يعتذرون بها بعد إرسال الرسل. وكان الله عزيزًا في ملكه, حكيمًا في تدبيره.

 

فهذه هي العقيدة الإسلامية في الرسل والأنبياء , بل أننا نؤمن إيمانا جازماً بأن هؤلاء الرسل الأعلام جميعهم كانوا على دين واحد :

 

شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ [الشورى : 13]

 

التفسير الميسر : شرع الله لكم- أيها الناس- من الدِّين الذي أوحيناه إليك -أيها الرسول، وهو الإسلام- ما وصَّى به نوحًا أن يعمله ويبلغه, وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى (هؤلاء الخمسة هم أولو العزم من الرسل على المشهور) أن أقيموا الدين بالتوحيد وطاعة الله وعبادته دون مَن سواه، ولا تختلفوا في الدين الذي أمرتكم به, عَظُمَ على المشركين ما تدعوهم إليه من توحيد الله وإخلاص العبادة له, الله يصطفي للتوحيد مَن يشاء مِن خلقه، ويوفِّق للعمل بطاعته مَن يرجع إليه.

 

فلماذا تكون هناك مقارنة بين تعاليمهم هي جميعها من مصدر واحد وهو الله عز وجل ؟

 

تفنيد نقاط المقارنة :

سوف نذكر ما جاء في الجدول تماما ثم نقوم بتفنيدها على وجه مفصل بإذن الله عز وجل .

منهجنا في تفنيد نقاط المقارنة :

1. رد اللبس والتدليس وبيان الكذب على الإسلام وعلى رسول الله .

2. وتصحيح المفاهيم المغلوطة من حيث إستعمال النصوص المسيحية .

________________________________________

 

* النقطة الأولى في المقارنة :

 

* تفنيد النقطة الأولى :

نواجه في هذه النقطة تدليساً كبيراً واضحاً جلياً - كما سنواجه في باقي النقاط - فهنا يخلط الأستاذ المسيحي صاحب المقارنة بين الموت المكتوب على العباد ومن بعدها البعث والحساب , والموت الذي يقصد به - من المنظور المسيحي والإسلامي أيضاً - البعد عن الله والخسارة في الآخرة .

وبيان التدليس هنا بسيط جداً , وهو بمجرد قراءة الآية التالية وعدم إخراجها من سياق الآيات :

 

إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ {30} ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ {31} سورة الزمر

 

أى أن الآية تقول بأن الجميع سوف يموتون , فلماذا وجه الله عز وجل الخطاب للنبي وقال إِنَّكَ مَيِّتٌ ؟ أقول , هذا بيان تفضيل رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث أنه أحب الخلق إلى الله عز وجل , فيبين لنا الله عز وجل , إنه إن كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم سوف يموت , فبالأحرى سيموت الجميع , لأنه إن كان الله عز وجل مفضلاً أحداً ألا يموت لكان النبي صلى الله عليه وسلم , حيث قال الله عز وجل : وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ [الأنبياء : 34] , فانظر إلى الإستفهام الإستنكاري من الله عز وجل وكأنه يقول لنا أنه إذا مات النبي محمد صلى الله عليه وسلم , فبالتلي سيموت كل مخلوق , وهذا بسبب أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو أحب مخلوق إلى الله عز وجل حيث يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث المذكور في صحيح مسلم : 6326 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ خَلِيلاً لاَتَّخَذْتُ ابْنَ أَبِى قُحَافَةَ خَلِيلاً وَلَكِنْ صَاحِبُكُمْ خَلِيلُ اللَّهِ ». ونعلم أن مرتبة الخِلة هي أعلى درجات المحبة وقد نالها إبراهيم عليه السلام : وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً [النساء : 125] , فإنه إن ذكر في الحديث القدسي ان الله عز وجل يكره مسائة العبد المؤمن بإماتته 1 وهذا هو العبد المؤمن المحب لله عز وجل وقد يبلغ هذه الدرجة اي عبد الصالح , فمن الأولى أن لا يموت النبي محمد صلى الله علي وسلم حيث أنه خليل الله عز وجل .

 

أما تفسير الموت الذي يعنون به البعد عن الله عز وجل والخسارة في الآخرة فهذا المعنى باطل على رسول الله صلى الله عليه وسلم , بل هو كما قيل عن المسيح عليه السلام في الكتاب المقدس حيث قال الله في كتابه الكريم : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ [الأنفال : 24] ويقول في هذه الآية في تفسير الجلالين : (إذا دعاكم لما يحييكم) من أمر الدين لأنه سبب الحياة الأبدية , فهذا بيان جلي أن محمداً صلى الله عليه وسلم يدعوا إلى الحياة الأبدية كما يدعوا إليها المسيح عليه السلام : Joh 12:50 وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّ وَصِيَّتَهُ هِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ. فيقول الله عز وجل عن من يتبع النبي محمد صلى الله عليه وسلم : أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ [الأنعام : 122] وعن هذه الآية في تفسير الجلالين : (أو من كان ميتا) بالكفر (فأحييناه) بالهدى , وهذا هو المقصود من أن أتباع المسيح عليه السلام سيكونون أحياء وإليكم التفصيل ببعض النصوص :

 

يقول يوحنا في رسالته :

 

1Jn 5:11 وَهَذِهِ هِيَ الشَّهَادَةُ: أَنَّ اللهَ أَعْطَانَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَهَذِهِ الْحَيَاةُ هِيَ فِي ابْنِهِ.

 

أي أنه يقول ان هذه الحياة هي مأخوذه من المسيح عليه السلام الذي بلغ التعاليم ويقول المسيح عليه السلام في إنجيل يوحنا :

 

Joh 5:24 «اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ يَسْمَعُ كلاَمِي وَيُؤْمِنُ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ وَلاَ يَأْتِي إِلَى دَيْنُونَةٍ بَلْ قَدِ انْتَقَلَ مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ.


فهذا نص محكم بين واضح لا يفهم معناه إلا صاحب العقل السقيم , يوضح بأن من يسمع كلام المسيح - الذي مصدره هو الآب
فَمَا أَتَكَلَّمُ أَنَا بِهِ فَكَمَا قَالَ لِي الآبُ هَكَذَا أَتَكَلَّمُ - ويؤمن بالذي أرسله - الذي هو الآب أيضاً - فله حياة أبدية ولا يدان , وهنا يصف حال هذا الذي قد سمع كلام المسيح و آمن بالذي أرسله بأنه قد انتقل من الموت إلى الحياة فتذكر الآية التي تقول أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ والآية الأخرى التي تقول يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ لتعرف كيف دلس صاحب المقارنة في هذه النقطة .

 

والأعجب من هذا ان المسيح عليه السلام يقول :

 

Joh 17:3 وَهَذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلَهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ.

 

أى ان هذه هي التعاليم أو الوصايا التي يجب أن تؤمن بها حتى تكون لك الحياة الأبدية وهي بإختصار : لا إله إلا الله عيسى رسول الله .

فعندما يقول المسيح إِنِّي أَنَا حَيٌّ , فهذه الحياة قد أعطاها إياه الله الآب :

 

Joh 5:26 لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الآبَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ كَذَلِكَ أَعْطَى الاِبْنَ أَيْضاً أَنْ تَكُونَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ.

Joh 10:29 أَبِي الَّذِي أَعْطَانِي إِيَّاهَا هُوَ أَعْظَمُ مِنَ الْكُلِّ وَلاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْطَفَ مِنْ يَدِ أَبِي.

 

فهو ليس كالله عز وجل الذي قال عن نفسه : اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ [آل عمران : 2] المتصف بالحياة الكاملة كما يليق بجلاله, القائم على كل شيء , وقال الله عز وجل أيضاً : وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ [الفرقان : 58] ولا يختلف أي مسيحي على أن المسيح عليه السلام مات في عقيدته ثلاثة أيام وثلاثة ليالي . وفي هذه النقطة أقول ختاماً لأوضح أن الإسلام يقول بمفهوم الحياة الروحية والموت الروحي الآتي :

 

صحيح البخاري 6407 - عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « مَثَلُ الَّذِى يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِى لاَ يَذْكُرُ مَثَلُ الْحَىِّ وَالْمَيِّتِ » .

 

صحيح مسلم 1859 - عَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَثَلُ الْبَيْتِ الَّذِى يُذْكَرُ اللَّهُ فِيهِ وَالْبَيْتِ الَّذِى لاَ يُذْكَرُ اللَّهُ فِيهِ مَثَلُ الْحَىِّ وَالْمَيِّتِ ».

 

مسند أحمد 24145- عَنْ أَبَي الطُّفَيْلِ يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَمِعَ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ يَقُولُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَلاَ تَسْأَلُونِى فَإِنَّ النَّاسَ كَانُوا يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنِ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ نَبِيَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ فَدَعَا النَّاسَ مِنَ الْكُفْرِ إِلَى الإِيمَانِ وَمِنَ الضَّلاَلَةِ إِلَى الْهُدَى فَاسْتَجَابَ مَنِ اسْتَجَابَ فَحَىَّ مِنَ الْحَقِّ مَا كَانَ مَيِّتاً وَمَاتَ مِنَ الْبَاطِلِ مَا كَانَ حَيًّا ثُمَّ ذَهَبَتِ النُّبُوَّةُ فَكَانَتِ الْخِلاَفَةُ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ.

________________________________________

 

* النقطة الثانية في المقارنة :

 

* تفنيد النقطة الثانية :

في البداية نريد فقط تبيان جهل هذا الإنسان صاحب المقارنة , حيث أنه يقول ان الحديث مذكور في سنن الترمذي حديث رقم 2159 , وهذا غير صحيح مما يدخل على أن هذا الإنسان جاهل ناقل بدون تدقيق غير باحث عن الحق , فالحديث في الحقيقة مذكور في كتاب الفتن باب ما جاء في نزول عيسى عليه السلام الحديث رقم 2398 , وإليكم رابط الحديث :

 

http://www.al-eman.com/hadeeth/viewchp.asp?BID=9&CID=105#s4

 

أما الحديث رقم 2159 فهو حديث آخر تماما , في كتاب البر والصلة , باب ما جاء في العي , وها هو الحديث :

 

سنن الترمذي 2159 - عَنْ أَبِى أُمَامَةَ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « الْحَيَاءُ وَالْعِىُّ شُعْبَتَانِ مِنَ الإِيمَانِ وَالْبَذَاءُ وَالْبَيَانُ شُعْبَتَانِ مِنَ النِّفَاقِ ». http://www.al-eman.com/hadeeth/viewchp.asp?BID=9&CID=90#s28

 

فياليته دقق قليلاً قبل أن ينشر هذه المقارنة بما فيها من أكاذيب وجهالات وتدليسات .

 

الحدث المقصود هو 2398 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمُ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ وَيَفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لاَ يَقْبَلَهُ أَحَدٌ ». قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

 

يقول هذا الجاهل ان المسيح سوف يكون حاكم , بل أنه سيحاكم العالم , والحديث يقول ان المسيح سوف يكون حَكَم مقسط , أي أنه شخص عادل , الحاكم هو صاحب السلطة , والحكم هو من يقضي بين المختلفين فكيف يكون الحاكم كالحكم ؟ يستطيع الحاكم أن يكون حكماً ولكن لا يستطيع الحكم أن يكون حاكماً , ونحن نعلم أن محمد صلى الله عليه وسلم قد أوتي جوامع الكلم , كما جاء في الحديث :

صحيح البخاري 7013 - عَنْ أَبَي هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « بُعِثْتُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ ، وَبَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الأَرْضِ ، فَوُضِعَتْ فِى يَدِى » . قَالَ مُحَمَّدٌ وَبَلَغَنِى أَنَّ جَوَامِعَ الْكَلِمِ أَنَّ اللَّهَ يَجْمَعُ الأُمُورَ الْكَثِيرَةَ الَّتِى كَانَتْ تُكْتَبُ فِى الْكُتُبِ قَبْلَهُ فِى الأَمْرِ الْوَاحِدِ وَالأَمْرَيْنِ . أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ .

 

فالمعلوم ان كلام النبي محمد صلى الله عليه وسلم أبلغ الكلام فلماذا لم يقول ان المسيح عليه السلام حاكم عادل , أم أن الأستاذ كاتب المقارنة جاهل والتبس عليه الفارق بين الكلمتين ؟ , ويقول الأستاذ أيضاً أن المسيح عليه السلام سيحاكم العالم فمن أين جاء بهذا الفهم , والله لو قرأت الحديث ملايين المرات لما خرجت بهذا الفهم أبداً , ثم ينسب هذا الفهم إلى الإيمان الإسلامي , فحسبنا الله ونعم الوكيل على هذا الكذب والبهتان المفترى على العقيدة الإسلامية .

 

ثم يتشدق المسيحي قائلاً ( لماذا لم يقل عن عيسى أنه سيقوم من الاموات قبل أن ينزل على الارض .. و لكنه لم يذكر ذلك ، كدليل على أن عيسى حى حتى فى المنظور الاسلامى ولا ننسى أن محمد قد مات مثل البشر، ولكن عيسى حتى فى القرآن " رفعه الله " كما ورد فى سورة آل عمران 55 "إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك و رافعك إلي " و بالتالى هو لم يمت حتى فى المنظور الاسلامى! .. فأيهما تختار لتتبع .. الحى ام الميت ؟ ) فمن ذا الذي قال له أن المسلم يعتقد بموت المسيح عليه السلام , بل أنت أيها المسيحي تعتقد بموت المسيح لمدة ثلاثة أيام وثلاثة ليالي ثم أحياه الله ورفعه إلى السماء كما يقول بطرس في أعمال الرسل :

 

Act 2:32 فَيَسُوعُ هَذَا أَقَامَهُ اللهُ وَنَحْنُ جَمِيعاً شُهُودٌ لِذَلِكَ.
Act 2:33 وَإِذِ
ارْتَفَعَ بِيَمِينِ اللهِ وَأَخَذَ مَوْعِدَ الرُّوحِ الْقُدُسِ مِنَ الآبِ سَكَبَ هَذَا الَّذِي أَنْتُمُ الآنَ تُبْصِرُونَهُ وَتَسْمَعُونَهُ.

 

ولكن العقيدة الإسلامية تقول أن المسيح عليه السلام لم يقتل ولم يصلب بل رفعه الله إليه وأنه سوف يرجع إلى الأرض ويموت :

 

وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً {157} بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً {158} وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً {159} سورة النساء

 

يقول العلامة السعدي في تفسيره : وقوله: { وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ } يحتمل أن الضمير هنا في قوله: { قَبْلَ مَوْتِهِ } يعود إلى أهل الكتاب، فيكون على هذا كل كتابي يحضره الموت ويعاين الأمر حقيقة، فإنه يؤمن بعيسى عليه السلام ولكنه إيمان لا ينفع، إيمان اضطرار، فيكون مضمون هذا التهديد لهم والوعيد، وأن لا يستمروا على هذه الحال التي سيندمون عليها قبل مماتهم، فكيف يكون حالهم يوم حشرهم وقيامهم؟" . ويحتمل أن الضمير في قوله: { قَبْلَ مَوْتِهِ } راجع إلى عيسى عليه السلام، فيكون المعنى: وما من أحد من أهل الكتاب إلا ليؤمنن بالمسيح عليه السلام قبل موت المسيح، وذلك يكون عند اقتراب الساعة وظهور علاماتها الكبار.

 

وكلا الفهمين صحيحين لوجود الآثار على هذا , وهذه من بلاغة القرآن الكريم , في آية بسيطة يخبرك الله بأكثر من أمر ومعنى , فسبحان الله العظيم , يقول الله عز وجل عن كل إنسان : مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى [طه : 55] ويقول الله عز وجل عن المسيح عليه السلام : إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ [آل عمران : 59] وهكذا يقول الكتاب المقدس :

Gen 3:19 بِعَرَقِ وَجْهِكَ تَاكُلُ خُبْزا حَتَّى تَعُودَ الَى الارْضِ الَّتِي اخِذْتَ مِنْهَا. لانَّكَ تُرَابٌ وَالَى تُرَابٍ تَعُودُ».


فكل إنسان يجب أن يعود إلى الأرض الذي سوف يبعث منها , ونحن كمؤمنين نعتقد إعتقاداً جازماً أن المسيح الآن حي في السماء , وسوف يهبط إلى الأرض من جديد ويقتل المسيخ الدجال , ويعيش على الأرض حتى يأتيه اليقين . ونعيد ذكر الآية التي تقول : وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ [الأنبياء : 34] فما دام الرسول قد مات , فكل إنسان سواه سيموت , ويقول الله عز وجل أيضاً : وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [القصص : 88]

 

فهذه الآية تدل دلالة واضحة على أن كل شيء سوى الله عز وجل سيهلك , بما فيهم المسيح عليه السلام . ولكن لكي نُخْرِس كل لسان يتشدق بموضوع الحياة والموت هذا , نذكر الحديث الصحيح المورود في صحيح مسلم , الذي يفصل نزول المسيح عليه السلام في آخر الزمان :

 

صحيح مسلم 7560 - عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ قَالَ ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الدَّجَّالَ ذَاتَ غَدَاةٍ ... ثُمَّ يَهْبِطُ نَبِىُّ اللَّهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ إِلَى الأَرْضِ فَلاَ يَجِدُونَ فِى الأَرْضِ مَوْضِعَ شِبْرٍ إِلاَّ مَلأَهُ زَهَمُهُمْ وَنَتْنُهُمْ فَيَرْغَبُ نَبِىُّ اللَّهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ إِلَى اللَّهِ ... فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ اللَّهُ رِيحًا طَيِّبَةً فَتَأْخُذُهُمْ تَحْتَ آبَاطِهِمْ فَتَقْبِضُ رُوحَ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَكُلِّ مُسْلِمٍ وَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ يَتَهَارَجُونَ فِيهَا تَهَارُجَ الْحُمُرِ فَعَلَيْهِمْ تَقُومُ السَّاعَةُ ». 2

وهذا الحديث دليل آخر ان المسيح عليه السلام سوف يموت هو أيضاً ويقبض روحه , وهذا  لا يعيب المسيح عليه السلام في شيء فهو عبد مخلوق وسوف يموت كغيره من المخلوقات , وما كان الموت يهين أحداً في يوم من الأيام , ورداً على آخر جزء من كلامه ( فأيهما تختار لتتبع .. الحى ام الميت ؟ ) نرد عليه ونقول , إن كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم قد مات بجسده , فهو حي معنا بتعاليمه وأقواله وأعماله وسيرته كما يقول الله عز وجل في كتابه الكريم : وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ [الحجرات : 7] لذلك نحن نتبع محمد صلى الله عليه وسلم .

________________________________________

 

* النقطة الثالثة في المقارنة :

 

* تفنيد النقطة الثالثة :

في البداية نسأل سؤالاً بسيطاً , أين توجد كلمة سيف أو السيف بين دفتي القرآن الكريم كاملاً ؟ وعلى الوجه الآخر في الكتاب المقدس , تم ذكر كلمة سيف 224 مرة , فكيف بالله على كل عاقل , أن يتشدق في موضوع السيف هذا ؟ وفوق كل هذا قد قام الأستاذ الكاتب ببتر الآية , لأنه يعلم علم اليقين أنه لو وضع الآية كاملة لانكشف عوار حجته وإليكم الآية كاملة : يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفاً مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ [الأنفال : 65] فمن الواضح جدا ان الموضوع في الحرب , وليس حرباً عادياً بل أن المسلمين أقلية , عشرون مسلماً مقابل ألف كافر , فهلّا ترون - بالله على كل عاقل - أنه يجب على النبي محمد صلى الله عليه وسلم أن يشجع ويحرض المؤمنين على القتال والثبات في المعركة ؟ , أما لو رأيتم بدايات الآيات لرأيتم سماحة الإسلام على حق :

 

وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ {61} وَإِن يُرِيدُواْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللّهُ هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ {62} وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ {63} يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ {64} يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفاً مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ {65} سورة الأنفال

 

التفسير الميسر : وإن مالوا إلى ترك الحرب ورغبوا في مسالمتكم فمِلْ إلى ذلك -أيها النبي- وفَوِّضْ أمرك إلى الله, وثق به.

 

فهذا هو الإسلام , ( وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا ) الدين الذي يبحث دايماً عن السلام :

 

- فربنا هو السلام :

هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ [الحشر : 23]

- وهو جل جلاله يدعو إلى دار السلام :

وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ [يونس : 25]

- ونبينا يهدي أتباعه إلى سبل السلام :

يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ [المائدة : 16]

- ودينه الذي يدعوا إليه هو دين الإسلام :

إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ [آل عمران : 19]

- وتحيته مع المؤمنين سلام :

وَإِذَا جَاءكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ [الأنعام : 54]

- فيجزيهم الله عز وجل دار السلام في الآخرة بما كانوا يعملون :

لَهُمْ دَارُ السَّلاَمِ عِندَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ [الأنعام : 127]

- فيدخلوها بسلام :

ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ [قـ : 34]

- فيلقى عليهم فيها السلام :

الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [النحل : 32]

- ولا يسمعون فيها إلا قيلاً سلاماً سلاماً :

لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلَا تَأْثِيماً {25} إِلَّا قِيلاً سَلَاماً سَلَاماً {26} سورة الواقعة

 

فالحمد لله على نعمة الإسلام , دين السلام , الذي يبعث الخير في كل الورى والأنام .

وقد قام الأستاذ الكاتب بوضع آخر خانة في الجدول نفس الكلام تقريباً في الدعوة إلى السلام وأظن أننا هكذا قد رددنا عليه

وهذا طبعاً من إفلاس صاحب المقارنة وبحثه عن أي مواضيع مقارنة للإطالة فحسب .

وبعد كل هذا , نبين تدليساً عظيماً , حيث أنه لم يأتي بأمر المسيح المباشر باستعمال السيف وإليك النصوص من أولها :

 

Luk 22:34 فَقَالَ: «أَقُولُ لَكَ يَا بُطْرُسُ لاَ يَصِيحُ الدِّيكُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ تُنْكِرَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ أَنَّكَ تَعْرِفُنِي».
Luk 22:35 ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «حِينَ أَرْسَلْتُكُمْ بِلاَ كِيسٍ وَلاَ مِزْوَدٍ وَلاَ أَحْذِيَةٍ هَلْ أَعْوَزَكُمْ شَيْءٌ؟» فَقَالُوا: «لاَ».
Luk 22:36 فَقَالَ لَهُمْ: «
لَكِنِ الآنَ مَنْ لَهُ كِيسٌ فَلْيَأْخُذْهُ وَمِزْوَدٌ كَذَلِكَ. وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَلْيَبِعْ ثَوْبَهُ وَيَشْتَرِ سَيْفاً.
Luk 22:37 لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَتِمَّ فِيَّ أَيْضاً هَذَا الْمَكْتُوبُ: وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ. لأَنَّ مَا هُوَ مِنْ جِهَتِي لَهُ انْقِضَاءٌ».
Luk 22:38 فَقَالُوا: «
يَا رَبُّ هُوَذَا هُنَا سَيْفَانِ». فَقَالَ لَهُمْ: «يَكْفِي!».

 

ما هو أقصى مدى للتحريض على إستعمال السيف من أن يقول ( فَلْيَبِعْ ثَوْبَهُ وَيَشْتَرِ سَيْفاً ) ؟ يمشي عرياناً لكي يحمل السيف ؟ ولكننا لا نورد هذه النصوص لكي نقبح أو نقلل من شأن المسيح عليه السلام , بل سوف نكون مقسطين عدول في شرح النصوص , فالموضوع وما فيه هو أن المسيح عليه السلام كان يريد تلاميذه أن يدافعوا عنه كما ورد في القرآن الكريم : فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ [آل عمران : 52] ولكنه بعد ما ظهر ان عدد الجنود الرومان كثر وأنه لا قبل لهم بهم , قام المسيح عليه السلام بتغيير خطته وإليكم الموقف من الكتاب المقدس :

 

Luk 22:47 وَبَيْنَمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ إِذَا جَمْعٌ وَالَّذِي يُدْعَى يَهُوذَا - أَحَدُ الاِثْنَيْ عَشَرَ - يَتَقَدَّمُهُمْ فَدَنَا مِنْ يَسُوعَ لِيُقَبِّلَهُ.
Luk 22:48 فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «يَا يَهُوذَا أَبِقُبْلَةٍ تُسَلِّمُ ابْنَ الإِنْسَانِ؟»
Luk 22:49 فَلَمَّا رَأَى الَّذِينَ حَوْلَهُ مَا يَكُونُ قَالُوا: «
يَا رَبُّ أَنَضْرِبُ بِالسَّيْفِ؟»
Luk 22:50 وَضَرَبَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَبْدَ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ فَقَطَعَ أُذْنَهُ الْيُمْنَى.
Luk 22:51 فَقَالَ يَسُوعُ: «
دَعُوا إِلَى هَذَا!» وَلَمَسَ أُذْنَهُ وَأَبْرَأَهَا.

 

فإنه عندما رأى المسيح عليه السلام الجمع , وعلم أنهم لا قبل لهم بهم بمجرد هاتين السيفين , قرر أن يحفظ أرواح تلاميذه , إذ أنه رأى انهم لو هجموا بالسيوف ستكون المهمة إنتحارية , ولأننا لا نحتاج إلى تحقير معتقدات الآخرين , لن أضيف تعلقاً آخراً على هذا الجزء , ولكني فقط أعطيكم هذه الأحاديث النبوية الشريفة حتى تعرفوا أخلاق الأسلام والمسلمين , هل كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يحرض على إستخدام السيف والقتل والعنف في كل وقت وحين ؟

 

صحيح البخاري 10 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ » .

 

وانظر إلى تعاليم النبي صلى الله عليه وسلم عند الحروب , لترى رحمة وعدل الإسلام :

 

سنن البيهقي 18617- عَنْ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ :« انْطَلِقُوا بِاسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ لاَ تَقْتُلُوا شَيْخًا فَانِيًا وَلاَ طِفْلاً وَلاَ صَغِيرًا وَلاَ امْرَأَةً وَلاَ تَغُلُّوا وَضُمُّوا غَنَائِمَكُمْ وَأَصْلِحُوا وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ».

 

فيالها من ديانة عظيمة , ويالها من حقارة ووضاعة أن تكذب عليها .

________________________________________

 

* النقطة الرابعة في المقارنة :

 

* تفنيد النقطة الرابعة :

والله لولا خوفي على أن يفتن أحد البسطاء بهذه المقارنة لما كتبت عليها رداً , ولولا إنتشارها بكثرة لما أخذت قلمي وسطرت هذه السطور , حيث أن الحجة ضعيفة جدا جدا بل لا ياكد يكون هناك حجة مطلقاً , فبالله عليكم جميعاً , أين الغفران في النصوص التي قدمها صاحب المقارنة ؟

أول وأهم شيء , أن هذا مسيحي قام بالتدليس كعادته , فهو لا يفرق بين الحقوق والحدود وبين الإنتقام الأرعن الذي لا يحده حدود , وشتان بين هذا وذاك , ولكن من أين لمثل هذا أن يعلم الفارق , وليس هذا فحسب , بل أنه دلس تدليساً آخر , حيث أنه ورد النص المسيحي الذي يقول ( سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: عَيْنٌ بِعَيْنٍ وَسِنٌّ بِسِنٍّ. ) فكان عليه أن يأتي بالآية الكريمة التي تتحدث في نفس المجال , ولكني أقول وبكل صراحة , يا حسرة عليك يا مسيحي , لأنك مهما حاولت جاهداً ستبطل كل محاولاتك , فكان عليه أن يأتي بالآية الآتية : وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [المائدة : 45] ولكنه لن يستطيع أن يأتي بهذه الآية أبداً !! , أتدري لماذا ؟ لأن الآية تدعوا إلى الغفران ( فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ ) , يقول العلامة السعدي في تفسيره : { فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ } أي: بالقصاص في النفس، وما دونها من الأطراف والجروح، بأن عفا عمن جنى، وثبت له الحق قبله. { فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ } أي: كفارة للجاني، لأن الآدمي عفا عن حقه. والله تعالى أحق وأولى بالعفو عن حقه، وكفارة أيضا عن العافي، فإنه كما عفا عمن جنى عليه، أو على من يتعلق به، فإن الله يعفو عن زلاته وجناياته . لذلك لم يذكر هذه الآية , فإن أورد هذه الآية التي هي مناسبة لطرحه الأول لكانت أخزته وفضحته وبينت عوار حجته , فحاول جاهداً أن يبحث عن أي آية ليوردها حتى يقيم مقارنته الباطلة , ونقول أيضاً أن القرآن الكريم ينادي بأن يغفر الإنسان ويعفوا حيث قال الله عز وجل في كتابه الكريم : الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [آل عمران : 134] , وقال الله عز وجل أيضاً في كتابه الكريم : وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [البقرة : 109] , وقال الله عز وجل : وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [المائدة : 13] , ونختم بهذه الآية الكريمة الرائعة التي تقول : فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ [الزخرف : 89] , وأما عن فعل النبي صلى الله عليه وسلم في الغفران والعفو فلا يخفى عن الجميع ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في فتح مكة , حيث أنه كان بإمكانه أن يقتل ويذبح كل من عارضه من كفار أهل مكة لكنه قال قولته الشهيرة :

 

سنن البيهقي 18739- عَنْ أَبِى يُوسُفَ فِى هَذِهِ الْقِصَّةِ أَنَّهُ قَالَ لَهُمْ حِينَ اجْتَمَعُوا فِى الْمَسْجِدِ :« مَا تَرَوْنَ أَنِّى صَانِعٌ بِكُمْ؟ ». قَالُوا : خَيْرًا أَخٌ كَرِيمٌ وَابْنُ أَخٍ كَرِيمٍ. قَالَ :« اذْهَبُوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ ». فما أعظمك يا سيدي وحبيبي ورسولي محمد صلى الله عليك وسلم تسليماً كثيراً .

حتى عندما قام بإيراد آية قام كعادته ببتر الآية , لأن تكملة الآية تفضحه وتبين عدل الإسلام وقسطه والتوصية بعدم الجور والعدوان : الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ [البقرة : 194] وهذه توصية بتقوى الله عز وجل وعدم الجور والعدوان .

 

أما من ناحية النصوص المسيحية الوارد ذكرها في المقارنة فهاتين النصين من أكثر النصوص التي أعترض عليها إعتراضاً شديداً بل وأجزم تمام الجزم أن المسيح عليه السلام لم يقل هذه الكلمات مطلقاً ولم تخرج من بين شفتيه الكريمتين عليه السلام , أنظروا إلي سياق النصوص , النص يقول أنه قيل عين بعين وسن بسن , أما المسيح - والعياذ بالله - يقول لا تقاوموا الشر , أى أنه إذا جاء أحد إليك وفقأ عينك اليسرى , فاتركه يفقأ لك العين الأخرى , واتركه ينشر في الأرض الفساد والشر , فالمسيح - والعياذ بالله - يقول بالنص ( لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ ) وإني والله العظيم أقول , أن هذه الكلمات لا تخرج إلا من شيطان رجيم , فالشيطان يريدنا أن نظهر في الأرض الفساد والشر وأن لا نقاومها ولا نردها , بل نتركها تنتشر في الأرض , فقد قال الله عز وجل في كتابه الحكيم : كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ [آل عمران : 110] فنحن ننهى عن المنكر ولذلك نحن خير أمة .

 

أما حبيبنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم فيقول :

 

صحيح مسلم 186 - عَنْ أَبُو سَعِيدٍ سَمِعْ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ ».

 

سنن البيهقي 20702- عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ :« عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ فِى كُلِّ يَوْمٍ ». قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ. قَالَ :« لِيَعْتَمِلْ بِيَدِهِ فَيَنْفَعَ نَفْسَهُ وَيَتَصَدَّقَ ». قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ؟ قَالَ :« يُعِينُ ذَا الْحَاجَةِ الْمَلْهُوفَ ». قَالُوا : فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ؟ قَالَ :« يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ ». قَالُوا : فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ؟ قَالَ :« لِيُمْسِكْ عَنِ الشَّرِّ فَإِنَّ ذَلِكَ لَهُ صَدَقَةٌ ».

 

صحيح البخاري 2465 - عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ عَلَى الطُّرُقَاتِ » . فَقَالُوا مَا لَنَا بُدٌّ ، إِنَّمَا هِىَ مَجَالِسُنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا . قَالَ « فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلاَّ الْمَجَالِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهَا » قَالُوا وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ قَالَ « غَضُّ الْبَصَرِ ، وَكَفُّ الأَذَى ، وَرَدُّ السَّلاَمِ ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ ، وَنَهْىٌ عَنِ الْمُنْكَرِ » .

 

فكيف بعد كل هذا يتفاخر هذا المسيحي بقول المسيح - والعياذ بالله - على عدم مقاومة الشر ؟ إن هذا لشيء عجاب .

________________________________________

 

* النقطة الخامسة في المقارنة :

 

* تفنيد النقطة الخامسة :

في البداية نشكر الأستاذ المسيحي على النقل الصحيح من كتاب الشيخ الألباني , رغم أنه أيسر له أن يخرج الحديث من سسن الترمذي , ولكن لا يهمنا هذا كثيراً , ولكن لعلكم لاحظتم كم النصوص التي استخدمها في هذه النقطة , وقد أتى بآية وحديث , وكأنه يقول لنا أن هذه هي أهم نقطة في المقارنة وأنه لا بد له أن ينتصر فيها للمسيح عليه السلام , ولكننا نقول الآتي :

 

إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً {1} لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً {2} وَيَنصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً {3} هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَّعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً {4} لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِندَ اللَّهِ فَوْزاً عَظِيماً {5} سورة الفتح

 

السؤال هنا : المسلم يؤمن بعصمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم , فكيف يقول له الله عز وجل أن يستغفر لذنبه ؟

 

في تفسير الجلالين : (واستغفر لذنبك) لأجله قيل له ذلك مع عصمته لتستن به أمته وقد فعله قال صلى الله عليه وسلم إني لأستغفر الله في كل يوم مائة مرة . - وإليكم هذا الحديث الشريف الذي يوضح مدى إجتهاد النبي محمد صلى الله عليه وسلم رغم ما ناله من فضل من الله :

صحيح البخاري 4836 - عَنْ الْمُغِيرَةَ يَقُولُ قَامَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى تَوَرَّمَتْ قَدَمَاهُ فَقِيلَ لَهُ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ قَالَ « أَفَلاَ أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا » .

 

فإذا علمت أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم يفعل هذا , وهو سيد ولد آدم كما في الحديث , فمن الأولى لنا نحن الأناس العاديين أن نجتهد أكثر وأكثر في العبادة والتضرع والإستغفار والتوبه حتى يرضى الله عنا ويغفر لنا ذنوبنا , وهذا أيضاً بشأن الحديث وأي حديث يوجد فيه إستغفار للنبي محمد صلى الله عليه وسلم , فالحديث في الصلاة , وهو دعاء الإستفتاح , فنحن نقول كما قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم , وهكذا ايضاً السهو في الصلاة , فنحن لا نقول بأن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قد سهى فعلاً في الصلاة , بل أنه علمنا هكذا لكي عندما نسهو نحن , نفعل كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم , وهذا يكون خطاباً للنبي صلى الله عليه وسلم والمرجوا منه غيره من الأتباع فنفعله كما فعلها النبي .

 

صحيح مسلم 6079 - عَنْ أَبُي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْرُ وَأَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ ».

 

وكان من المعروف ان النبي محمد صلى الله عليه وسلم كان يلقب بالصادق الأمين من قبل أن يكون نبياً رسولاً , وهذا حديث بسيط يوضح بإختصار من هو محمد صلى الله عليه وسلم , والحق ما شهد به الأعداء :

 

صحيح البخاري 7 - عَنْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ هِرَقْلَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فِى رَكْبٍ مِنْ قُرَيْشٍ - وَكَانُوا تُجَّارًا بِالشَّأْمِ - فِى الْمُدَّةِ الَّتِى كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَادَّ فِيهَا أَبَا سُفْيَانَ وَكُفَّارَ قُرَيْشٍ ، فَأَتَوْهُ وَهُمْ بِإِيلِيَاءَ فَدَعَاهُمْ فِى مَجْلِسِهِ ، وَحَوْلَهُ عُظَمَاءُ الرُّومِ ثُمَّ دَعَاهُمْ وَدَعَا بِتَرْجُمَانِهِ فَقَالَ أَيُّكُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا بِهَذَا الرَّجُلِ الَّذِى يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِىٌّ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ فَقُلْتُ أَنَا أَقْرَبُهُمْ نَسَبًا . فَقَالَ أَدْنُوهُ مِنِّى ، وَقَرِّبُوا أَصْحَابَهُ ، فَاجْعَلُوهُمْ عِنْدَ ظَهْرِهِ . ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ قُلْ لَهُمْ إِنِّى سَائِلٌ هَذَا عَنْ هَذَا الرَّجُلِ ، فَإِنْ كَذَبَنِى فَكَذِّبُوهُ . فَوَاللَّهِ لَوْلاَ الْحَيَاءُ مِنْ أَنْ يَأْثِرُوا عَلَىَّ كَذِبًا لَكَذَبْتُ عَنْهُ ، ثُمَّ كَانَ أَوَّلَ مَا سَأَلَنِى عَنْهُ أَنْ قَالَ كَيْفَ نَسَبُهُ فِيكُمْ قُلْتُ هُوَ فِينَا ذُو نَسَبٍ . قَالَ فَهَلْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ مِنْكُمْ أَحَدٌ قَطُّ قَبْلَهُ قُلْتُ لاَ . قَالَ فَهَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ قُلْتُ لاَ . قَالَ فَأَشْرَافُ النَّاسِ يَتَّبِعُونَهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ فَقُلْتُ بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ . قَالَ أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ قُلْتُ بَلْ يَزِيدُونَ . قَالَ فَهَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ قُلْتُ لاَ . قَالَ فَهَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ قُلْتُ لاَ . قَالَ فَهَلْ يَغْدِرُ قُلْتُ لاَ ، وَنَحْنُ مِنْهُ فِى مُدَّةٍ لاَ نَدْرِى مَا هُوَ فَاعِلٌ فِيهَا . قَالَ وَلَمْ تُمْكِنِّى كَلِمَةٌ أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئًا غَيْرُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ . قَالَ فَهَلْ قَاتَلْتُمُوهُ قُلْتُ نَعَمْ . قَالَ فَكَيْفَ كَانَ قِتَالُكُمْ إِيَّاهُ قُلْتُ الْحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ سِجَالٌ ، يَنَالُ مِنَّا وَنَنَالُ مِنْهُ . قَالَ مَاذَا يَأْمُرُكُمْ قُلْتُ يَقُولُ اعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ ، وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ، وَاتْرُكُوا مَا يَقُولُ آبَاؤُكُمْ ، وَيَأْمُرُنَا بِالصَّلاَةِ وَالصِّدْقِ وَالْعَفَافِ وَالصِّلَةِ . فَقَالَ لِلتَّرْجُمَانِ قُلْ لَهُ سَأَلْتُكَ عَنْ نَسَبِهِ ، فَذَكَرْتَ أَنَّهُ فِيكُمْ ذُو نَسَبٍ ، فَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِى نَسَبِ قَوْمِهَا ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ قَالَ أَحَدٌ مِنْكُمْ هَذَا الْقَوْلَ فَذَكَرْتَ أَنْ لاَ ، فَقُلْتُ لَوْ كَانَ أَحَدٌ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ قَبْلَهُ لَقُلْتُ رَجُلٌ يَأْتَسِى بِقَوْلٍ قِيلَ قَبْلَهُ ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ فَذَكَرْتَ أَنْ لاَ ، قُلْتُ فَلَوْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ قُلْتُ رَجُلٌ يَطْلُبُ مُلْكَ أَبِيهِ ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ فَذَكَرْتَ أَنْ لاَ ، فَقَدْ أَعْرِفُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَذَرَ الْكَذِبَ عَلَى النَّاسِ وَيَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ ، وَسَأَلْتُكَ أَشْرَافُ النَّاسِ اتَّبَعُوهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ فَذَكَرْتَ أَنَّ ضُعَفَاءَهُمُ اتَّبَعُوهُ ، وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ ، وَسَأَلْتُكَ أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ فَذَكَرْتَ أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ ، وَكَذَلِكَ أَمْرُ الإِيمَانِ حَتَّى يَتِمَّ ، وَسَأَلْتُكَ أَيَرْتَدُّ أَحَدٌ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ فَذَكَرْتَ أَنْ لاَ ، وَكَذَلِكَ الإِيمَانُ حِينَ تُخَالِطُ بَشَاشَتُهُ الْقُلُوبَ ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَغْدِرُ فَذَكَرْتَ أَنْ لاَ ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لاَ تَغْدِرُ ، وَسَأَلْتُكَ بِمَا يَأْمُرُكُمْ ، فَذَكَرْتَ أَنَّهُ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ ، وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ، وَيَنْهَاكُمْ عَنْ عِبَادَةِ الأَوْثَانِ ، وَيَأْمُرُكُمْ بِالصَّلاَةِ وَالصِّدْقِ وَالْعَفَافِ . فَإِنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقًّا فَسَيَمْلِكُ مَوْضِعَ قَدَمَىَّ هَاتَيْنِ ، وَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ ، لَمْ أَكُنْ أَظُنُّ أَنَّهُ مِنْكُمْ ، فَلَوْ أَنِّى أَعْلَمُ أَنِّى أَخْلُصُ إِلَيْهِ لَتَجَشَّمْتُ لِقَاءَهُ ، وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عَنْ قَدَمِهِ .

 

أنظر إلى هذا التعبير ( وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عَنْ قَدَمِهِ ) فهل يذكرك هذا يا صديقي المسيحي بشيء ؟ هذا هو قدر الرسول لدى أهل الكتاب المنصفين , فلم تكون أنت أيضاً هكذا يا صاحب المقارنة ؟

وفي حديث الشفاعة المشهور يوضح على لسان المسيح عليه السلام نفسه , أن محمداً صلى الله عليه وسلم له الأفضليه :

 

مسند أحمد 2595- عَنْ أَبِى نَضْرَةَ قَالَ خَطَبَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى مِنْبَرِ الْبَصْرَةِ فَقَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِىٌّ إِلاَّ لَهُ دَعْوَةٌ قَدْ تَنَجَّزَهَا فِى الدُّنْيَا وَإِنِّى قَدِ اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِى شَفَاعَةً لأُمَّتِى وَأَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ فَخْرَ وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الأَرْضُ وَلاَ فَخْرَ وَبِيَدِى لِوَاءُ الْحَمْدِ وَلاَ فَخْرَ آدَمُ فَمَنْ دُونَهُ تَحْتَ لِوَائِى وَلاَ فَخْرَ وَيَطُولُ يَوْمُ الْقِيَامَةِ عَلَى النَّاسِ فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ انْطَلِقُوا بِنَا إِلَى آدَمَ ... فَيَأْتُونَ عِيسَى فَيَقُولُونَ اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ فَلْيَقْضِ بَيْنَنَا. فَيَقُولُ إِنِّى لَسْتُ هُنَاكُمْ إِنِّى اتُّخِذْتُ إِلَهاً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَإِنَّهُ لاَ يُهِمُّنِى الْيَوْمَ إِلاَّ نَفْسِى وَلَكِنْ أَرَأَيْتُمْ لَوْ كَانَ مَتَاعٌ فِى وِعَاءٍ مَخْتُومٍ عَلَيْهِ أَكَانَ يُقْدَرُ عَلَى مَا فِى جَوْفِهِ حَتَّى يُفَضَّ الْخَاتَمُ قَالَ فَيَقُولُونَ لاَ. قَالَ فَيَقُولُ إِنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَاتَمُ النَّبِيِّينَ وَقَدْ حَضَرَ الْيَوْمَ وَقَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ ». قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « فَيَأْتُونِى فَيَقُولُونَ يَا مُحَمَّدُ اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ فَلْيَقْضِ بَيْنَنَا. فَأَقُولُ أَنَا لَهَا حَتَّى يَأْذَنَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ يَصْدَعَ بَيْنَ خَلْقِهِ نَادَى مُنَادٍ أَيْنَ أَحْمَدُ وَأُمَّتُهُ فَنَحْنُ الآخِرُونَ الأَوَّلُونَ نَحْنُ آخِرُ الأُمَمِ وَأَوَّلُ مَنْ يُحَاسَبُ فَتُفْرِجُ لَنَا الأُمَمُ عَنْ طَرِيقِنَا فَنَمْضِى غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ أَثَرِ الطُّهُورِ فَتَقُولُ الأُمَمُ كَادَتْ هَذِهِ الأُمَّةُ أَنْ تَكُونَ أَنْبِيَاءَ كُلُّهَا. فَآتِى بَابَ الْجَنَّةِ فَآخُذُ بِحَلْقَةِ الْبَابِ فَأَقْرَعُ الْبَابَ فَيُقَالُ مَنْ أَنْتَ فَأَقُولُ أَنَا مُحَمَّدٌ. فَيُفْتَحُ لِى فَآتِى رَبِّى عَزَّ وَجَلَّ عَلَى كُرْسِيِّهِ فَأَخِرُّ لَهُ سَاجِداً فَأَحْمَدُهُ بِمَحَامِدَ لَمْ يَحْمَدْهُ بِهَا أَحَدٌ كَانَ قَبْلِى وَلَيْسَ يَحْمَدُهُ بِهَا أَحَدٌ بَعْدِى فَيُقَالُ يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَسَلْ تُعْطَهْ وَقُلْ تُسْمَعْ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ. فَأَرْفَعُ رَأْسِى فَأَقُولُ أَىْ رَبِّ أُمَّتِى أُمَّتِى.».

 

فهذا دليل واضح وصريح على أفضلية النبي محمد صلى الله عليه وسلم وشهادة عيسى عليه السلام على أن النبي محمد صلى الله عليه وسله ( قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ ) ولعلك يا صديقي المسيحي لاحظت هذا الجزء من الحديث ( فَنَحْنُ الآخِرُونَ الأَوَّلُونَ نَحْنُ آخِرُ الأُمَمِ وَأَوَّلُ مَنْ يُحَاسَبُ ) وأورد عليك هذا النص من العهد الجديد :

 

Mat 19:30 وَلَكِنْ كَثِيرُونَ أَوَّلُونَ يَكُونُونَ آخِرِينَ وَآخِرُونَ أَوَّلِينَ».

Mat 20:16 هَكَذَا يَكُونُ الآخِرُونَ أَوَّلِينَ وَالأَوَّلُونَ آخِرِينَ لأَنَّ كَثِيرِينَ يُدْعَوْنَ وَقَلِيلِينَ يُنْتَخَبُونَ».
Mar 10:31 وَلَكِنْ كَثِيرُونَ أَوَّلُونَ يَكُونُونَ آخِرِينَ وَالآخِرُونَ أَوَّلِينَ».
Luk 13:30 وَهُوَذَا آخِرُونَ يَكُونُونَ أَوَّلِينَ وَأَوَّلُونَ يَكُونُونَ آخِرِينَ».


وأترك لكم التعليق على هذا الجزء , أما بخصوص ان المسيح عليه السلام بلا خطيئة في الكتاب المقدس , فسوف أورد فقط ان المسيح حكم على نفسه بنار جهنم وحكم المجمع ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم :

 

Mat 5:22 وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَغْضَبُ عَلَى أَخِيهِ بَاطِلاً يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ وَمَنْ قَالَ لأَخِيهِ: رَقَا يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْمَجْمَعِ وَمَنْ قَالَ: يَا أَحْمَقُ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ نَارِ جَهَنَّمَ.


وانظر إلى الترجمات المختلفة العربية :

 

[اليسوعية][Mt.5.22][ أما أنا فأقول لكم: من غضب على أخيه استوجب حكم القضاء، ومن قال لأخيه: ((يا أحمق ))استوجب حكم المجلس، ومن قال له: ((يا جاهل ))استوجب نار جهنم. ]

[السارة][Mt.5.22][ أما أنا فأقول لكم: من غضب على أخيه استوجب حكم القاضي، ومن قال لأخيه: يا جاهل استوجب حكم المجلس، ومن قال له: يا أحمق استوجب نار جهنم. ]

[المشتركة][Mt.5.22][أما أنا فأقول لكم: من غضب على أخيه استوجب حكم القاضي، ومن قال لأخيه: يا جاهل استوجب حكم المجلس، ومن قال له: يا أحمق استوجب نار جهنم.]

[الكاثوليكة][Mt.5.22][أما أنا فأقول لكم: من غضب على أخيه استوجب حكم القضاء، ومن قال لأخيه: ((يا أحمق ))استوجب حكم المجلس، ومن قال له: ((يا جاهل ))استوجب نار جهنم.]

 

فها هو المسيح يقول للناس أيها الجهال ... فهل هو مستوجب نار جهنم وحكم المجمع ؟

 

Mat 23:17 أَيُّهَا الْجُهَّالُ وَالْعُمْيَانُ أَيُّمَا أَعْظَمُ: أَلذَّهَبُ أَمِ الْهَيْكَلُ الَّذِي يُقَدِّسُ الذَّهَبَ؟
Mat 23:19 أَيُّهَا
الْجُهَّالُ وَالْعُمْيَانُ أَيُّمَا أَعْظَمُ: أَلْقُرْبَانُ أَمِ الْمَذْبَحُ الَّذِي يُقَدِّسُ الْقُرْبَانَ؟


وهنا يقول المسيح على تلاميذه أغبياء :

 

Luk 24:25 فَقَالَ لَهُمَا: «أَيُّهَا الْغَبِيَّانِ وَالْبَطِيئَا الْقُلُوبِ فِي الإِيمَانِ بِجَمِيعِ مَا تَكَلَّمَ بِهِ الأَنْبِيَاءُ


لا أريد أن أطيل في هذا الموضوع لأنه يكفينا تبيان الدليس في المقارنة فحسب .

________________________________________

 

* النقطة السادسة في المقارنة : وهنا سوف نقوم بدمج ثلاثة نقاط في نقطة واحدة

 

* تفنيد النقطة السادسة :

انظر إلى المقارنة , يقول ان المسيح عليه السلام لم ينخسه الشيطان - في المنظور الإسلامي - فكان عليه أن يقول ان محمداً صلى الله عليه وسلم نخسه الشيطان - في المنظور الإسلامي - ولا حول ولا قوة إلا بالله , يحتج علينا بما لدينا عن المسيح عليه السلام , لأنه ليس لديه ما يحتج علينا به في عقيدته , ونرى أنه ذكر الحديثين في الطرفين ولم يذكر المرجع أو المصدر ولكننا نذكرها له ونشرحها أيضاً , فالحقيقة هي أن الموضوع كله حديث واحد , وهذه كانت خاصية بالمسيح عليه السلام وإليكم الحديث :

 

صحيح مسلم 6282 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلاَّ نَخَسَهُ الشَّيْطَانُ فَيَسْتَهِلُّ صَارِخًا مِنْ نَخْسَةِ الشَّيْطَانِ إِلاَّ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ ». ثُمَّ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ ( وَإِنِّى أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ) .

فمن الواضح هنا أن هذه النخسة لا تعني شراً أو أن الشيطان يتحكم فيه ولكن النخس معروف معناه في اللغة كما قال المسيح لبولس :

Act 9:5 فَسَأَلَهُ: «مَنْ أَنْتَ يَا سَيِّدُ؟» فَقَالَ الرَّبُّ: «أَنَا يَسُوعُ الَّذِي أَنْتَ تَضْطَهِدُهُ. صَعْبٌ عَلَيْكَ أَنْ تَرْفُسَ مَنَاخِسَ».
فهل كان المسيح عليه السلام شيطاناً لأنه يقول لبولس انه لن يستطيع أن يرفس مناخسه ؟ والقضية كلها في دعاء مريم العذراء المذكور في الآية التي وردها أبو هريرة ( وَإِنِّى أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ) فقد دعت أم مريم عليها السلام واستجاب الله لدعاءها فهذا ليس أمر خاص بالمسيح عليه السلام وحده , بل هو وأمه سلام الله عليهما .

 

أما عندما قال في مقارنته أن المسيح عليه السلام طرد الشيطان وقال ان محمد كان يجالس الجن , فهنا توجد أكثر من تدليس أو جهالة , فهو يقول أن محمداً كان يجالس الجن وهذا باطل , وانظروا الآية جيداً : وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ [الأحقاف : 29] أى أن الله عز وجل هو من قاد الجن إلى إستماع القرآن من النبي محمد صلى الله عليه وسلم , ولم يكن يعلم النبي محمد صلى الله عليه وسلم أنه كان هناك جن يستمع إليه , وهناك تدليس كبير في المقارنة , حيث أنه ليس كل جني شيطان , فانظر إلى قول الله عز وجل : وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً [الأنعام : 112] فالشيطان قد يكون من الإنس أو من الجن , ذلك يقول الله عز وجل في كتابه الكريم :

 

وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَداً {11} وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن نُّعجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَن نُّعْجِزَهُ هَرَباً {12} وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ فَمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْساً وَلَا رَهَقاً {13} وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً {14} وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً {15} سورة الجن

 

التفسير الميسر : وأنا منا الأبرار المتقون، ومنا قوم دون ذلك كفار وفساق, كنا فرقًا ومذاهب مختلفة. وأنا أيقنا أن الله قادر علينا، وأننا في قبضته وسلطانه, فلن نفوته إذا أراد بنا أمرًا أينما كنا, ولن نستطيع أن نُفْلِت مِن عقابه هربًا إلى السماء، إن أراد بنا سوءًا. وإنا لما سمعنا القرآن آمنَّا به, وأقررنا أنه حق مِن عند الله، فمن يؤمن بربه، فإنه لا يخشى نقصانًا من حسناته، ولا ظلمًا يلحقه بزيادة في سيئاته. وأنا منا الخاضعون لله بالطاعة, ومنا الجائرون الظالمون الذين حادوا عن طريق الحق، فمن أسلم وخضع لله بالطاعة, فأؤلئك الذين قصدوا طريق الحق والصواب, واجتهدوا في اختياره فهداهم الله إليه, وأما الجائرون عن طريق الإسلام فكانوا وَقودًا لجهنم.

 

وهذا دليلاً واضحاً أنه حتى لو كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يجالس الجن - هذا لم يثبت - فهذا لا يقدح فيه بشيء أن الإنس والجن من مخلوقات الله عز وجل كما قال الله : وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات : 56] فمنهم من عبد الله ومنهم من لم يعبد .

 

وأما ضقية سلطان الشيطان , فنزغ الشيطان غير سلطان الشيطان , وقيل في تفسير الجلالين : (ينزغنك من الشيطان نزغ) أي إن يصرفك عما أمرت به صارف - وقال أيضاً - (وإما) فيه إدغام نون إن الشرطية في ما المزيدة , أي أن هذا لو حدث تفعل كذا , وهذا لا يدل على أنه حدث , بل هو إرشاد من الله عز وجل وهو أيضاً خطاباً للنبي محمد صلى الله عليه وسلم ويعنى به غيره , أما ضقية الشيطان , فيقول الله عز وجل في القرآن الكريم عن الشيطان الرجيم وسلطانه على العباد :

 

إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ [الحجر : 42]

 

ويقول أيضاً :

 

إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ [النحل : 99]

 

ويقول أيضاً :

 

إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً [الإسراء : 65]

 

أما عن سلطان الشيطان نفسه , فإليكم إعتراف الشيطان الذي نقله الله عز وجل لنا , وما سيقوله يوم القيامة :

 

وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [إبراهيم : 22]

 

فسلطان الشيطان هو بالغواية والدعوة إلى فعل المعصية , وليس له أكثر من ذلك ليفعله , أما قضية أن المسيح عليه السلام ليس فيه شيء للشيطان فانظروا إلى هذه الرواية الصاروخية التي يعلمها القليل من المسلمين والمسيحين :

 

صحيح مسلم 431 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَتَاهُ جِبْرِيلُ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ فَأَخَذَهُ فَصَرَعَهُ فَشَقَّ عَنْ قَلْبِهِ فَاسْتَخْرَجَ الْقَلْبَ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ عَلَقَةً فَقَالَ هَذَا حَظُّ الشَّيْطَانِ مِنْكَ. ثُمَّ غَسَلَهُ فِى طَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ بِمَاءِ زَمْزَمَ ثُمَّ لأَمَهُ ثُمَّ أَعَادَهُ فِى مَكَانِهِ وَجَاءَ الْغِلْمَانُ يَسْعَوْنَ إِلَى أُمِّهِ - يَعْنِى ظِئْرَهُ - فَقَالُوا إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ. فَاسْتَقْبَلُوهُ وَهُوَ مُنْتَقَعُ اللَّوْنِ. قَالَ أَنَسٌ وَقَدْ كُنْتُ أَرَى أَثَرَ ذَلِكَ الْمِخْيَطِ فِى صَدْرِهِ.

 

وهذه الأحداث والنبي محمد صلى الله عليه وسلم كان غلاماً صغيراً لم يكن نبياً بعد , فأقولها بأعلى صوتي , أن الشيطان ليس له في النبي محمد صلى الله عليه وسلم شيء , ولم يكن له عليه سلطان ولم ينزغه قط , والله على ما أقول شهيد .

 

أما قضية تجربة الشيطان في المسيحية فهذا هو السلطان المبين الذي كان للشيطان على يسوع في الكتاب المقدس وإليكم الأعداد :

 

إنجيل لوقا الإصحاح الرابع : 4 أَمَّا يَسُوعُ فَرَجَعَ مِنَ الأُرْدُنِّ مُمْتَلِئاً مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ ، وَكَانَ يُقْتَادُ بِالرُّوحِ فِي الْبَرِّيَّةِ2أَرْبَعِينَ يَوْماً يُجَرَّبُ مِنْ إِبْلِيسَ. وَلَمْ يَأْكُلْ شَيْئاً فِي تِلْكَ الأَيَّامِ. وَلَمَّا تَمَّتْ جَاعَ أَخِيراً.3وَقَالَ لَهُ إِبْلِيسُ: ((إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ ، فَقُلْ لِهَذَا الْحَجَرِ أَنْ يَصِيرَ خُبْزاً)).4فَأَجَابَهُ يَسُوعُ قَائِلاً : ((مَكْتُوبٌ : أَنْ لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ مِنَ اللهِ)).5ثُمَّ أَصْعَدَهُ إِبْلِيسُ إِلَى جَبَلٍ عَالٍ وَأَرَاهُ جَمِيعَ مَمَالِكِ الْمَسْكُونَةِ فِي لَحْظَةٍ مِنَ الزَّمَانِ.6وَقَالَ لَهُ إِبْلِيسُ: ((لَكَ أُعْطِي هَذَا السُّلْطَانَ كُلَّهُ وَمَجْدَهُنَّ ، لأَنَّهُ إِلَيَّ قَدْ دُفِعَ ، وَأَنَا أُعْطِيهِ لِمَنْ أُرِيدُ.7فَإِنْ سَجَدْتَ أَمَامِي يَكُونُ لَكَ الْجَمِيعُ)).8فَأَجَابَهُ يَسُوعُ وَقَالَ : ((اذْهَبْ يَا شَيْطَانُ! إِنَّهُ مَكْتُوبٌ: لِلرَّبِّ إِلَهِكَ تَسْجُدُ وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ)).9ثُمَّ جَاءَ بِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ ، وَأَقَامَهُ عَلَى جَنَاحِ الْهَيْكَلِ وَقَالَ لَهُ: ((إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ فَاطْرَحْ نَفْسَكَ مِنْ هُنَا إِلَى أَسْفَلُ ،10لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: أَنَّهُ يُوصِي مَلاَئِكَتَهُ بِكَ لِكَيْ يَحْفَظُوكَ،11وَأَنَّهُمْ عَلَى أَيَادِيهِمْ يَحْمِلُونَكَ لِكَيْ لاَ تَصْدِمَ بِحَجَرٍ رِجْلَكَ)). 12فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ : ((إِنَّهُ قِيلَ: لاَ تُجَرِّبِ الرَّبَّ إِلَهَكَ)). 13وَلَمَّا أَكْمَلَ إِبْلِيسُ كُلَّ تَجْرِبَةٍ فَارَقَهُ إِلَى حِينٍ.

 

فانظر كيف يجرب الشيطان يسوع في الكتاب المقدس ويقتاده إلى البرية ثم يصعده إلى جبل عال ثم يجيء به إلى أورشليم ويحركه كالدمية , ويعلن له أن له سلطان ومجد بل أنه في الكتاب المقدس رئيس هذا العالم كما ذكر في المقارنة , وبعد أن جربه ولعب به كما شاء توعده بالعودة إليه مرة أخرى , فمن ذا الذي له سلطان ولمن له سلطان عليه , الشيطان في الإسلام وعلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم , أم الشيطان في المسيحية وعلى يسوع المسيح , كما يقول الكتاب أنه رئيس هذا العالم :

 

Joh 14:30 لاَ أَتَكَلَّمُ أَيْضاً مَعَكُمْ كَثِيراً لأَنَّ رَئِيسَ هَذَا الْعَالَمِ يَأْتِي وَلَيْسَ لَهُ فِيَّ شَيْءٌ.

 

وعلى العكس تماماً في الإسلام بالنسبة لمحمد صلى الله عليه وسلم وإليكم هذا الحديث الباهر :

 

سنن النسائي 3977 - عَنْ عَائِشَةَ قَالَتِ الْتَمَسْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَدْخَلْتُ يَدِى فى شَعْرِهِ فَقَالَ « قَدْ جَاءَكِ شَيْطَانُكِ ». فَقُلْتُ أَمَا لَكَ شَيْطَانٌ فَقَالَ « بَلَى وَلَكِنَّ اللَّهَ أَعَانَنِى عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ ». - فهذا هو قمة الإنتصار على الشيطان وليخسأ الحاقدون !!

________________________________________
 

* النقطة السابعة في المقارنة :

 

* تفنيد النقطة السابعة :

تدليس كبير , وجهل خطير , فالآية الكريمة التي أنزلها الله عز وجل تقول : وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُواْ إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ [النحل : 101] , في الحقيقة الصديق صاحب المقارنة واضح عليه أنه من الذين لا يعلمون , فهذه الآية تدل على النسخ , كما قيل في تفسير الجلالين : (وإذا بدلنا آية مكان آية) بنسخها وإنزال غيرها لمصلحة العباد , وجل النصارى وقليل من المسلمين لا يفهمون ما هو الناسخ والمنسوخ , وسوف أقوم بإيراد معلومات بسيطه عن النسخ :

 

النسخ هو : رفع حكم شرعي بحكم شرعي بينهما تراخي , أي بينهما فترة من الزمان .

 

الكتاب السماوي يحتوي على ثلاثة أشياء :

1. عقائد - لا يدخل فيه النسخ , لو دخل فيها النسخ لأصبح هذا كذباً وتناقضاً .

2. شرائع - يدخل فيه النسخ .

3. قصص - لا يدخل فيه النسخ , لو دخل فيها النسخ لأصبح هذا كذباً وتناقضاً .

 

هل النسخ يجعل الله - والعياذ بالله - جاهلاً ؟؟ هل النسخ يطعن في علم الله عز وجل ؟؟ كلا والله ... فالنسخ غير البداء

 

البداء هو : إصدار حكم , يثم يبدوا لك بعد فترة من الزمان عدم صلاحية هذا الحكم وإنك كنت مخطئاً فيه , فتكون مرغماً على تعديله .

 

فهناك فروق بين النسخ والبداء :

1. النسخ : يسبقه علم - كما ذكره الله عز وجل في الآية ( وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ )

البداء : لا يسبقه علم .

2. النسخ : كلا الأمرين يكونا صالحين في وقتها - أى أن الأمر الأول صالح في زمنه وبعد النسخ الأمر الثاني صالح في زمنه .

البداء : بيان عدم صلاحية الأمر الأول وفساده لذا تم تغيره .

 

مثال على البداء : يقوم الإله بتعيين ملك معين على الشعب , ثم يعد مرور فترة من الزمان يكتشف الإله أن هذا الملك ظالم ويندم على قرار تعينه فيقوم بعزله وإبداله بملك آخر صالح , وهذا المثال من الكتاب المقدس - ولا حول ولا قوة إلا بالله :

 

1Sa 15:11 «نَدِمْتُ عَلَى أَنِّي قَدْ جَعَلْتُ شَاوُلَ مَلِكاً, لأَنَّهُ رَجَعَ مِنْ وَرَائِي وَلَمْ يُقِمْ كَلاَمِي».

 

مثال على النسخ : في بداية عهد الإسلام كان العرب مدمني خمر , فنزلت الشريعة بالعلاج كما تفعل المصحات الخاصة بالمدمنين , فنزل القرآن بعدم الصلاة وهم سكارى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ [النساء : 43] , ثم تطور الأمر بزيادة الإيمان فنزلت الآيات في إجتناب الخمر : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة : 90] , ثم نزلت الآيات البينات في الإنتهاء من الخمر تماما : إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ [المائدة : 91] , فجميع الأحكام صالحة في وقتها لمصلحة العباد .

 

وهذا حاله كحال الدكتور ... عندما تذهب إلى الدكتور ويعطيك أولاً دواءاً معيناً تأخذه لفترة معينة , ثم يقول لك فيما بعد انك لا تحتاج إلى هذا الدواء أو ستحتاج إلى دواء آخر خلاف الأول , فهل هو يعطيك هذه التعليمات دون سابق علم منه في هذا ؟؟؟ بالتأكيد لا , بل عنده العلم السابق في ان بالدواء الأول سوف تتحسن ولن تحتاج إلي بعده , وقد يعطيك دواءاً آخر بعد مدة معينة , هذا يعني انه هناك صلاحية لكلا الأمرين في وقتيهما , وانه كان عنده العلم السابق لمجريات الأمور في المستقبل وهذا هو النسخ .

 

أما النص الذي يقول : Mat 24:35 اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ وَلَكِنَّ كَلاَمِي لاَ يَزُولُ. فهذا فيه تدليس كبير :

 

هذا الكلام كان خاصاً بما سبقه , وليس عاماً لكل أقوال المسيح عليه السلام , فهو كان يتكلم عن علامات الساعة , وقال أن هذا الكلام لابد أن يحدث , بل أنه سيحدث يقيناً لذلك قال ان السماء والأرض تزولان , ولكن كلامه لا يزول أي أنه لابد أن يتحقق , أما لو بحثنا في أقوال يسوع في الكتاب المقدس لرأينا أنه بدل أقواله كثيراً وسنورد موقفين ولن نورد موقف إستعمال السيف لأننا شرحناه من قبل :

 

الموقف الأول - بني إسرائيل خاصة أم العالم أجمع ؟

 

Mat 15:24 فَأَجَابَ: «لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ».
Joh 1:11 إِلَى خَاصَّتِهِ جَاءَ وَخَاصَّتُهُ لَمْ تَقْبَلْهُ.
Mat 10:5 هَؤُلاَءِ الاِثْنَا عَشَرَ أَرْسَلَهُمْ يَسُوعُ وَأَوْصَاهُمْ قَائِلاً: «إِلَى طَرِيقِ أُمَمٍ لاَ تَمْضُوا وَإِلَى مَدِينَةٍ لِلسَّامِرِيِّينَ لاَ تَدْخُلُوا.
Mat 10:6 بَلِ اذْهَبُوا بِالْحَرِيِّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ.

 

فهذه النصوص تثبت إثباتاً تاماً أن المسيح كان لبنبي إسرائيل وأوصى تلاميذه أن يذهبوا إلي بني إسرائيل فقط , ولكن في نهاية الأناجيل بدل كلامه وقال لتلاميذه أن يذهبوا إلى باقي الأمم :

 

Mat 28:19 فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالاِبْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ.
Mar 16:15 وَقَالَ لَهُمُ: «اذْهَبُوا إِلَى الْعَالَمِ أَجْمَعَ وَاكْرِزُوا بِالإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا.


فهل هذا تبديل لكلامه أم لا ؟

 

الموقف الثاني هل يصعد إلى العيد أم لا ؟

 

Joh 7:8 اِصْعَدُوا أَنْتُمْ إِلَى هَذَا الْعِيدِ. أَنَا لَسْتُ أَصْعَدُ بَعْدُ إِلَى هَذَا الْعِيدِ لأَنَّ وَقْتِي لَمْ يُكْمَلْ بَعْدُ».
Joh 7:9 قَالَ لَهُمْ هَذَا وَمَكَثَ فِي الْجَلِيلِ.
Joh 7:10 وَلَمَّا كَانَ إِخْوَتُهُ قَدْ صَعِدُوا حِينَئِذٍ صَعِدَ هُوَ أَيْضاً إِلَى الْعِيدِ لاَ ظَاهِراً بَلْ كَأَنَّهُ فِي الْخَفَاءِ.

 

فهل هذا كذب وتبديل كلام أم لا ؟

________________________________________

 

* النقطة الثامنة في المقارنة :

 

* تفنيد النقطة الثامنة :

في هذه النقطة من المقارنة تدليس عظيم في المفاهيم , فهو يقارن موقف للمسيح عليه السلام , إذ جاءه أعمى يحتاج معجزة لا يستطيع أحد إلا المسيح عليه السلام أن يقوم بها , ولم يكن هناك ما يمنع المسيح أن يقوم بفعل هذه المعجزة , بموقف النبي صلى الله عليه وسلم , الذي كان عنده فوج من عظماء كفار قريش وجاءه ابن أم مكتوم , الذي كان مسلماً أصلاً , فقارن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين عملين صالحين , وفضل أن يركز جهده مع الكفار حتى يسلموا فينفعوا المسلمين بمكانتهم وجاههم , ثم ينظر في أمر ابن أم مكتوم , وليست هذه قلة رحمة من نبي الرحمة - والعياذ بالله - وإنما كانت تفضيل برأيه صلى الله عليه وسلم بين عملين صالحين , وقد صحح الله عز وجل لرسول الله رأيه وأرشده بالقرآن إلى الصواب .

 

ذكر في تفسير إبن الكثير عن هذه الآيات : ذكر غيرُ واحد من المفسرين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوما يخاطبُ بعض عظماء قريش، وقد طَمع في إسلامه، فبينما هو يخاطبه ويناجيه إذ أقبل ابنُ أم مكتوم - وكان ممن أسلم قديما - فجعل يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء ويلح عليه، وودَّ النبي صلى الله عليه وسلم أن لو كف ساعته تلك ليتمكن من مخاطبة ذلك الرجل؛ طمعا ورغبة في هدايته. وعَبَس في وجه ابن أم مكتوم وأعرض عنه، وأقبل على الآخر، فأنزل الله عز وجل: ( عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الأعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى ) ؟ أي: يحصل له زكاة وطهارة في نفسه. ( أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى ) أي: يحصل له اتعاظ وانزجار عن المحارم ، ( أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى * فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى ) أي: أما الغني فأنت تتعرض له لعله يهتدي، ( وَمَا عَلَيْكَ أَلا يَزَّكَّى ) ؟ أي: ما أنت بمطالب به إذا لم يحصل له زكاة. ( وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى * وَهُوَ يَخْشَى ) أي: يقصدك ويؤمك ليهتدى بما تقول له، ( فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى ) أي: تتشاغل. ومن هاهنا أمر الله عز وجل رسوله صلى الله عليه وسلم ألا يخص بالإنذار أحدًا، بل يساوى فيه بين الشريف والضعيف، والفقير والغني، والسادة والعبيد، والرجال والنساء، والصغار والكبار. ثم الله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، وله الحكمة البالغة والحجة الدامغة.

 

أما عن قضية المسيح عليه السلام , فقد جاءه من يحتاج وأعرض عنه بلا حجة إلا لأنه كلب وخنزير , أقصد لأنه أممي وإليكم النصوص :

 

Mat 15:22 وَإِذَا امْرَأَةٌ كَنْعَانِيَّةٌ خَارِجَةٌ مِنْ تِلْكَ التُّخُومِ صَرَخَتْ إِلَيْهِ: «ارْحَمْنِي يَا سَيِّدُ يَا ابْنَ دَاوُدَ. ابْنَتِي مَجْنُونَةٌ جِدّاً».
Mat 15:23 فَلَمْ يُجِبْهَا بِكَلِمَةٍ. فَتَقَدَّمَ تَلاَمِيذُهُ وَطَلَبُوا إِلَيْهِ قَائِلِينَ: «اصْرِفْهَا لأَنَّهَا تَصِيحُ وَرَاءَنَا!»
Mat 15:24 فَأَجَابَ: «لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ».
Mat 15:25 فَأَتَتْ وَسَجَدَتْ لَهُ قَائِلَةً: «يَا سَيِّدُ أَعِنِّي!»
Mat 15:26 فَأَجَابَ: «لَيْسَ حَسَناً أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلاَبِ».
Mat 15:27 فَقَالَتْ: «نَعَمْ يَا سَيِّدُ. وَالْكِلاَبُ أَيْضاً تَأْكُلُ مِنَ الْفُتَاتِ الَّذِي يَسْقُطُ مِنْ مَائِدَةِ أَرْبَابِهَا».
Mat 15:28 حِينَئِذٍ قَالَ يَسُوعُ لَهَا: «يَا امْرَأَةُ عَظِيمٌ إِيمَانُكِ! لِيَكُنْ لَكِ كَمَا تُرِيدِينَ». فَشُفِيَتِ ابْنَتُهَا مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ.

 

عندما أقرت بأنها كلبة شفاها - فعظيم هو سر الرحمة - ولا حول ولا قوة إلا بالله , وها هي القصة في مكان آخر :

 

Mar 7:26 وَكَانَتْ الْمَرْأَةُ أُمَمِيَّةً وَفِي جِنْسِهَا فِينِيقِيَّةً سُورِيَّةً - فَسَأَلَتْهُ أَنْ يُخْرِجَ الشَّيْطَانَ مِنِ ابْنَتِهَا.
Mar 7:27 وَأَمَّا يَسُوعُ فَقَالَ لَهَا: «دَعِي الْبَنِينَ أَوَّلاً يَشْبَعُونَ لأَنَّهُ لَيْسَ حَسَناً أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلاَبِ».
Mar 7:28 فَأَجَابَتْ: «نَعَمْ يَا سَيِّدُ! وَالْكِلاَبُ أَيْضاً تَحْتَ الْمَائِدَةِ تَأْكُلُ مِنْ فُتَاتِ الْبَنِينَ».
Mar 7:29 فَقَالَ لَهَا: «لأَجْلِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ اذْهَبِي. قَدْ خَرَجَ الشَّيْطَانُ مِنِ ابْنَتِكِ».

 

فأين هي الرحمة المدعاة ؟

________________________________________

 

* النقطة التاسعة في المقارنة :

 

* تفنيد النقطة التاسعة :

سبحان الله العظيم , حاولت كثيراً أن استنبط من أين جائت تشريع الزوجة الواحدة من هذا النص فلم أصل إلى ذلك سبيلاً , هل النص يقول أن الرجل الواحد له زوجة واحدة ؟ هل النص يقول أنه من تزوج أكثر من واحدة له عذاب أليم في الدنيا والآخرة ؟ ولكن ليس عليه حرج فيما يقول , وسوف نوضح سوء فهمه وتدليسه , فأقول بأعلى صوتي أن الشريعة الإسلامية هي التي تنادي بشريعة الزوجة الواحدة وإليكم الأدلة من القرآن الكريم في آيات بينات واضحات , ولكن هل سآتي بآيات جديدة ؟ لا والله بل هي نفس الآية التي وضعها المقارن ! فلنتأمل في الآية ذاتها التي أوردها المقارن , ما هي علة تعدد الزوجات ؟ إنظروا في آيات سورة النساء جيداً واعلموا أن الأساس هو تشريع الزوجة الواحدة :

 

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء {1} سورة النساء

 

في تفسير الجلالين : (الذي خلقكم من نفس واحدة) آدم (وخلق منها زوجها) حواء بالمد من ضلع من أضلاعه اليسرى (وبث) فرق ونشر (منهما) من آدم وحواء - إذن فالقرآن الكريم ينبأنا أن الأصل زوجة واحدة وأن هذه هي الطبيعة , ثم نأتي إلى الآية الواردة في المقارنة :

 

وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ [النساء : 3]

 

يقول الفخر الرازي في تفسيره : اعلم أن قوله : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَن لا تُقْسِطُواْ } شرط وقوله : { فانكحوا مَا طَابَ لَكُمْ مّنَ النساء } .

ويقول الله عز وجل : وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ [النساء : 129]

إذن , القرآن الكريم واضح جلي في أن المرأة الواحدة هي الأصلح والأفضل , ولكن هناك ظروف قد تدفع المرء إلى أن يتزوج أكثر من واحدة .

ولكن الأهم من ذلك أن السلف والخلف لدى النصارى قد شرعوا أكثر من زوجة , وأقصد من هم قبل يسوع وبعد يسوع وإليكم النصوص :

إنظر إلى تعاليم بولس الرسول تجاه الأسقفية لديهم واقرأ النصوص بتركيز شديد :

 

1Ti 3:1 صَادِقَةٌ هِيَ الْكَلِمَةُ: إِنِ ابْتَغَى أَحَدٌ الأُسْقُفِيَّةَ فَيَشْتَهِي عَمَلاً صَالِحاً.
1Ti 3:2 فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الأُسْقُفُ بِلاَ لَوْمٍ،
بَعْلَ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ، صَاحِياً، عَاقِلاً، مُحْتَشِماً، مُضِيفاً لِلْغُرَبَاءِ، صَالِحاً لِلتَّعْلِيمِ،
1Ti 3:3 غَيْرَ مُدْمِنِ الْخَمْرِ، وَلاَ ضَرَّابٍ، وَلاَ طَامِعٍ بِالرِّبْحِ الْقَبِيحِ، بَلْ حَلِيماً، غَيْرَ مُخَاصِمٍ، وَلاَ مُحِبٍّ لِلْمَالِ،
1Ti 3:4 يُدَبِّرُ بَيْتَهُ حَسَناً، لَهُ أَوْلاَدٌ فِي الْخُضُوعِ بِكُلِّ وَقَارٍ.

 

الشرط الأول هو أن يكون بعل امرأة واحدة , كيف يشترط أن يكون بعل إمرأة واحدة والمفروض أن الجميع يتزوج امرأة واحدة فقط , إذن , قد علم بولس أنه من الممكن أن يتزوج الإنسان أكثر من امرأة , لكنه حدد للأسقف امرأة واحدة فقط , للأسقف فقط امرأة واحدة فقط , فبالتالي أي إنسان عادي بإمكانه أن يتزوج أكثر من واحدة , فلماذا الإعتراض على الإسلام ؟

أما العبيد وملك اليمين فهي موجودة أيضاً في المسيحية وإليكم النصوص :

 

Tit 2:9 وَالْعَبِيدَ أَنْ يَخْضَعُوا لِسَادَتِهِمْ، وَيُرْضُوهُمْ فِي كُلِّ شَيْءٍ، غَيْرَ مُنَاقِضِينَ،
Tit 2:10 غَيْرَ مُخْتَلِسِينَ، بَلْ مُقَدِّمِينَ كُلَّ أَمَانَةٍ صَالِحَةٍ، لِكَيْ يُزَيِّنُوا تَعْلِيمَ مُخَلِّصِنَا اللهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ.

 

فهناك عبيد وهناك أكثر من زوجة وإليكم التنفيذ العملي لتعدد الزوجات من قبل أنبياء العهد القديم :

كان لإبراهيم عليه السلام أكثر من زوجة :

 

Gen 25:1 وَعَادَ ابْرَاهِيمُ فَاخَذَ زَوْجَةً اسْمُهَا قَطُورَةُ

Gen 25:6 وَامَّا بَنُو السَّرَارِيِّ اللَّوَاتِي كَانَتْ لابْرَاهِيمَ فَاعْطَاهُمْ ابْرَاهِيمُ عَطَايَا وَصَرَفَهُمْ عَنْ اسْحَاقَ ابْنِهِ شَرْقا الَى ارْضِ الْمَشْرِقِ وَهُوَ بَعْدُ حَيٌّ.

Gen 17:15 وَقَالَ اللهُ لابْرَاهِيمَ: «سَارَايُ امْرَاتُكَ لا تَدْعُو اسْمَهَا سَارَايَ بَلِ اسْمُهَا سَارَةُ.

Gen 16:1 وَامَّا سَارَايُ امْرَاةُ ابْرَامَ فَلَمْ تَلِدْ لَهُ. وَكَانَتْ لَهَا جَارِيَةٌ مِصْرِيَّةٌ اسْمُهَا هَاجَرُ


فكان لإبراهيم عليه السلام أكثر من زوجة وكان له سراري أيضاً

 

إسحاق عليه السلام كان له أكثر من زوجة وسراري - راحيل , ليئة , بلهة , زلفة :

 

Gen 29:20 فَخَدَمَ يَعْقُوبُ بِرَاحِيلَ سَبْعَ سِنِينٍ وَكَانَتْ فِي عَيْنَيْهِ كَايَّامٍ قَلِيلَةٍ بِسَبَبِ مَحَبَّتِهِ لَهَا.
Gen 29:21 ثُمَّ قَالَ يَعْقُوبُ لِلابَانَ: «
اعْطِنِي امْرَاتِي لانَّ ايَّامِي قَدْ كَمُلَتْ فَادْخُلَ عَلَيْهَا».

Gen 29:23 وَكَانَ فِي الْمَسَاءِ انَّهُ اخَذَ لَيْئَةَ ابْنَتَهُ وَاتَى بِهَا الَيْهِ فَدَخَلَ عَلَيْهَا.
Gen 29:24 وَاعْطَى لابَانُ
زِلْفَةَ جَارِيَتَهُ لِلَيْئَةَ ابْنَتِهِ جَارِيَةً.

Gen 30:3 فَقَالَتْ: «هُوَذَا جَارِيَتِي بَلْهَةُ. ادْخُلْ عَلَيْهَا فَتَلِدَ عَلَى رُكْبَتَيَّ وَارْزَقُ انَا ايْضا مِنْهَا بَنِينَ».

Gen 30:10 فَوَلَدَتْ زِلْفَةُ جَارِيَةُ لَيْئَةَ لِيَعْقُوبَ ابْنا.

 

وإليكم جدعون أيضاً :

 

Jdg 8:30 وَكَانَ لِجِدْعُونَ سَبْعُونَ وَلَداً خَارِجُونَ مِنْ صُلْبِهِ, لأَنَّهُ كَانَتْ لَهُ نِسَاءٌ كَثِيرَاتٌ.


وعامة الناس :

 

1Sa 1:1 كَانَ رَجُلٌ مِنْ رَامَتَايِمِ صُوفِيمَ مِنْ جَبَلِ أَفْرَايِمَ اسْمُهُ أَلْقَانَةُ بْنُ يَرُوحَامَ بْنِ أَلِيهُوَ بْنِ تُوحُوَ بْنِ صُوفٍ. هُوَ أَفْرَايِمِيٌّ.
1Sa 1:2
وَلَهُ امْرَأَتَانِ, اسْمُ الْوَاحِدَةِ حَنَّةُ وَاسْمُ الأُخْرَى فَنِنَّةُ. وَكَانَ لِفَنِنَّةَ أَوْلاَدٌ, وَأَمَّا حَنَّةُ فَلَمْ يَكُنْ لَهَا أَوْلاَدٌ.

 

والمثال المشهور الملك سليمان عليه السلام له ألف امرأة :

 

1Ki 11:3 وَكَانَتْ لَهُ سَبْعُ مِئَةٍ مِنَ النِّسَاءِ السَّيِّدَاتِ، وَثَلاَثُ مِئَةٍ مِنَ السَّرَارِيِّ. فَأَمَالَتْ نِسَاؤُهُ قَلْبَهُ.

 

ولا نريد أن نطيل أكثر من ذلك فالأمر معروف للجميع ولكنه التدليس والكذب على الإسلام .

________________________________________

 

* النقطة العاشرة في المقارنة : وهنا سوف نقوم بدمج ثلاثة نقاط في نقطة واحدة

 

* تفنيد النقطة العاشرة :

إلى هذا الحد فلم أتحمل غباء المقارن , بالله عليكم وكونوا منصفين , يقول أنه جاء يسوع حتى يخلص الناس , ثم يأتي إلى نقطه مختلفة تماماً ويقول محمد دعى لقتل الناس ! - يعني كل نقطة في وادي - ثم يأتي بآية قرآنية خاصة جدا ويقول إن هذه رسالة محمد صلى الله عليه وسلم إلى الأرض , في البداية سوف نشرح الآية ثم نبين سبب إرسالية محمد صلى الله عليه وسلم ونوضح تدليس المقارن :

قُل لِّلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِن تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْراً حَسَناً وَإِن تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُم مِّن قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً [الفتح : 16]

 

أنظر إلى جهله الفاضح , يأتي لآية خاصة جدا جدا ( قُل لِّلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ ) فالآية هنا خاصة بهم فقط , فمن هم هؤلاء المخلفون ؟

سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرّاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعاً بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً [الفتح : 11]

 

يقول الإمام السعدي في تفسيره : يذم تعالى المتخلفين عن رسوله، في الجهاد في سبيله، من الأعراب الذين ضعف إيمانهم، وكان في قلوبهم مرض، وسوء ظن بالله تعالى، وأنهم سيعتذرون بأن أموالهم وأهليهم شغلتهم عن الخروج في الجهاد .

 

ويقول الإمام الفخر الرازي في تفسيره : لما بيّن حال المنافقين ذكر المتخلفين ، فإن قوماً من الأعراب امتنعوا عن الخروج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لظنهم أنه يهزم ، فإنهم قالوا أهل مكة يقاتلون عن باب المدينة ، فكيف يكون حالهم إذا دخلوا بلادهم وأحاط بهم العدو فاعتذروا .

فالموضوع واضح جدا جدا , أن هؤلاء المخلفون من الأعراب شرذمة قليلون من العرب , وليس جميع المسلمين حتى يأتي بها المقارن , فكان عليه أن يأتي بنفس الآيات من السورة ذاتها وهي الآتي :

 

إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً {8} لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً {9} سورة الفتح

 

أو يأتي بآية أخرى في السورة ذاتها وهي الآتي :

 

هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً [الفتح : 28]

 

أو يأتي بآية أخرى من سورة أخرى كالآتي :

 

يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً {45} وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً {46} سورة الأحزاب

 

أو يأتي بالآية الشهيرة المعروفة للقاصي والداني :

 

وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ [الأنبياء : 107]

 

ولكنه التدليس الذي أعتدنا عليه وإليكم النص المحكم على لسان المسيح عليه السلام لترى لماذا أرسل المسيح :

 

Luk 4:42 وَلَمَّا صَارَ النَّهَارُ خَرَجَ وَذَهَبَ إِلَى مَوْضِعٍ خَلاَءٍ وَكَانَ الْجُمُوعُ يُفَتِّشُونَ عَلَيْهِ. فَجَاءُوا إِلَيْهِ وَأَمْسَكُوهُ لِئَلاَّ يَذْهَبَ عَنْهُمْ.
Luk 4:43 فَقَالَ لَهُمْ: «
إِنَّهُ يَنْبَغِي لِي أَنْ أُبَشِّرَ الْمُدُنَ الأُخَرَ أَيْضاً بِمَلَكُوتِ اللهِ لأَنِّي لِهَذَا قَدْ أُرْسِلْتُ».
Luk 4:44 فَكَانَ يَكْرِزُ فِي مَجَامِعِ الْجَلِيلِ.

 

تقول دائرة المعارف الكتابية تحت حرف الميم , ملكوت الله : ملكوت الله على الأرض الآن لا يضم إلا الذين أنقذهم من سلطان الظلمة ونقلهم إلى ملكوت ابن محبته . فالملكوت يوجد الآن حيثما يعيش المسيحيون في خضوع لمشيئة الله، بعمل قوة نعمته في تغيير حياتهم . فليس الملكوت هو الحصول على ما يريده الإنسان من أكل أو شرب ، بل هو السلوك المستقيم في سلام وتوافق مع غيره من المؤمنين .

 

البشارة تشير إلى شيء لم يأتي بعد , فعندما قال الله عز وجل في كتابه الكريم عن رسول الله : إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً {8} سورة الفتح - إنا أرسلناك -أيها الرسول- شاهدًا على أمتك بالبلاغ, مبينًا لهم ما أرسلناك به إليهم, ومبشرًا لمن أطاعك بالجنة, ونذيرًا لمن عصاك بالعقاب العاجل والآجل .

 

فالجنة لم تأتي بعد ملكنه صلى الله عليه وسلم يبشرنا بها إن أطعناه والتزمنا بالإسلام , وانظر إلى كلام دائرة المعارف ( فالملكوت يوجد الآن حيثما يعيش المسيحيون في خضوع لمشيئة الله - بل هو السلوك المستقيم في سلام وتوافق مع غيره من المؤمنين ) وأقول بأن هذه الصفات هي الإسلام , فإنها لم تأتي بعد - في زمن المسيح - ولكن كانت مهمة المسيح عليه السلام أن يبشر بقدومها .

 

 

ثم نأتي إلى النقطة الثانية التي توضح جهل المقارنة توضيحاً بيناً لا مرية فيه , أنه يقول أن الجزية وسيلة لإجبار الناس على قبول رسالته وهذا جهل محض , إذ أن الآية تقول أنه يظل على كفره وشركه مع دفع الجزية , فكيف تكون إجبار للناس على قبول الرسالة ؟ وإليكم نبذة سريعة عن الجزية :

 

أولاً - الجزية في اللغة : الجزية في اللغة مشتقة من مادة (ج ز ي)، تقول العرب: "جزى ، يجزي، إذا كافأ عما أسدي إليه"، والجزية مشتق على وزن فِعلة من المجازاة، بمعنى "أعطوها جزاء ما منحوا من الأمن" .

 

ثانياً - الجزية قبل الإسلام : لم يكن الإسلام بدعاً بين الأديان، كما لم يكن المسلمون كذلك بين الأمم حين أخذوا الجزية من الأمم التي دخلت تحت ولايتهم، فإن أخذ الأمم الغالبة للجزية من الأمم المغلوبة أشهر من علم ، فالتاريخ البشري أكبر شاهد على ذلك. وقد نقل العهد الجديد شيوع هذه الصورة حين قال المسيح لسمعان: " ماذا تظن يا سمعان؟ ممن يأخذ ملوك الأرض الجباية أو الجزية، أمن بنيهم أم من الأجانب؟ قال له بطرس من الأجانب.قال له يسوع: فإذاً البنون أحرار " (متى 17/24-25). والمسيحية لم تنقض شيئا من شرائع اليهودية، فقد جاء المسيح متمماً للناموس لا ناقضاً له (انظر متى 5/17)، بل وأمر المسيح أتباعه بدفع الجزية للرومان، وسارع هو إلى دفعها ، فقد قال لسمعان: " اذهب إلى البحر وألق صنارة، والسمكة التي تطلع أولا خذها، ومتى فتحت فاها تجد أستارا، فخذه وأعطهم عني وعنك" (متى 17/24-27) . ولم يجد المسيح غضاضة في مجالسة ومحبة العشارين الذين يقبضون الجزية ويسلمونها للرومان (انظر متى 11/19)، واصطفى منهم متى العشار ليكون أحد رسله الاثني عشر (انظر متى 9/9). ويعتبر العهد الجديد أداء الجزية للسلاطين حقاً مشروعاً، بل ويعطيه قداسة ويجعله أمراً دينياً، إذ يقول: "لتخضع كل نفس للسلاطين، السلاطين الكائنة هي مرتبة من الله. حتى إن من يقاوم السلطان يقاوم ترتيب الله، والمقاومون سيأخذون لأنفسهم دينونة... إذ هو خادم الله، منتقم للغضب من الذي يفعل الشر. لذلك يلزم أن يخضع له ليس بسبب الغضب فقط، بل أيضا بسبب الضمير. فإنكم لأجل هذا توفون الجزية أيضاً، إذ هم خدام الله مواظبون على ذلك بعينه، فأعطوا الجميع حقوقهم، الجزية لمن له الجزية، الجباية لمن له الجباية، والخوف لمن له الخوف، والإكرام لمن له الإكرام" (رومية 13/1-7).

 

ثالثاً - الجزية في الإسلام : قد أمر الله بأخذ الجزية من المقاتلين دون غيرهم كما نصت الآية على ذلك { قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون } (سورة التوبة - 29) قال القرطبي: "قال علماؤنا: الذي دل عليه القرآن أن الجزية تؤخذ من المقاتلين... وهذا إجماع من العلماء على أن الجزية إنما توضع على جماجم الرجال الأحرار البالغين، وهم الذين يقاتلون دون النساء والذرية والعبيد والمجانين المغلوبين على عقولهم والشيخ الفاني".( الجامع لأحكام القرآن 8/72 )
وقد كتب عمر إلى أمراء الأجناد: (لا تضربوا الجزية على النساء والصبيان، ولا تضربوها إلا على من جرت عليه المواسي)( انظره في إرواء الغليل ح 1255 ) أي ناهز الاحتلام.
ولم يكن المبلغ المدفوع للجزية كبيراً تعجز عن دفعه الرجال، بل كان ميسوراً ، لم يتجاوز على عهد النبي صلى الله عليه وسلم الدينار الواحد في كل سنة، فيما لم يتجاوز الأربعة دنانير سنوياً زمن الدولة الأموية.

فحين أرسل النبي معاذاً إلى اليمن أخذ من كل حالم منهم دينارا، يقول معاذ: (بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، فأمرني أن آخذ من كل ثلاثين بقرة تبيعا، أو تبيعة، ومن كل أربعين مسنة (هذه زكاة على المسلمين منهم)، ومن كل حالم ديناراً، أو عدله مَعافر(للجزية))-(رواه الترمذي في سننه ح (623)، وأبو داود في سننه ح (1576)، والنسائي في سننه ح (2450)، وصححه الألباني في مواضع متفرقة ، منها صحيح الترمذي (509).)، والمعافري: الثياب.
وفي عهد عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- ضرب الجزية على أهل الذهب: أربعة دنانير، وعلى أهل الورِق: أربعين درهما؛ مع ذلك أرزاق المسلمين، وضيافة ثلاثة أيام.(مشكاة المصابيح ح (3970)، وصححه الألباني) - منقول من مقالة الدكتور منقذ السقار عن الجزية في الإسلام

 

فهل هذا إجبار على دخول دين الإسلام ؟ وأين الآيات الصريحة التي تتكلم عن حرية الإختيار ؟

 

وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ [الكهف : 29]

 

قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ {1} لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ {2} وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ {3} وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ {4} وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ {5} لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ {6} سورة الكافرون

 

فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ {21} لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ {22} سورة الغاشية

 

إِنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ [الزمر : 41]

 

وغير هذه الآيات الكثير فكيف يتجاهل كل هذه الآيات ويقول أن الإسلام يفرض على الآخر دينه ويأتي بآية تتحدث في خارج نقطة المقارنة ؟

 

 

وفي النقطة الثالثة يتكلم تقريباً عن نفس الموضوع , ولكنه فقط يطيل في الجدول للإطالة فحسب , ويكرر نفس الآية مرة أخرى وهذا دليل على إفلاسه ولن نقوم بشرحها طبعاً من جديد ولكن نوضح أنه خاوي الجعبه لا يملك شيئاً ليقدمه فيكرر الآية مرتين وهذا ثاني مرة يكرر آية في نقطتين مختلفتين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم , ثم يأتي بحديث ولا يذكر مصدره أو مرجعه ولا أعلم السبب , هل كان مستعجلاً أم نقله بالسماع ولا يعرف مصدره , وفي كلا الحالتين لا يهم , فالحديث موجود في صحيح البخاري :

 

25 - عَنْ وَاقِدِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّى دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلاَّ بِحَقِّ الإِسْلاَمِ ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ » .

 

معجم المحيط : قَاتَلَ يُقَاتِلُ قِتَالا ومُقاتَلَةً : حاربه ودافعه

ولتفهموا أمر القتال فإليكم الآية التي تفسر الحديث : وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ [البقرة : 190]

 

يقول الإمام السعدي في تفسيره : { الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ } أي: الذين هم مستعدون لقتالكم، وهم المكلفون الرجال، غير الشيوخ الذين لا رأي لهم ولا قتال. والنهي عن الاعتداء، يشمل أنواع الاعتداء كلها، من قتل من لا يقاتل، من النساء، والمجانين والأطفال، والرهبان ونحوهم والتمثيل بالقتلى، وقتل الحيوانات، وقطع الأشجار [ونحوها]، لغير مصلحة تعود للمسلمين. ومن الاعتداء، مقاتلة من تقبل منهم الجزية إذا بذلوها، فإن ذلك لا يجوز.

 

وقال البيضاوي في تفسيره : معناه الذين يناصبونكم القتال ويتوقع منهم ذلك دون غيرهم من المشايخ والصبيان والرهبان والنساء ، أو الكفرة كلهم فإنهم بصدد قتال المسلمين وعلى قصده . { وَلاَ تَعْتَدُواْ } بابتداء القتال ، أو بقتال المعاهد ، أو المفاجأة به من غير دعوة ، أو المثلة ، أو قتل من نهيتم عن قتله . { إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ المعتدين } لا يريد بهم الخير .

 

فأي أمر جاء فيه القتال , يدل على أن المسلم هو المظلوم : أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ [الحج : 39]

وهذا التفسير ساري على آية التوبة , حيث أن القتال جاء بعد رفض دفع الجزية عن طيب خاطر , لذلك قاتلناهم عليها حتى يدفعوها .

ومثل الجزية عندي كمثل من يركب الأوتوبيس , إذا ركبته لزمك أن تدفع ثمن التذكرة مقابل خدمة التوصيل , وإن لم تدفع فسوف تُضرب على قفاك وتُخَذ إلى قسم الشرطة حتى تدفع ثمن التذكرة - ورجليك فوق رقبتك - فهذا حق مقابل خدمة , فلا يجوز عدم ودفع وإن لم تدفع تُقاتل حتى تدفع وأنت صاغر مذلول , هذا إن كنت قادراً على دفع ثمن التذكرة وتمنعت تكبراً , أما إذا كان فقيراً غير قادراً فغالباً - الكمسري بيكبر دماغه منه وبيخليه يركب سفلقه عادي - لأنه غير قادر على دفع ثمن التذكره فلا حرج عليه .

 

أما رسالة محمد صلى الله عليه وسلم فقد وضحناها بآيات من قبل ولا نعترض على النص الذي جاء به المقارن إذ أن هذه هي مهمة جميع الرسل والأنبياء فقد بعثهم الله بالرحمة والهدى والنور ولو نظرت في النص جيداً : Luk 4:18 «رُوحُ الرَّبِّ عَلَيَّ لأَنَّهُ مَسَحَنِي ,  والنص المشابه له في رسالة إلى العبرانيين : Heb 1:9 أَحْبَبْتَ الْبِرَّ وَأَبْغَضْتَ الإِثْمَ. مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ مَسَحَكَ اللهُ إِلَهُكَ بِزَيْتِ الاِبْتِهَاجِ أَكْثَرَ مِنْ شُرَكَائِكَ».

تدل دلالة  واضحة على أن المسيح عبد الله وأن الله عز وجل هو من مسحه وأعطاه روح - أي وحياً - كما لمحمد صلى الله عليه وسلم :

 

وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ [الشورى : 52]

 

وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ {192} نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ {193} عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ {194} بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ {195} الشعراء

 

فلا فرق بينهما ولكن المقارن فقط يريد عمل فتنة وفرقة بين الأنبياء والمرسلين وتفضيل واحد على الآخر لسوء فهمه وجهله .

 

أما في نقطة الرحمة فانظر الآتي :

- إلهنا هو الرحمن الرحيم :

وَإِلَـهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ [البقرة : 163]

- فهو سبحانه كتب على نفسه الرحمة :

قُل لِّمَن مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُل لِلّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ [الأنعام : 12]

- ويبشرهم جل جلاله بالرحمة :

يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ [التوبة : 21]

- فهو سبحانه وتعالى رحمته وسعت كل شيء :

وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ [الأعراف : 156]

رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ [غافر : 7]

- ومن يعبدونه هم في رحمة الله :

فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ بِاللّهِ وَاعْتَصَمُواْ بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً [النساء : 175]

- وهو جل جلاله أرسل محمداً صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين :

وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ [الأنبياء : 107]

- وأنزل معه الكتاب - القرآن الكريم - هدى ورحمة :

وَلَقَدْ جِئْنَاهُم بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [الأعراف : 52]

- الرسول محمد صلى الله عليه وسلم كان ياعمل المؤمنين برحمة :

فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ [آل عمران : 159]

- الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بالمؤمنين رؤف رحيم :

لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ [التوبة : 128]

 

ولتعلم منتهى الرحمة انظر إلى هذه الرواية التي إن قرأتها بصدق ونفس صافية لفاضت عيناك بالدموع من التأثر :

 

حتى مع الحيوان والحشرات كان رحيماً , فهو الرحمة المهداة :

 

سنن أبي داود 2677 - عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِى سَفَرٍ فَانْطَلَقَ لِحَاجَتِهِ فَرَأَيْنَا حُمَّرَةً مَعَهَا فَرْخَانِ فَأَخَذْنَا فَرْخَيْهَا فَجَاءَتِ الْحُمَّرَةُ فَجَعَلَتْ تَفْرُشُ فَجَاءَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ « مَنْ فَجَعَ هَذِهِ بِوَلَدِهَا رُدُّوا وَلَدَهَا إِلَيْهَا ». وَرَأَى قَرْيَةَ نَمْلٍ قَدْ حَرَّقْنَاهَا فَقَالَ « مَنْ حَرَّقَ هَذِهِ ». قُلْنَا نَحْنُ. قَالَ « إِنَّهُ لاَ يَنْبَغِى أَنْ يُعَذِّبَ بِالنَّارِ إِلاَّ رَبُّ النَّارِ ».

 

سلوا مكة ورجالها , وسلوا الطائف وجبالها عن رحمة سيد البشرية والرجال , حينما رفض الدعاء على أهل الطائف :

 

صحيح البخاري 3231 - عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا قَالَتْ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ قَالَ « لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ مَا لَقِيتُ ، وَكَانَ أَشَدُّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ ، إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِى عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلاَلٍ ، فَلَمْ يُجِبْنِى إِلَى مَا أَرَدْتُ ، فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِى ، فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلاَّ وَأَنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ ، فَرَفَعْتُ رَأْسِى ، فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِى ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ فَنَادَانِى فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ ، وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ ، فَنَادَانِى مَلَكُ الْجِبَالِ ، فَسَلَّمَ عَلَىَّ ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ ، فَقَالَ ذَلِكَ فِيمَا شِئْتَ ، إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمِ الأَخْشَبَيْنِ ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلاَبِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا » .

 

أبعد أن آذوك وشتموت وأدمو قدميك تحرص على هدايتهم يا رسول الله ؟ بالتأكيد قد عرفت أين دين الرحمة ؟

________________________________________

 

* النقطة الحادية عشر في المقارنة : وهنا سوف نقوم بدمج أربع نقاط في نقطة واحدة

 

* تفنيد النقطة الحادية عشر :

يتشدق المقارن بلقب إبن الله ويقول أن محمداً صلى الله عليه وسلم هو بشر وكأن المسيح عليه السلام لم يكن بشراً , وبخصوص لقب إبن الله فقد وضح لهم المسيح نفسه أنه لقب يخص الصالحين وهو ليس مخصص له وحده ولكنه لقب عام لجميع بني إسرائيل ونرجع إلى نفس النصوص التي وضعها المقارن ونقرأ سباقها ولحاقها لنعلم أن لقب إبن الله لا يجعل المسيح عليه السلام مميزاً :

 

Joh 10:34 أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «أَلَيْسَ مَكْتُوباً فِي نَامُوسِكُمْ: أَنَا قُلْتُ إِنَّكُمْ آلِهَةٌ؟
Joh 10:35
إِنْ قَالَ آلِهَةٌ لِأُولَئِكَ الَّذِينَ صَارَتْ إِلَيْهِمْ كَلِمَةُ اللَّهِ وَلاَ يُمْكِنُ أَنْ يُنْقَضَ الْمَكْتُوبُ
Joh 10:36 فَالَّذِي قَدَّسَهُ الآبُ وَأَرْسَلَهُ إِلَى الْعَالَمِ أَتَقُولُونَ لَهُ: إِنَّكَ تُجَدِّفُ لأَنِّي قُلْتُ
إِنِّي ابْنُ اللَّهِ؟
Joh 10:37 إِنْ كُنْتُ لَسْتُ
أَعْمَلُ أَعْمَالَ أَبِي فلاَ تُؤْمِنُوا بِي.

 

يستشهد المسيح عليه السلام على اليهود بنص موجود في المزامير في العهد القديم يوضح أن بني إسرائيل لقبوا بأنهم آلهة :

 

Psa 82:6 أَنَا قُلْتُ إِنَّكُمْ آلِهَةٌ وَبَنُو الْعَلِيِّ كُلُّكُمْ.
Psa 82:7 لَكِنْ مِثْلَ النَّاسِ تَمُوتُونَ وَكَأَحَدِ الرُّؤَسَاءِ تَسْقُطُونَ.

 

فيقول بكل بساطة إنه إن كنت أنتم دُعيتم آلهة وأبناء الله كلكم , فلماذا تستكثرون علي أن أقول عن نفسي إبن الله ؟ والحقيقة أنهم استكثروا عليه هذا لأن العقيدة اليهودية تؤمن بأن المسيح عليه السلام هو من نتاج زنى , فكانوا يستحقروه واستكثروا عليه لقب ابن الله , ويقول أيضاً المسيح عليه السلام أنه قيل عن الذين صارت إليهم كلمة الله - أمثال الأنبياء والرسل - أنهم آلهة وأبناء الله وإليكم أمثلة :

 

آدم عليه السلام إبن الله :

 

Luk 3:38 بْنِ أَنُوشَ بْنِ شِيتِ بْنِ آدَمَ ابْنِ اللهِ.

 

سليمان عليه السلام إبن الله :

 

1Ch 17:12 هُوَ يَبْنِي لِي بَيْتاً وَأَنَا أُثَبِّتُ كُرْسِيَّهُ إِلَى الأَبَدِ.
1Ch 17:13
أَنَا أَكُونُ لَهُ أَباً وَهُوَ يَكُونُ لِيَ ابْناً, وَلاَ أَنْزِعُ رَحْمَتِي عَنْهُ كَمَا نَزَعْتُهَا عَنِ الَّذِي كَانَ قَبْلَكَ.

 

داود عليه السلام إبن الله :

 

Psa 2:7 إِنِّي أُخْبِرُ مِنْ جِهَةِ قَضَاءِ الرَّبِّ. قَالَ لِي: [أَنْتَ ابْنِي. أَنَا الْيَوْمَ وَلَدْتُكَ.


بني إسرائيل عامة أبناء الله :

 

Exo 4:22 فَتَقُولُ لِفِرْعَوْنَ: هَكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ: اسْرَائِيلُ ابْنِي الْبِكْرُ.
Exo 4:23 فَقُلْتُ لَكَ: اطْلِقِ
ابْنِي لِيَعْبُدَنِي فَابَيْتَ انْ تُطْلِقَهُ. هَا انَا اقْتُلُ ابْنَكَ الْبِكْرَ».

 

موسى عليه السلام قيل عنه أنه إله :

 

Exo 7:1 فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «انْظُرْ! انَا جَعَلْتُكَ الَها لِفِرْعَوْنَ. وَهَارُونُ اخُوكَ يَكُونُ نَبِيَّكَ.
Exo 4:16 وَهُوَ يُكَلِّمُ الشَّعْبَ عَنْكَ. وَهُوَ يَكُونُ لَكَ فَما وَانْتَ تَكُونُ لَهُ
الَها.


وأيضاً القضاة آلهة :

 

Psa 82:1 مَزْمُورٌ لآسَافَ اَللهُ قَائِمٌ فِي مَجْمَعِ اللهِ. فِي وَسَطِ الآلِهَةِ يَقْضِي.


ونكتفي بهذا القدر حتى نوضح أن اللقب لا يعني شيء في الكتاب المقدس فإن كان المسيح يدعى إبن الله فهو عبد من عبد الله الصالحين :

 

Mat 5:9 طُوبَى لِصَانِعِي السَّلاَمِ لأَنَّهُمْ أَبْنَاءَ اللَّهِ يُدْعَوْنَ.


واستشهد المسيح عليه السلام في النهاية بالقول الآتي (
أَعْمَلُ أَعْمَالَ أَبِي ) وهنا نرجع للنص الذي يقول :

 

Joh 5:36 الأَعْمَالَ الَّتِي أَعْطَانِي الآبُ لِأُكَمِّلَهَا هَذِهِ الأَعْمَالُ بِعَيْنِهَا الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا هِيَ تَشْهَدُ لِي أَنَّ الآبَ قَدْ أَرْسَلَنِي.


فالقصة كلها , هو أنه يقول أنه عبد صالح مرسل من الله عز وجل كمثله من الأنبياء والرسل .

 

أما القرآن الكريم فيقول : وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ [الأنبياء : 26]

وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ [المائدة : 18]

 

 

ومن جهل المقارن أن يأتي بهذه الآية , ويقول أنها تدل على أن محمداً صلى الله عليه وسلم لم ياتي بمعجزات , وهذا جهل محض , ولو اطلع على أي تفسير من تفاسير المسلمين لكان قد عفى نفسه من الإحراج , ولكنها ثقافة سمعية , يسمع في غرف النصارى أن الآية تقول أن محمداً صلى الله عليه وسلم لم يكن له معجزات فينقلها كما هي دون فهم ولا بحث .

 

يقول البيضاوي في تفسيره : { وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بالآيات } ما صرفنا عن إرسال الآيات التي اقترحها قريش . { إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأولون } إلا تكذيب الأولين الذين هم أمثالهم في الطبع كعاد وثمود ، وأنها لو أرسلت لكذبوا بها تكذيب أولئك ، واستوجبوا الاستئصال على ما مضت به سنتنا وقد قضينا أن لا نستأصلهم ، لأن منهم من يؤمن أو يلد من يؤمن . ثم ذكر بعض الأمم المهلكة بتكذيب الآيات المقترحة فقال : { وَءَاتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ } بسؤالهم .

 

مسند أحمد 2203- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَتْ قُرَيْشٌ لِلنَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- ادْعُ لَنَا رَبَّكَ أَنْ يَجْعَلَ لَنَا الصَّفَا ذَهَباً وَنُؤْمِنَ بِكَ. قَالَ « وَتَفْعَلُونَ ». قَالُوا نَعَمْ. قَالَ فَدَعَا فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ إِنَّ رَبَّكَ عَزَّ وَجَلَّ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلاَمَ وَيَقُولُ إِنْ شِئْتَ أَصْبَحَ لَهُمُ الصَّفَا ذَهَباً فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْهُمْ عَذَّبْتُهُ عَذَاباً لاَ أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعَالَمِينَ وَإِنْ شِئْتَ فَتَحْتُ لَهُمْ بَابَ التَّوْبَةِ وَالرَّحْمَةِ. قَالَ « بَلْ بَابُ التَّوْبَةِ وَالرَّحْمَةِ ».

قال الألباني : رجاله ثقات , رجال الشيخين , فهو على شرطهما - السلسلة الصحيحة 7 / 1159

 

فهذه رحمة من الله عز وجل , لأنه علم جل جلاله , أنه لو جعل لهم الصفا ذهباً لما آمنوا , ولاقتضى من عدم إيمانهم الفناء كأمثال من سبقوهم , ولكن أراد الله عز وجل للرسالة أن تستمر لأن محمد صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء والمرسلين , ولا يقتضي بعد هذه الآية أن محمداً صلى الله عليه وسلم لم يكن له معجزات .

 

أما في موضوع المعجزات عامة , فحتى لو لم يكن هناك أي معجزة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم , فهذا لا يعني أنه ليس نبياً , فيحيى عليه السلام من أعظم الأنبياء لدى النصارى وليس له أي معجزة , فهل هذا يقدح فيه عليه السلام ؟ ويقول المسيح أيضاً :

 

Mat 24:24 لأَنَّهُ سَيَقُومُ مُسَحَاءُ كَذَبَةٌ وَأَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ وَيُعْطُونَ آيَاتٍ عَظِيمَةً وَعَجَائِبَ حَتَّى يُضِلُّوا لَوْ أَمْكَنَ الْمُخْتَارِينَ أَيْضاً.


فهنا , من الواضح أن المعجزات والآيات العظيمة والعجائب ليت دليلاً على صدقهم بل هم مع وجود المعجزات كذابين .

وإليكم نبذة عن معجزات النبي محمد صلى الله عليه وسلم :

 

المعجزة الكبرى القرآن الكريم :

أعطى الله عز وجل كل نبي من الأنبياء عليهم السلام معجزة خاصة به لم يعطيها بعينها غيره تحدى بها قومه, وكانت معجزة كل نبي تقع مناسبة لحال قومه وأهل زمانه . فلما كان الغالب على زمان موسى عليه السلام السحر وتعظيم السحرة, بعثه الله بمعجزة بهرت الأبصار, وحيرت كل سحار, فلما استيقنوا أنها من عند العزيز الجبار انقادوا للإسلام وصاروا من عباد الله الأبرار . وأما عيسى عليه السلام فبعثه الله في زمن الأطباء وأصحاب علم الطبيعة, فجاءهم من الآيات بما لا سبيل لأحد إليه إلا أن يكون مؤيدا من الذي شرع الشريعة, فمن أين للطبيب قدرة على إحياء الجماد, وبعث من هو في قبره رهين إلى يوم التناد, أو على مداواة الأكمه والأبرص . وكذلك نبينا بعث في زمان الفصحاء والبلغاء وتجاريد الشعراء, فأتاهم بكتاب من عند الله عز وجل, فاتهمه أكثرهم أنه اختلقه وافتراه من عنده فتحداهم ودعاهم أن يعارضوه ويأتوا بمثله وليستعينوا بمن شاءوا فعجزوا عن ذلك كما قال تعالي : قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً [الإسراء : 88] وكما قال الله تعالي : أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لَّا يُؤْمِنُونَ {33} فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ {34} سورة الطور .


ثم تقاصر معهم إلى عشر سور منه فقال فى سورة يونس: أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين . ثم تنازل إلى سورة فقال فى سورة يونس: أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين وكذلك في سورة البقرة وهى مدنية أعاد التحدي بسورة منه, وأخبر تعالى أنهم لا يستطيعون ذلك أبدا لا في الحال ولا في المآل فقال تعالى : وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ {23} فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ {24} سورة البقرة .


وهكذا وقع, فانه من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى زماننا هذا لم يستطع أحد أن يأتي بنظيره ولا نظير سورة منه, وهذا لا سبيل إليه أبدا؛ فإنه كلام رب العالمين الذي لا يشبهه شيء من خلقه لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله, فأنى يشبه كلام المخلوقين كلام الخالق ؟

 

الإسراء والمعراج :

وهذه رواية طويلة ومشهورة لمن يريد قرائتها يذهب إلى صحيح مسلم 429 وإليكم رابط صحيح مسلم - كتاب الإيمان - باب الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السموات http://hadith.al-islam.com/Display/Hier.asp?Doc=1&n=391

 

إنشقاق القمر :

من المعجزات التي أيَّد الله بها نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم، معجزة انشقاق القمر إلى شقين، حتى رأى بعض الصحابة جبل حراء بينهما.

وكان وقوع هذه المعجزة قبل الهجرة النبوية عندما طلب منه كفار مكة آية تدل على صدق دعوته ، ففي الحديث :

 

* صحيح البخاري 3868 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً ، فَأَرَاهُمُ الْقَمَرَ شِقَّتَيْنِ ، حَتَّى رَأَوْا حِرَاءً بَيْنَهُمَا .

 

* صحيح البخاري 3636 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ انْشَقَّ الْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شِقَّتَيْنِ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « اشْهَدُوا » .

 

* صحيح البخاري 4864 - عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ انْشَقَّ الْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِرْقَتَيْنِ ، فِرْقَةً فَوْقَ الْجَبَلِ وَفِرْقَةً دُونَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « اشْهَدُوا » .

 

* سنن الترمذي 3600 - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ انْشَقَّ الْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- حَتَّى صَارَ فِرْقَتَيْنِ عَلَى هَذَا الْجَبَلِ وَعَلَى هَذَا الْجَبَلِ فَقَالُوا سَحَرَنَا مُحَمَّدٌ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَئِنْ كَانَ سَحَرَنَا مَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْحَرَ النَّاسَ كُلَّهُمْ.


وهذه المعجزة إحدى علامات الساعة التي حدثت، ففي حديث صحيح البخاري 4767 - عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ خَمْسٌ قَدْ مَضَيْنَ الدُّخَانُ وَالْقَمَرُ وَالرُّومُ وَالْبَطْشَةُ وَاللِّزَامُ ( فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا ) .

واللزام: القحط، وقيل التصاق القتلى بعضهم ببعض يوم بدر، والبطشة : القتل الذي وقع يوم بدر.
وجاء ذكر هذه الحادثة في القرآن الكريم مقروناً باقتراب الساعة ، قال تعالى : اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ {1} وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ {2} وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ {3} وَلَقَدْ جَاءهُم مِّنَ الْأَنبَاء مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ {4} حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ {5} سورة القمر ، ولما كان من عادة قريش التعنت والتكذيب فقد أعرضوا عما جاءهم، ووصفوا ما رأوه بأنه سحر ساحر. وقد حكى القرآن لسان حالهم ومقالهم .

 

تكثيره الماء ونبعه من بن أصابعه الشريفة :

الماء نعمة من نعم الله العظيمة، التي وهبها الله لعباده ، أنزله من السماء ، فسالت أودية بقدرها، وأودعه الأرض وجعل منه ينابيع وأنهاراً، وجعله شراباً سائغاً ، وجعل أمر الحياة عليه قائما، قال تعالى : وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ [الأنبياء : 30] ، وإذا كان نبع الماء من الأرض آية ، ونبعه من الحجر الأصم آية أعظم ، فما ظنك إذا كان نبعه من بين الأصابع ، فذلك معجزة وكرامة .


ومعجزة نبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم كانت من المعجزات التي أكرم الله بها نبيه صلى الله عليه وسلم ، وقد تكرر حصول تلك المعجزة عدة مراتٍ ، وفي مناسبات مختلفة، رأى ذلك الصحابة الكرام، ونقلوه إلينا نقلاً واضحاً بينا .


* صحيح البخاري 3576 - عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ عَطِشَ النَّاسُ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ ، وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ فَتَوَضَّأَ فَجَهَشَ النَّاسُ نَحْوَهُ ، فَقَالَ « مَا لَكُمْ » . قَالُوا لَيْسَ عِنْدَنَا مَاءٌ نَتَوَضَّأُ وَلاَ نَشْرَبُ إِلاَّ مَا بَيْنَ يَدَيْكَ ، فَوَضَعَ يَدَهُ فِى الرَّكْوَةِ فَجَعَلَ الْمَاءُ يَثُورُ بَيْنَ أَصَابِعِهِ كَأَمْثَالِ الْعُيُونِ ، فَشَرِبْنَا وَتَوَضَّأْنَا . قُلْتُ كَمْ كُنْتُمْ قَالَ لَوْ كُنَّا مِائَةَ أَلْفٍ لَكَفَانَا ، كُنَّا خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً .


* صحيح البخاري 3572 - عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ أُتِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِإِنَاءٍ وَهْوَ بِالزَّوْرَاءِ ، فَوَضَعَ يَدَهُ فِى الإِنَاءِ ، فَجَعَلَ الْمَاءُ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ ، فَتَوَضَّأَ الْقَوْمُ . قَالَ قَتَادَةُ قُلْتُ لأَنَسٍ كَمْ كُنْتُمْ قَالَ ثَلاَثَمِائَةٍ ، أَوْ زُهَاءَ ثَلاَثِمِائَةٍ .


* صحيح البخاري 3579 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنَّا نَعُدُّ الآيَاتِ بَرَكَةً وَأَنْتُمْ تَعُدُّونَهَا تَخْوِيفًا ، كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى سَفَرٍ فَقَلَّ الْمَاءُ فَقَالَ « اطْلُبُوا فَضْلَةً مِنْ مَاءٍ » . فَجَاءُوا بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ قَلِيلٌ ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِى الإِنَاءِ ، ثُمَّ قَالَ « حَىَّ عَلَى الطَّهُورِ الْمُبَارَكِ ، وَالْبَرَكَةُ مِنَ اللَّهِ » فَلَقَدْ رَأَيْتُ الْمَاءَ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ، وَلَقَدْ كُنَّا نَسْمَعُ تَسْبِيحَ الطَّعَامِ وَهْوَ يُؤْكَلُ .


وفي هذه المعجزة النبوية إشارة واضحة بينّة، ودلالة عظيمة شاهدة على تأييد الله سبحانه لرسوله صلى الله عليه وسلم ، إذ كان لهذه المعجزة وأمثالها من المعجزات النبوية الأثر البالغ في زيادة الإيمان، وقوة التعلق بالواحد الديان من قبل الصحابة الكرام رضي الله عنهم أجمعين، وخاصة أنهم كانوا في ظروف صعبة، نتيجة صراعهم مع أهل الباطل من المشركين واليهود والمنافقين، فكانت مثل هذه الحوادث عوناً لهم ، وزاداً إيمانياً قوياً ، إضافة إلى ما تتركه مثل هذه المعجزات من أثرٍ في نفوس الكافرين والمعاندين، وتلفت الانتباه إلى أن الله هو القوي القادر، الذي لا يعجزه شئ في الأرض ولا في السماء .

 

تكثيره الطعام والشراب :

من المعجزات التي أكرم الله بها نبيه صلى الله عليه وسلم تكثير الطعام القليل ، وزيادة البركة فيه ، حتى إن اليسير منه الذي لا يكاد يكفي الشخص أو الشخصين ، يسد حاجة الجمع الغفير ، والعدد الكبير من القوم، وهذه المعجزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم تكررت في أماكن مختلفة ، وفي مناسبات متعددة .

 

* صحيح البخاري 4102 - عَنْ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا حُفِرَ الْخَنْدَقُ رَأَيْتُ بِالنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - خَمَصًا شَدِيدًا ، فَانْكَفَأْتُ إِلَى امْرَأَتِى فَقُلْتُ هَلْ عِنْدَكِ شَىْءٌ فَإِنِّى رَأَيْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَمَصًا شَدِيدًا . فَأَخْرَجَتْ إِلَىَّ جِرَابًا فِيهِ صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ ، وَلَنَا بُهَيْمَةٌ دَاجِنٌ فَذَبَحْتُهَا ، وَطَحَنَتِ الشَّعِيرَ فَفَرَغَتْ إِلَى فَرَاغِى ، وَقَطَّعْتُهَا فِى بُرْمَتِهَا ، ثُمَّ وَلَّيْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ لاَ تَفْضَحْنِى بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَبِمَنْ مَعَهُ . فَجِئْتُهُ فَسَارَرْتُهُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَبَحْنَا بُهَيْمَةً لَنَا وَطَحَنَّا صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ كَانَ عِنْدَنَا ، فَتَعَالَ أَنْتَ وَنَفَرٌ مَعَكَ . فَصَاحَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ « يَا أَهْلَ الْخَنْدَقِ ، إِنَّ جَابِرًا قَدْ صَنَعَ سُورًا فَحَىَّ هَلاً بِكُمْ » . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لاَ تُنْزِلُنَّ بُرْمَتَكُمْ ، وَلاَ تَخْبِزُنَّ عَجِينَكُمْ حَتَّى أَجِىءَ » . فَجِئْتُ وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقْدُمُ النَّاسَ حَتَّى جِئْتُ امْرَأَتِى ، فَقَالَتْ بِكَ وَبِكَ . فَقُلْتُ قَدْ فَعَلْتُ الَّذِى قُلْتِ . فَأَخْرَجَتْ لَهُ عَجِينًا ، فَبَصَقَ فِيهِ وَبَارَكَ ، ثُمَّ عَمَدَ إِلَى بُرْمَتِنَا فَبَصَقَ وَبَارَكَ ثُمَّ قَالَ « ادْعُ خَابِزَةً فَلْتَخْبِزْ مَعِى وَاقْدَحِى مِنْ بُرْمَتِكُمْ وَلاَ تُنْزِلُوهَا ، وَهُمْ أَلْفٌ ، فَأُقْسِمُ بِاللَّهِ لَقَدْ أَكَلُوا حَتَّى تَرَكُوهُ وَانْحَرَفُوا ، وَإِنَّ بُرْمَتَنَا لَتَغِطُّ كَمَا هِىَ ، وَإِنَّ عَجِينَنَا لَيُخْبَزُ كَمَا هُوَ .

 

* صحيح مسلم 148 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ لَمَّا كَانَ غَزْوَةُ تَبُوكَ أَصَابَ النَّاسَ مَجَاعَةٌ. قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَذِنْتَ لَنَا فَنَحَرْنَا نَوَاضِحَنَا فَأَكَلْنَا وَادَّهَنَّا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « افْعَلُوا ». قَالَ فَجَاءَ عُمَرُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ فَعَلْتَ قَلَّ الظَّهْرُ وَلَكِنِ ادْعُهُمْ بِفَضْلِ أَزْوَادِهِمْ ثُمَّ ادْعُ اللَّهَ لَهُمْ عَلَيْهَا بِالْبَرَكَةِ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَ فِى ذَلِكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « نَعَمْ ». قَالَ فَدَعَا بِنِطَعٍ فَبَسَطَهُ ثُمَّ دَعَا بِفَضْلِ أَزْوَادِهِمْ - قَالَ - فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَجِىءُ بِكَفِّ ذُرَةٍ - قَالَ - وَيَجِىءُ الآخَرُ بَكَفِّ تَمْرٍ - قَالَ - وَيَجِىءُ الآخَرُ بِكِسْرَةٍ حَتَّى اجْتَمَعَ عَلَى النِّطَعِ مِنْ ذَلِكَ شَىْءٌ يَسِيرٌ - قَالَ - فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَيْهِ بِالْبَرَكَةِ ثُمَّ قَالَ « خُذُوا فِى أَوْعِيَتِكُمْ ». قَالَ فَأَخَذُوا فِى أَوْعِيَتِهِمْ حَتَّى مَا تَرَكُوا فِى الْعَسْكَرِ وِعَاءً إِلاَّ مَلأُوهُ - قَالَ - فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا وَفَضِلَتْ فَضْلَةٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنِّى رَسُولُ اللَّهِ لاَ يَلْقَى اللَّهَ بِهِمَا عَبْدٌ غَيْرَ شَاكٍّ فَيُحْجَبَ عَنِ الْجَنَّةِ ».

 

* صحيح البخاري 2395 - عَنْ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَاهُ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ شَهِيدًا ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَاشْتَدَّ الْغُرَمَاءُ فِى حُقُوقِهِمْ ، فَأَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلَهُمْ أَنْ يَقْبَلُوا تَمْرَ حَائِطِى وَيُحَلِّلُوا أَبِى فَأَبَوْا ، فَلَمْ يُعْطِهِمِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حَائِطِى ، وَقَالَ « سَنَغْدُو عَلَيْكَ » . فَغَدَا عَلَيْنَا حِينَ أَصْبَحَ ، فَطَافَ فِى النَّخْلِ ، وَدَعَا فِى ثَمَرِهَا بِالْبَرَكَةِ ، فَجَدَدْتُهَا فَقَضَيْتُهُمْ ، وَبَقِىَ لَنَا مِنْ تَمْرِهَا .

 

* صحيح البخاري 3578 - عَنْ أَنَسِ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ قَالَ أَبُو طَلْحَةَ لأُمِّ سُلَيْمٍ لَقَدْ سَمِعْتُ صَوْتَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ضَعِيفًا ، أَعْرِفُ فِيهِ الْجُوعَ فَهَلْ عِنْدَكِ مِنْ شَىْءٍ قَالَتْ نَعَمْ . فَأَخْرَجَتْ أَقْرَاصًا مِنْ شَعِيرٍ ، ثُمَّ أَخْرَجَتْ خِمَارًا لَهَا فَلَفَّتِ الْخُبْزَ بِبَعْضِهِ ، ثُمَّ دَسَّتْهُ تَحْتَ يَدِى وَلاَثَتْنِى بِبَعْضِهِ ، ثُمَّ أَرْسَلَتْنِى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ فَذَهَبْتُ بِهِ ، فَوَجَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْمَسْجِدِ وَمَعَهُ النَّاسُ ، فَقُمْتُ عَلَيْهِمْ فَقَالَ لِى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « آرْسَلَكَ أَبُو طَلْحَةَ » . فَقُلْتُ نَعَمْ . قَالَ بِطَعَامٍ . فَقُلْتُ نَعَمْ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِمَنْ مَعَهُ « قُومُوا » . فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقْتُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ حَتَّى جِئْتُ أَبَا طَلْحَةَ فَأَخْبَرْتُهُ . فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ ، قَدْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالنَّاسِ ، وَلَيْسَ عِنْدَنَا مَا نُطْعِمُهُمْ . فَقَالَتِ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . فَانْطَلَقَ أَبُو طَلْحَةَ حَتَّى لَقِىَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ، فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو طَلْحَةَ مَعَهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « هَلُمِّى يَا أُمَّ سُلَيْمٍ مَا عِنْدَكِ » . فَأَتَتْ بِذَلِكَ الْخُبْزِ ، فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَفُتَّ ، وَعَصَرَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ عُكَّةً فَأَدَمَتْهُ ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِيهِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ ، ثُمَّ قَالَ « ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ » . فَأَذِنَ لَهُمْ ، فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا ، ثُمَّ قَالَ « ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ » . فَأَذِنَ لَهُمْ ، فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا ، ثُمَّ قَالَ « ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ » . فَأَذِنَ لَهُمْ ، فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا ثُمَّ قَالَ « ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ » . فَأَكَلَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ وَشَبِعُوا ، وَالْقَوْمُ سَبْعُونَ - أَوْ ثَمَانُونَ - رَجُلاً .

 

* سنن الترمذي 4210 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- بِتَمَرَاتٍ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ فِيهِنَّ بِالْبَرَكَةِ. فَضَمَّهُنَّ ثُمَّ دَعَا لِى فِيهِنَّ بِالْبَرَكَةِ فَقَالَ لِى « خُذْهُنَّ وَاجْعَلْهُنَّ فِى مِزْوَدِكَ هَذَا أَوْ فِى هَذَا الْمِزْوَدِ كُلَّمَا أَرَدْتَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا فَأَدْخِلْ فِيهِ يَدَكَ فَخُذْهُ وَلاَ تَنْثُرْهُ نَثْرًا ». فَقَدْ حَمَلْتُ مِنْ ذَلِكَ التَّمْرِ كَذَا وَكَذَا مِنْ وَسْقٍ فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَكُنَّا نَأْكُلُ مِنْهُ وَنُطْعِمُ وَكَانَ لاَ يُفَارِقُ حَقْوِى حَتَّى كَانَ يَوْمُ قَتْلِ عُثْمَانَ فَإِنَّهُ انْقَطَعَ.


وبعد أخي القارئ فتكثير الطعام معجزة أيد الله بها نبيه صلى الله عليه وسلم، شاهدها الناس، وعايشها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، فكان لها دور كبير في دخول الناس في دين الله ، وأثر عظيم في نفوس المسلمين وزيادة إيمانهم ، وتعلقهم بربهم ، وحل مشكلاتهم وأزماتهم ، فسبحان من لا يعجزه شئ في الأرض ولا في السماء .

 

معجزة النبوة في شفاء المرضى :

من المعجزات التي أكرم الله بها نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم ، حصول الشفاء على يديه للكثير من أصحابه ببركته ودعائه، مما كان له كبير الأثر في تثبيت نفوسهم، وزيادة إيمانهم.

 

* صحيح البخاري 3009 - عَنْ أَبِى حَازِمٍ قَالَ أَخْبَرَنِى سَهْلٌ - رضى الله عنه يَعْنِى ابْنَ سَعْدٍ - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ خَيْبَرَ « لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلاً يُفْتَحُ عَلَى يَدَيْهِ ، يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ » . فَبَاتَ النَّاسُ لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَى فَغَدَوْا كُلُّهُمْ يَرْجُوهُ فَقَالَ « أَيْنَ عَلِىٌّ » . فَقِيلَ يَشْتَكِى عَيْنَيْهِ ، فَبَصَقَ فِى عَيْنَيْهِ وَدَعَا لَهُ ، فَبَرَأَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ ، فَأَعْطَاهُ فَقَالَ أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا . فَقَالَ « انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ ، فَوَاللَّهِ لأَنْ يَهْدِىَ اللَّهُ بِكَ رَجُلاً خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ » .

 

* صحيح البخاري 4206 - حَدَّثَنَا الْمَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِى عُبَيْدٍ قَالَ رَأَيْتُ أَثَرَ ضَرْبَةٍ فِى سَاقِ سَلَمَةَ ، فَقُلْتُ يَا أَبَا مُسْلِمٍ ، مَا هَذِهِ الضَّرْبَةُ قَالَ هَذِهِ ضَرْبَةٌ أَصَابَتْنِى يَوْمَ خَيْبَرَ ، فَقَالَ النَّاسُ أُصِيبَ سَلَمَةُ . فَأَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَنَفَثَ فِيهِ ثَلاَثَ نَفَثَاتٍ ، فَمَا اشْتَكَيْتُهَا حَتَّى السَّاعَةِ .


* صحيح البخاري 4039 - عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى أَبِى رَافِعٍ الْيَهُودِىِّ رِجَالاً مِنَ الأَنْصَارِ ، فَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَتِيكٍ ، وَكَانَ أَبُو رَافِعٍ يُؤْذِى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَيُعِينُ عَلَيْهِ ، وَكَانَ فِى حِصْنٍ لَهُ بِأَرْضِ الْحِجَازِ ، فَلَمَّا دَنَوْا مِنْهُ ، وَقَدْ غَرَبَتِ الشَّمْسُ ، وَرَاحَ النَّاسُ بِسَرْحِهِمْ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لأَصْحَابِهِ اجْلِسُوا مَكَانَكُمْ ، فَإِنِّى مُنْطَلِقٌ .... فَوَضَعْتُ رِجْلِى وَأَنَا أُرَى أَنِّى قَدِ انْتَهَيْتُ إِلَى الأَرْضِ فَوَقَعْتُ فِى لَيْلَةٍ مُقْمِرَةٍ ، فَانْكَسَرَتْ سَاقِى ، فَعَصَبْتُهَا بِعِمَامَةٍ ، ثُمَّ انْطَلَقْتُ حَتَّى جَلَسْتُ عَلَى الْبَابِ فَقُلْتُ لاَ أَخْرُجُ اللَّيْلَةَ حَتَّى أَعْلَمَ أَقَتَلْتُهُ فَلَمَّا صَاحَ الدِّيكُ قَامَ النَّاعِى عَلَى السُّورِ فَقَالَ أَنْعَى أَبَا رَافِعٍ تَاجِرَ أَهْلِ الْحِجَازِ . فَانْطَلَقْتُ إِلَى أَصْحَابِى فَقُلْتُ النَّجَاءَ ، فَقَدْ قَتَلَ اللَّهُ أَبَا رَافِعٍ . فَانْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَحَدَّثْتُهُ فَقَالَ « ابْسُطْ رِجْلَكَ » . فَبَسَطْتُ رِجْلِى ، فَمَسَحَهَا ، فَكَأَنَّهَا لَمْ أَشْتَكِهَا قَطُّ .

 

* صحيح البخاري 190 - عَنِ الْجَعْدِ قَالَ سَمِعْتُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ يَقُولُ ذَهَبَتْ بِى خَالَتِى إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ ابْنَ أُخْتِى وَجِعٌ . فَمَسَحَ رَأْسِى وَدَعَا لِى بِالْبَرَكَةِ ، ثُمَّ تَوَضَّأَ فَشَرِبْتُ مِنْ وَضُوئِهِ ، ثُمَّ قُمْتُ خَلْفَ ظَهْرِهِ ، فَنَظَرْتُ إِلَى خَاتَمِ النُّبُوَّةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ مِثْلِ زِرِّ الْحَجَلَةِ . ويذكر المؤرّخون أن السائب بن يزيد طال عمره حتى زاد عن التسعين عاماً وهو محتفظ بصحّته ولم تظهر عليه آثار الشيخوخة، وذلك ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم .


* صحيح البخاري 5651 - عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - يَقُولُ مَرِضْتُ مَرَضًا ، فَأَتَانِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَعُودُنِى وَأَبُو بَكْرٍ وَهُمَا مَاشِيَانِ ، فَوَجَدَانِى أُغْمِىَ عَلَىَّ ، فَتَوَضَّأَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ صَبَّ وَضُوءَهُ عَلَىَّ ، فَأَفَقْتُ فَإِذَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ أَصْنَعُ فِى مَالِى كَيْفَ أَقْضِى فِى مَالِى فَلَمْ يُجِبْنِى بِشَىْءٍ حَتَّى نَزَلَتْ آيَةُ الْمِيرَاثِ .


وإلى جانب علاج الأمراض الحسّية، كان للنبي صلى الله عليه وسلم تأثيرٌ في علاج الأمراض المعنوية، ومن ذلك قصة الشاب الذي أتى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الزنا :

 

* مسند أحمد 22868- عَنْ أَبِى أُمَامَةَ قَالَ إِنَّ فَتًى شَابًّا أَتَى النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِى بِالزِّنَا. فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ فَزَجَرُوهُ وَقَالُوا مَهْ مَهْ. فَقَالَ « ادْنُهْ ». فَدَنَا مِنْهُ قَرِيباً. قَالَ فَجَلَسَ. قَالَ « أَتُحِبُّهُ لأُمِّكَ ». قَالَ لاَ وَاللَّهِ جَعَلَنِى اللَّهُ فِدَاكَ . قَالَ « وَلاَ النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لأُمَّهَاتِهِمْ ». قَالَ « أَفَتُحِبُّهُ لاِبْنَتِكَ ». قَالَ لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ جَعَلَنِى اللَّهُ فِدَاكَ. قَالَ « وَلاَ النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِبَنَاتِهِمْ ». قَالَ « أَفَتُحِبُّهُ لأُخْتِكَ ». قَالَ لاَ وَاللَّهِ جَعَلَنِى اللَّهُ فِدَاكَ. قَالَ « وَلاَ النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لأَخَوَاتِهِمْ ». قَالَ « أَفَتُحِبُّهُ لِعَمَّتِكَ ». قَالَ لاَ وَاللَّهِ جَعَلَنِى اللَّهُ فِدَاكَ. قَالَ « وَلاَ النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِعَمَّاتِهِمْ ». قَالَ « أَفَتُحِبُّهُ لِخَالَتِكَ ». قَالَ لاَ وَاللَّهِ جَعَلَنِى اللَّهُ فِدَاكَ. قَالَ « وَلاَ النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِخَالاَتِهِمْ ». قَالَ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ وَقَالَ « اللَّهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبَهُ وَطَهِّرْ قَلْبَهُ وَحَصِّنْ فَرْجَهُ ». قَالَ فَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ ذَلِكَ الْفَتَى يَلْتَفِتُ إِلَى شَىْءٍ.


تلك المواقف وغيرها تدل على ما أكرم الله عزوجل به رسوله صلى الله عليه وسلم من الكرامات العظيمة، والمنح الكثيرة، تأييداً لدعوته، وتصديقا لنبوته.

 

نطق الجماد والحيوان بين يديه :

من المعجزات والآيات التي أُعطي إياها النبي صلى الله عليه وسلم ، تأييداً لدعوته، وإكراماً له، وإعلاءً لقدره، إنطاق الجماد له، وتكلم الحيوان إليه،

الأمر الذي ترك أثره في النفوس، وحرك العقول، ولفت انتباه أصحابها نحو دعوته التي جاء بها، وأثبت لهم أنها دعوة صادقة مؤيدة بالحجج والأدلة والبراهين، فلا يليق بالعقلاء إلا الاستجابة لها، واتباع هذا الدين العظيم الذي يجلب لهم النفع، ويدفع عنهم الضر، ويرقى بهم بين الأمم، ويضمن لهم سعادة الدارين.  نعم لقد نطق الجماد والحيوان حقاً، فسبّح الطعام، وسلّم الحجر والشجر، وحنَّ الجذع، واشتكى الجمل، إنها آياتٌ وعبر، حصلت وثبتت في صحيح الخبر، فلا بد من تصديقها وقبولها، وإن خالفت عقول البشر.
فمن الجمادات التي أنطقها الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم الطعام الذي سبح الله وهو يُؤكل :

 

* صحيح البخاري 3579 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنَّا نَعُدُّ الآيَاتِ بَرَكَةً وَأَنْتُمْ تَعُدُّونَهَا تَخْوِيفًا ، كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى سَفَرٍ فَقَلَّ الْمَاءُ فَقَالَ « اطْلُبُوا فَضْلَةً مِنْ مَاءٍ » . فَجَاءُوا بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ قَلِيلٌ ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِى الإِنَاءِ ، ثُمَّ قَالَ « حَىَّ عَلَى الطَّهُورِ الْمُبَارَكِ ، وَالْبَرَكَةُ مِنَ اللَّهِ » فَلَقَدْ رَأَيْتُ الْمَاءَ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ، وَلَقَدْ كُنَّا نَسْمَعُ تَسْبِيحَ الطَّعَامِ وَهْوَ يُؤْكَلُ .


* صحيح مسلم 6078 - عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنِّى لأَعْرِفُ حَجَرًا بِمَكَّةَ كَانَ يُسَلِّمُ عَلَىَّ قَبْلَ أَنْ أُبْعَثَ إِنِّى لأَعْرِفُهُ الآنَ ».


* سنن الترمذي 3986 - عَنْ عَلِىِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- بِمَكَّةَ فَخَرَجْنَا فِى بَعْضِ نَوَاحِيهَا فَمَا اسْتَقْبَلَهُ جَبَلٌ وَلاَ شَجَرٌ إِلاَّ وَهُوَ يَقُولُ السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. وصححه الألباني .


* صحيح البخاري 3583 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ إِلَى جِذْعٍ فَلَمَّا اتَّخَذَ الْمِنْبَرَ تَحَوَّلَ إِلَيْهِ ، فَحَنَّ الْجِذْعُ فَأَتَاهُ فَمَسَحَ يَدَهُ عَلَيْهِ .

وفي سنن الدارمي 42 :( خار الجذع كخوار الثور حتى ارتج المسجد ) ، وفي مسند أحمد 21849 : ( خار الجذع حتى تصدع وانشق ) .


أما نطق الحيوان، فهي معجزة وآية أخرى أكرم الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم ، فقد اشتكى الجمل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من ظلم صاحبه له :

 

* سنن أبي داود 2551 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ : أَرْدَفَنِى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- خَلْفَهُ ذَاتَ يَوْمٍ فَأَسَرَّ إِلَىَّ حَدِيثًا لاَ أُحَدِّثُ بِهِ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ وَكَانَ أَحَبُّ مَا اسْتَتَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لِحَاجَتِهِ هَدَفًا أَوْ حَائِشَ نَخْلٍ. قَالَ : فَدَخَلَ حَائِطًا لِرَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ فَإِذَا جَمَلٌ فَلَمَّا رَأَى النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- حَنَّ وَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ فَأَتَاهُ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- فَمَسَحَ ذِفْرَاهُ فَسَكَتَ فَقَالَ : « مَنْ رَبُّ هَذَا الْجَمَلِ لِمَنْ هَذَا الْجَمَلُ ». فَجَاءَ فَتًى مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ : لِى يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ : « أَفَلاَ تَتَّقِى اللَّهَ فِى هَذِهِ الْبَهِيمَةِ الَّتِى مَلَّكَكَ اللَّهُ إِيَّاهَا فَإِنَّهُ شَكَى إِلَىَّ أَنَّكَ تُجِيعُهُ وَتُدْئِبُهُ ». وصححه الألباني.


فسبحان من أنطق لنبيه الجماد والحيوان ، وجعلها معجزة تدل على صدق نبوته ، وصحة دعوته .

وكل هذه المعجزات نبذة بسيطة جداً ولمحات خفيفة من معجزات كثيرة قام بها رسول الله صلى الله عليه وسلم , فمن يظن أني قد أطلت في هذا المجال فهو خاطئ فالله ما تكفي صحف الدنيا كلها لكتابة معجزات وآيات النبي محمد صلى الله عليه وسلم .

 

 

انظر إلى فاحص الكلى والقلوب وهو لا يعلم شيئاً في الكتاب المقدس :

 

لا يعلم أين دفن حبيبه العازر :

 

Joh 11:34 وَقَالَ: «أَيْنَ وَضَعْتُمُوهُ؟» قَالُوا لَهُ: «يَا سَيِّدُ تَعَالَ وَانْظُرْ».


لا يعلم أوان التين :

 

Mat 21:19 فَنَظَرَ شَجَرَةَ تِينٍ عَلَى الطَّرِيقِ وَجَاءَ إِلَيْهَا فَلَمْ يَجِدْ فِيهَا شَيْئاً إِلاَّ وَرَقاً فَقَطْ. فَقَالَ لَهَا: «لاَ يَكُنْ مِنْكِ ثَمَرٌ بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ». فَيَبِسَتِ التِّينَةُ فِي الْحَالِ.
Mar 11:13 فَنَظَرَ شَجَرَةَ تِينٍ مِنْ بَعِيدٍ عَلَيْهَا وَرَقٌ وَجَاءَ لَعَلَّهُ يَجِدُ فِيهَا شَيْئاً. فَلَمَّا جَاءَ إِلَيْهَا لَمْ يَجِدْ شَيْئاً إلاَّ وَرَقاً
لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَقْتَ التِّينِ.

 

لا يعلم من لمسه :

 

Mar 5:30 فَلِلْوَقْتِ الْتَفَتَ يَسُوعُ بَيْنَ الْجَمْعِ شَاعِراً فِي نَفْسِهِ بِالْقُوَّةِ الَّتِي خَرَجَتْ مِنْهُ وَقَالَ: «مَنْ لَمَسَ ثِيَابِي؟»
Mar 5:31 فَقَالَ لَهُ تَلاَمِيذُهُ: «
أَنْتَ تَنْظُرُ الْجَمْعَ يَزْحَمُكَ وَتَقُولُ مَنْ لَمَسَنِي؟»

 

لا يعلم موعد الساعة :

 

Mat 24:36 وَأَمَّا ذَلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ وَلاَ مَلاَئِكَةُ السَّمَاوَاتِ إِلاَّ أَبِي وَحْدَهُ.
Mar 13:32 وَأَمَّا ذَلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ وَلاَ الْمَلاَئِكَةُ الَّذِينَ فِي السَّمَاءِ
وَلاَ الاِبْنُ إلاَّ الآبُ.


وإليك أمثلة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم , ولن نقول أنه كان يعلم من عنده ما في قلوب الناس , ولكن أطلعه الله على ما في قلوبهم :

 

قصة عمير بن وهب - السيرة النبوية لإبن كثير - الجزء الثاني - الصفحة 487 :

 

قال ابن إسحاق: وحدثني محمد بن جعفر بن الزبير، عن عروة بن الزبير، قال:

جلس عمير بن وهب الجمحى مع صفوان بن أمية في الحجر بعد مصاب أهل بدر بيسير، وكان عمير بن وهب شيطانا من شياطين قريش، وممن كان يؤذى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ويلقون منه عناء وهو بمكة، وكان ابنه وهب بن عمير في أسارى بدر.
فقال صفوان: والله ما إن في العيش [ بعدهم ] خير.
قال له عمير: صدقت، أما والله لو لا دين على ليس عندي قضاؤه وعيال أخشى عليهم الضيعة بعدى لركبت إلى محمد حتى أقتله، فإن لى فيهم علة، ابني أسير في ايديهم.
قال: فاغتنمها صفوان بن أمية فقال: على دينك أنا أقضيه عنك، وعيالك مع عيالي أواسيهم ما بقوا، لا يسعنى شئ ويعجز عنهم.
فقال له عمير: فاكتم على شأني وشأنك.
قال: سأفعل.
قال: ثم أمر عمير بسيفه فشحذ له وسم، ثم انطلق حتى قدم المدينة، فبينما عمر بن الخطاب في نفر من المسلمين يتحدثون عن يوم بدر ويذكرون ما أكرمهم الله به وما أراهم في عدوهم، إذ نظر عمر إلى عمير بن وهب وقد أناخ على باب المسجد متوشحا السيف.
فقال: هذا الكلب عدو الله عمير بن وهب ما جاء إلا لشر، وهو الذى حرش بيننا وحزرنا - أى قدرنا - للقوم يوم بدر.

ثم دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبى الله هذا عدو الله عمير بن وهب قد جاء متوشحا سيفه.
قال: فأدخله على.
قال: فأقبل عمر حتى أخذ بحمالة سيفه في عنقه فلببه بها وقال لمن كان معه من الانصار: ادخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجلسوا عنده، واحذروا عليه من هذا الخبيث فإنه غير مأمون.
ثم دخل به على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رآه رسول الله وعمر آخذ بحمالة سيفه في عنقه قال: " أرسله يا عمر، ادن يا عمير " فدنا ثم قال: أنعم صباحا.
وكانت تحية أهل الجاهلية بينهم.
فقال رسول الله: " قد أكرمنا الله بتحية خير من تحيتك يا عمير، بالسلام تحية أهل الجنة " قال: أما والله يا محمد إن كنت بها لحديث عهد.
قال: " فما جاء بك يا عمير ؟ " قال: جئت لهذا الاسير الذى في أيديكم فأحسنوا فيه.
قال: " فما بال السيف في عنقك ؟ " قال: قبحها الله من سيوف وهل أغنت شيئا !.
قال: " اصدقني ما الذى جئت له ؟ " قال: ما جئت إلا لذلك.
قال: " بل قعدت أنت وصفوان بن أمية في الحجر، فذكرتما أصحاب القليب من قريش، ثم قلت: لو لا دين على وعيال عندي لخرجت حتى أقتل محمدا، فتحمل لك صفوان بن أمية بدينك وعيالك، على أن تقتلني له، والله حائل بينك وبين ذلك " فقال عمير: أشهد أنك رسول الله، قد كنا يا رسول الله نكذبك بما كنت تأتينا به من خبر السماء وما ينزل عليك من الوحى، وهذا أمر لم يحضره إلا أنا وصفوان، فو الله إنى لاعلم ما أتاك به إلا الله، فالحمد لله الذى هداني للاسلام وساقني هذا المساق. ثم شهد شهادة الحق.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " فقهوا أخاكم في دينه، وعلموه القرآن وأطلقوا أسيره " ففعلوا.

 

قصة أبي بن كعب :

 

مسند أحمد 21688- عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ أُبَىَّ بْنَ كَعْبٍ قَالَ أَقْرَأَنِى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- آيَةً وَأَقْرَأَهَا آخَرَ غَيْرَ قِرَاءَةِ أُبَىٍّ فَقُلْتُ مَنْ أَقْرَأَكَهَا قَالَ أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-. قُلْتُ وَاللَّهِ لَقَدْ أَقْرَأَنِيهَا كَذَا وَكَذَا. قَالَ أُبَىٌّ فَمَا تَخَلَّجَ فِى نَفْسِى مِنَ الإِسْلاَمِ مَا تَخَلَّجَ يَوْمَئِذٍ فَأَتَيْتُ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَمْ تُقْرِئْنِى آيَةَ كَذَا وَكَذَا قَالَ « بَلَى ». قَالَ فَإِنَّ هَذَا يَدَّعِى أَنَّكَ أَقْرَأْتَهُ كَذَا وَكَذَا فَضَرَبَ بِيَدِهِ فِى صَدْرِى فَذَهَبَ ذَاكَ ». فَمَا وَجَدْتُ مِنْهُ شَيْئاً بَعْدُ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَتَانِى جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ فَقَالَ جِبْرِيلُ اقْرَإِ الْقُرْآنَ عَلَى حَرْفٍ. فَقَالَ مِيكَائِيلُ اسْتَزِدْهُ. قَالَ اقْرَأْهُ عَلَى حَرْفَيْنِ. قَالَ اسْتَزِدْهُ. حَتَّى بَلَغَ سَبْعَةَ أَحْرُفٍ - قَالَ - كُلٌّ شَافٍ كَافٍ ».

 

فوالله إني لأعلم أن هذه الروايات عن معجزات النبي صلى الله عليه وسلم , ومعرفته - من الله - لما في قلوب الناس , مجهولة عند جُل النصارى واسأل الله عز وجل أن يجعل هذه الروايات سبباً لهداية أحد الأصدقاء النصارى الباحثين عن الحق , إنه ولي ذلك والقادر عليه .

 

 

والله الذي لا إله إلا هو , ما رأيت أغبى من هذا - سامحوني يا إخوتي فأنا بشر وأعصابي تستثار - يقول يسوع يعلم العطاء ومحمد يعلم الأخذ , ويأتي بالآية : خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [التوبة : 103]

 

يقول العلامة السعدي في تفسيره : { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً } وهي الزكاة المفروضة، { تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا } أي: تطهرهم من الذنوب والأخلاق الرذيلة. { وَتُزَكِّيهِمْ } أي: تنميهم، وتزيد في أخلاقهم الحسنة، وأعمالهم الصالحة، وتزيد في ثوابهم الدنيوي والأخروي، وتنمي أموالهم. { وَصَلِّ عَلَيْهِمْ } أي: ادع لهم، أي: للمؤمنين عموما وخصوصا عندما يدفعون إليك زكاة أموالهم. { إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ } أي: طمأنينة لقلوبهم، واستبشار لهم، { وَاللَّهُ سَمِيعٌ } لدعائك، سمع إجابة وقبول. { عَلِيمٌ } بأحوال العباد ونياتهم، فيجازي كل عامل بعمله، وعلى قدر نيته، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يمتثل لأمر اللّه، ويأمرهم بالصدقة، ويبعث عماله لجبايتها، فإذا أتاه أحد بصدقته دعا له وبرَّك.

 

ففي هذه الآية، دلالة على وجوب الزكاة , الآية تدل على البذل والعطاء في سبيل الله , الآية تدل على مساعدة الفقراء والمساكين لأن الآية الكريمة المباركة تقول : خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً [التوبة : 103] والله عز وجل يقول في كتابه الكريم وفي نفس السورة :

 

إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة : 60]

 

فكيف يقول بعد كل هذا أن تعاليم الإسلام العظيم لا تعلم العطاء , بل أكثر من هذا , انظر إلى قول الله عز وجل :

 

لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ [آل عمران : 92]

 

يقول العلامة السعدي في تفسيره : هذا حث من الله لعباده على الإنفاق في طرق الخيرات، فقال { لن تنالوا } أي: تدركوا وتبلغوا البر الذي هو كل خير من أنواع الطاعات وأنواع المثوبات الموصل لصاحبه إلى الجنة، { حتى تنفقوا مما تحبون } أي: من أموالكم النفيسة التي تحبها نفوسكم، فإنكم إذا قدمتم محبة الله على محبة الأموال فبذلتموها في مرضاته، دل ذلك على إيمانكم الصادق وبر قلوبكم ويقين تقواكم، فيدخل في ذلك إنفاق نفائس الأموال، والإنفاق في حال حاجة المنفق إلى ما أنفقه، والإنفاق في حال الصحة، ودلت الآية أن العبد بحسب إنفاقه للمحبوبات يكون بره، وأنه ينقص من بره بحسب ما نقص من ذلك، ولما كان الإنفاق على أي: وجه كان مثابا عليه العبد، سواء كان قليلا أو كثيرا، محبوبا للنفس أم لا وكان قوله { لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون } مما يوهم أن إنفاق غير هذا المقيد غير نافع، احترز تعالى عن هذا الوهم بقوله { وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم } فلا يضيق عليكم، بل يثيبكم عليه على حسب نياتكم ونفعه.

 

فأى تعاليم تحث على الإنفاق والعطاء أكثر من ذلك ؟ ولكنه كما قلنا من قبل ... الكذب والتدليس ... والله المستعان .

________________________________________

 

* النقطة الثانية عشر في المقارنة :

 

* تفنيد النقطة الثانية عشر :

قد لا يفهم معظم غير المسلمين هذه النقطة ولكن بإذن الله عز وجل سوف أشرح هذه النقطة بالقدر الذي أستطيعه , يقول المقارن بأن هذا الحديث الموجود في صحيح مسلم يعبر عن كراهية المسلم لغير المسلم , ولكن الحقيقة كلها هي أن المسلم لا يحب إلا في الله ولا يبغض إلا في الله , والحب في الود أو البغض والكره , أي المشاعر الداخليه القلبية لا تعني الإضطهاد والظلم والعدوان , فهذا ليس من تعاليم الإسلام , وقضية الحب في الله والبغض في الله من أسمى التعاليم الإسلامية , لأنه من أحب الله أو من أحبه الله وجب عليك أن تحبه ولكن هل يعقل أن يكون هناك إنساناً لا يحبه الله , فتحبه أنت ؟ كيف هذا ؟ والله إن هذا لشيء عجاب ! يقول الله عز وجل في كتابه الكريم :

 

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاء مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ {1} إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاء وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُم بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ {2} سورة الممتحنة

 

وهذه السورة تتكلم عن الحب في الله والبغض في الله , من الآية الأولى إلى الآية التاسعة , فيوضح الله عز وجل العِلة في عدم جواز إلقاء المودة إليهم وحبهم , ولكن الله عز وجل يكمل في آيات بعدها كلام جميل جدا جدا لوضح أن القلوب بي اصبعين من أصابع الله :

 

عَسَى اللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [الممتحنة : 7]

 

ولكن مع كل هذا , وضح لنا الله عز وجل أنه رغم وجود قاعدة الحب في الله والبغض في الله لا يمنع وجود العدل والقسط :

 

لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ {8} إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ {9} سورة الممتحنة

 

يقول العلامة السعدي في تفسيره : لا ينهاكم الله عن البر والصلة، والمكافأة بالمعروف، والقسط للمشركين، من أقاربكم وغيرهم، حيث كانوا بحال لم ينتصبوا لقتالكم في الدين والإخراج من دياركم، فليس عليكم جناح أن تصلوهم، فإن صلتهم في هذه الحالة، لا محذور فيها ولا مفسدة .

ويقول في الآية التي بعدها : { أَنْ تَوَلَّوْهُمْ } بالمودة والنصرة، بالقول والفعل، وأما بركم وإحسانكم، الذي ليس بتول للمشركين، فلم ينهكم الله عنه، بل ذلك داخل في عموم الأمر بالإحسان إلى الأقارب وغيرهم من الآدميين، وغيرهم.

وإليكم أحاديث توضح قيمة الحب في الله :

 

صحيح البخاري 3209 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَبْدَ نَادَى جِبْرِيلَ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلاَنًا فَأَحْبِبْهُ . فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ ، فَيُنَادِى جِبْرِيلُ فِى أَهْلِ السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلاَنًا فَأَحِبُّوهُ . فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِى الأَرْضِ » .

 

فالذي يحبه الله لابد أن يحبه الناس وقضية الحب دائماً بيد الله عز وجل وهذا هو جزاء من يحب في الله عز وجل :

 

صحيح البخاري 660 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِى ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ ... وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِى اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ » .

 

ونكتفي بهذين الحديقين لتبيان فضل الحب في الله ومن يحبه الله , أما بشأن الحديث الذي يقول بعدم بدء اليهود والنصارى بالسلام :

 

صحيح مسلم 5789 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لاَ تَبْدَءُوا الْيَهُودَ وَلاَ النَّصَارَى بِالسَّلاَمِ فَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ فِى طَرِيقٍ فَاضْطَرُّوهُ إِلَى أَضْيَقِهِ ».

 

فيجب توضيح بعض الأساسيات في التعاليم الإسلامية من ناحية السلام وإلقاء السلام :

يوضح رسول صلى الله عليه وسلم أن قضية إلقاء السلام على الناس للجميع , فالقضية عامة لمن يعرف ومن لا يعرف :

 

صحيح البخاري 12 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رضى الله عنهما - أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَىُّ الإِسْلاَمِ خَيْرٌ قَالَ « تُطْعِمُ الطَّعَامَ ، وَتَقْرَأُ السَّلاَمَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ » .

 

ويوضح رسول الله صلى الله أن إفشاء السلام بين الناس تزيد المحبة بينهم :

 

صحيح مسلم 203 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلاَ تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا. أَوَلاَ أَدُلُّكُمْ عَلَى شَىْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ أَفْشُوا السَّلاَمَ بَيْنَكُمْ ».

 

ولكن أصبحت هناك ظروف جديدة في قضية إلقاء السلام من جهة اليهود والنصارى أو الكفار والمشركين عامة حيث أنهم كانوا يتلاعبون بالسلام ويقولون للمسلمين ( السام عليكم ) أي الموت عليكم , وكان المسلمون لا يفهمون الكلام أولاً وكانوا يردوا بـ وعليكم السلام , وإليكم الحديث الذي يوضح هذه الأحداث :

 

سنن الترمذي 3614 - عَنْ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ يَهُودِيًّا أَتَى عَلَى النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- وَأَصْحَابِهِ فَقَالَ السَّامُ عَلَيْكُمْ فَرَدَّ عَلَيْهِ الْقَوْمُ فَقَالَ نَبِىُّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « هَلْ تَدْرُونَ مَا قَالَ هَذَا ». قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ سَلَّمَ يَا نَبِىَّ اللَّهِ. قَالَ « لاَ وَلَكِنَّهُ قَالَ كَذَا وَكَذَا رُدُّوهُ عَلَىَّ ». فَرَدُّوهُ قَالَ « قُلْتَ السَّامُ عَلَيْكُمْ ». قَالَ نَعَمْ. قَالَ نَبِىُّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عِنْدَ ذَلِكَ « إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَقُولُوا عَلَيْكَ ». قَالَ « عَلَيْكَ مَا قُلْتَ ». قَالَ ( وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ ). قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

 

فإنهم كانوا يقصدون الدعاء على المسلمين بالموت وتكررت هذه الواقعة كثيراً لذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

 

صحيح البخاري 6258 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَقُولُوا وَعَلَيْكُمْ » .

 

ولكن تكررت الواقعة كثيراً جداً وإليكم واقعة أخرى :

 

صحيح البخاري 6024 - عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ دَخَلَ رَهْطٌ مِنَ الْيَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا السَّامُ عَلَيْكُمْ . قَالَتْ عَائِشَةُ فَفَهِمْتُهَا فَقُلْتُ وَعَلَيْكُمُ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ . قَالَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَهْلاً يَا عَائِشَةُ ، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِى الأَمْرِ كُلِّهِ » . فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « قَدْ قُلْتُ وَعَلَيْكُمْ » .

 

فعندما كثرت هذه الأحداث التي تبين حقد وبغض وكراهية أهل الكتاب للمسلمين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

 

صحيح مسلم 5789 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لاَ تَبْدَءُوا الْيَهُودَ وَلاَ النَّصَارَى بِالسَّلاَمِ فَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ فِى طَرِيقٍ فَاضْطَرُّوهُ إِلَى أَضْيَقِهِ ».

 

يقول الألوسي في تفسيره : وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً [النساء : 86]

ورخص بعض العلماء ابتداءهم به إذا دعت إليه داعية ويؤدي حينئذٍ بالإسلام ، فعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه كان يقول للذمي والظاهر عند الحاجة السلام عليك ، ولا مانع عندي إن لم يقصد ذلك من أن يقصد الدعاء له بالسلامة بمعنى البقاء حياً ليسلم .

وأنقل لكم فتاوي العلماء في هذا الشأن حتى نبين سماحة الإسلام وأن الموضوع ليس كرهاً وبغضاً ولكنه رد على أفعالهم هم :

 

فتاوي الأزهر - تحية السلام مع غير المسلم - المفتي عطية صقر - مايو 1997 :
السؤال : هل يصح أن أحيى غير المسلم بتحية الإسلام ، وهل يجب على أن أرد عليه التحية ؟
الجواب : روى البخارى ومسلم أن النبى صلى الله عليه و سلم قال "إذا سلَّم عليكم أهل الكتاب فقولوا : وعليكم " وروى مسلم أيضا أنه قال "لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام " قال الإمام ابن القيم . اختلف السلف والخلف فى ذلك ، فقال أكثرهم : لا يبدءون .أى لا يلقى عليهم السلام ابتداء وذهب آخرون إلى جواز ابتدائهم وجواز الرد عليهم ، وروى ذلك عن ابن عباس وأبى أمامة وغيرهما ، وهو وجه فى مذهب الشافعى ، على أن يكون بلفظ "السلام عليك " بدون ذكر الرحمة وبلفظ الإفراد ، وقالت طائفة : يجوز الابتداء لمصلحة راجحة من حاجة تكون إليه أو خوف من أذاه ، أو لسبب يقتضى ذلك . وجاء فى "الأذكار للنووى" مثل هذا ، ثم نقل عن أبى سعد أنه لو أراد أن يحبى ذميًّا : حياه بغير السلام ، بأن يقول : هداك الله ، أو أنعم الله صباحك ، ثم قال النووى : هذا الذى قاله أبو سعد لا بأس به إذا احتاج إليه فيقول : صبحت بالخير أو بالسعادة أو بالعافية ، أو صبحك الله بالسرور أو بالسعادة والنعمة أو بالمسرة أو ما أشبه ذلك ، وأما إذا لم يحتج إليه فالاختيار ألا يقول شيئا . وما دام الأمر خلافيا فى ابتدائهم بالسلام والرد عليهم فليكن ذلك مرهونا بالظروف التى تحقق مصلحة أو تدفع مضرة ، ودين الله يسر، وكما هو معروف : إذا وجدت المصلحة فثم شرع الله . ولو أن حديث النهى عن تحيتهم كان قاطعا وعاما ما حدث خلاف بين العلماء على النحو الذى ذكره ابن القيم وذكره النووى

 

فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء - أحمد بن عبد الرزاق الدويش - بدء الكافر بالسلام - فتوى رقم (11123):
س: نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بدء الكفار بالسلام، فهل هذا النهي يقتصر على قول: (السلام عليكم ورحمة الله) لهم، أم هو نهي يشمل كل مبادأة بالتحية، وهل يجوز لي أن أبدأ جاري النصراني بغير قول: السلام عليكم ورحمة الله، كأن أقول له: صباح الخير، كيف حالك ( good morning ) صباح الخير بالإنجليزية، وجزاكم الله عنا وعن المسلمين خيرا؟
ج: لا يجوز بداءة الكافر بالسلام، لما ثبت من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « لا تبدأوا اليهود والنصارى بالسلام، فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه » رواه مسلم وفي حديث أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم » رواه البخاري ومسلم. فيرد عليهم بما دل عليه الحديث وهو أن يقال: وعليكم، ولا بأس أن يقول للكافر ابتداء: كيف حالك، كيف أصبحت، كيف أمسيت، ونحو ذلك إذا دعت الحاجة إلى ذلك، صرح بذلك جمع من أهل العلم منهم أبو العباس شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله. وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.

 

أما الجزء الثاني من الحديث ( فَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ فِى طَرِيقٍ فَاضْطَرُّوهُ إِلَى أَضْيَقِهِ ) أى أنه إذا كان هناك جماعة من أهل الكتاب يسيرون في الشارع , فلا تفسح لهم الطريق إعزازاً لهم وتكريماً لهم , لأنه من يسب الله عز وجل نحن لا نعزه , بل :

 

لِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ [المنافقون : 8]

 

ويقول الإمام النووي في تفسيره على شرح مسلم : ‏قوله صلى الله عليه وسلم : ( وإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه ) ‏
‏قال أصحابنا : لا يترك للذمي صدر الطريق , بل يضطر إلى أضيقه إذا كان المسلمون يطرقون , فإن خلت الطريق عن الزحمة فلا حرج . قالوا : وليكن التضييق بحيث لا يقع في وهدة , ولا يصدمه جدار ونحوه . والله أعلم .

 

http://hadith.al-islam.com/Display/Display.asp?Doc=1&Rec=5180

 

صحيح البخاري 3193 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أُرَاهُ « يَقُولُ اللَّهُ شَتَمَنِى ابْنُ آدَمَ وَمَا يَنْبَغِى لَهُ أَنْ يَشْتِمَنِى ، وَتَكَذَّبَنِى وَمَا يَنْبَغِى لَهُ ، أَمَّا شَتْمُهُ فَقَوْلُهُ إِنَّ لِى وَلَدًا . وَأَمَّا تَكْذِيبُهُ فَقَوْلُهُ لَيْسَ يُعِيدُنِى كَمَا بَدَأَنِى » .

 

فنحن لا نعز من يشتم الله عز وجل , ولكني أكرر هذا لا يمنع أن نعامله ببر وقسط وعدل كما أمرنا القرآن :

 

لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [الممتحنة : 8]

 

وننتقل إلى الحديث الثاني الذي أورده :

 

صحيح مسلم 4693 - عَنْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « لأُخْرِجَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ حَتَّى لاَ أَدَعَ إِلاَّ مُسْلِمًا ».

 

قد ورد هذا الكلام في حديث آخر أيضاً في صحيح مسلم :

 

صحيح مسلم : 4319 - عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَوْمُ الْخَمِيسِ وَمَا يَوْمُ الْخَمِيسِ ثُمَّ بَكَى حَتَّى بَلَّ دَمْعُهُ الْحَصَى. فَقُلْتُ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ وَمَا يَوْمُ الْخَمِيسِ قَالَ اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَجَعُهُ. فَقَالَ « ائْتُونِى أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لاَ تَضِلُّوا بَعْدِى ». فَتَنَازَعُوا وَمَا يَنْبَغِى عِنْدَ نَبِىٍّ تَنَازُعٌ. وَقَالُوا مَا شَأْنُهُ أَهَجَرَ اسْتَفْهِمُوهُ. قَالَ « دَعُونِى فَالَّذِى أَنَا فِيهِ خَيْرٌ أُوصِيكُمْ بِثَلاَثٍ أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَأَجِيزُوا الْوَفْدَ بِنَحْوِ مَا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ ».

 

يقول العلامة النووي في شرحه على صحيح مسلم : الشَّافِعِيّ خَصَّ هَذَا الْحُكْم بِبَعْضِ جَزِيرَة الْعَرَب وَهُوَ الْحِجَاز ، وَهُوَ عِنْده مَكَّة وَالْمَدِينَة وَالْيَمَامَة وَأَعْمَالهَا دُون الْيَمَن وَغَيْره مِمَّا هُوَ مِنْ جَزِيرَة الْعَرَب بِدَلِيلٍ آخَر مَشْهُور فِي كُتُبه وَكُتُب أَصْحَابه . قَالَ الْعُلَمَاء : وَلَا يُمْنَع الْكُفَّار مِنْ التَّرَدُّد مُسَافِرِينَ فِي الْحِجَاز ، وَلَا يُمَكَّنُونَ مِنْ الْإِقَامَة فِيهِ أَكْثَر مِنْ ثَلَاثَة أَيَّام . قَالَ الشَّافِعِيّ وَمُوَافِقُوهُ : إِلَّا مَكَّة وَحَرَمهَا فَلَا يَجُوز تَمْكِين كَافِر مِنْ دُخُوله بِحَالٍ ، فَإِنْ دَخَلَهُ فِي خُفْيَة وَجَبَ إِخْرَاجه .

وَقَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( وَأَجِيزُوا الْوَفْد بِنَحْوِ مَا كُنْت أُجِيزهُمْ )
قَالَ الْعُلَمَاء : هَذَا أَمْر مِنْهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِجَازَةِ الْوُفُود وَضِيَافَتهمْ وَإِكْرَامهمْ تَطْيِيبًا لِنُفُوسِهِمْ ، وَتَرْغِيبًا لِغَيْرِهِمْ مِنْ الْمُؤَلَّفَة قُلُوبهمْ وَنَحْوهمْ وَإِعَانَة عَلَى سَفَرهمْ قَالَ الْقَاضِي عِيَاض : قَالَ الْعُلَمَاء سَوَاء كَانَ الْوَفْد مُسْلِمِينَ أَوْ كُفَّارًا ؛ لِأَنَّ الْكَافِر إِنَّمَا يَفِد غَالِبًا فِيمَا يَتَعَلَّق بِمَصَالِحِنَا وَمَصَالِحهمْ.

 

وهذا الكلام أيضاً متفق مع الآية الكريمة في سورة التوبة :

 

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـذَا [التوبة : 28]

 

يقول العلامة السعدي في تفسيره : يقول تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ } باللّه الذين عبدوا معه غيره { نَجَسٌ } أي: خبثاء في عقائدهم وأعمالهم، وأي نجاسة أبلغ ممن كان يعبد مع اللّه آلهة لا تنفع ولا تضر، ولا تغني عنه شيئا؟". وأعمالهم ما بين محاربة للّه، وصد عن سبيل اللّه ونصر للباطل، ورد للحق، وعمل بالفساد في الأرض لا في الصلاح، فعليكم أن تطهروا أشرف البيوت وأطهرها عنهم. { فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا } وهو سنة تسع من الهجرة، حين حج بالناس أبو بكر الصديق، وبعث النبي صلى الله عليه وسلم ابن عمه عليا، أن يؤذن يوم الحج الأكبر بـ { براءة } فنادى أن لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان.

 

وكان هذا بسبب تآمر اليهود والنصارى على المسلمين في أكثر من غزوة سابقة وخيانتهم للمعاهدات والمواثيق التي بينهم وبين المسلمين لذلك وجب تطهير عاصمة الإسلام من عناصر الفساد والمؤامرة والخيانة وهذا حق شرعي للحاكم ما داموا لا يحفظون العهد :

 

كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِندَ اللّهِ وَعِندَ رَسُولِهِ إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُواْ لَكُمْ فَاسْتَقِيمُواْ لَهُمْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ {7} كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ {8} اشْتَرَوْاْ بِآيَاتِ اللّهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ {9} لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ {10} فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ {11} سورة التوبة

 

التفسير الميسر للآيات : لا ينبغي أن يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله, إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام في صلح (الحديبية) فما أقاموا على الوفاء بعهدكم فأقيموا لهم على مثل ذلك. إن الله يحب المتقين الموفِّين بعهودهم. إن شأن المشركين أن يلتزموا بالعهود ما دامت الغلبة لغيرهم, أما إذا شعروا بالقوة على المؤمنين فإنهم لا يراعون القرابة ولا العهد, فلا يغرنكم منهم ما يعاملونكم به وقت الخوف منكم, فإنهم يقولون لكم كلامًا بألسنتهم; لترضوا عنهم, ولكن قلوبهم تأبى ذلك, وأكثرهم متمردون على الإسلام ناقضون للعهد. استبدلوا بآيات الله عرض الدنيا التافه, فأعرضوا عن الحق ومنعوا الراغبين في الإسلام عن الدخول فيه, لقد قَبُح فعلهم, وساء صنيعهم. إن هؤلاء المشركين حرب على الإيمان وأهله, فلا يقيمون وزنًا لقرابة المؤمن ولا لعهده, وشأنهم العدوان والظلم. فإن أقلعوا عن عبادة غير الله, ونطقوا بكلمة التوحيد, والتزموا شرائع الإسلام من إقام الصلاة وإيتاء الزكاة, فإنهم إخوانكم في الإسلام. ونبين الآيات, ونوضحها لقوم ينتفعون بها.

 

وهذا يرجع إلى قاعدة الحب والبغض في الله الذي شرحناه سابقاً , ولن أطيل في هذا الموضوع أكثر من هذا .

 

أما في قضية النصوص التي عرضها من الكتاب المقدس ( متى 5 _ 43 - 54 ) فقد فتحت إنجيل متى الإصحاح الخامس وجدته ثمانية وأربعون عدد فقط , فياليته قام بالتركيز قليلاً وهو يكتب هذه المقارنة الحاقدة حتى لا يُحرج من أجل شيء تافه كهذا , الذي وإن دل على شيء , يدل على إستعجاله وعدم تركيزه في كتابة المقارنة , الذي لم يكن مبنياً على البحث العلمي الدقيق وإظهار الحق للناس , إنما الدافع هو الكراهية والحقد فقط لا غير ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

 

Mat 5:43 «سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: تُحِبُّ قَرِيبَكَ وَتُبْغِضُ عَدُوَّكَ.
Mat 5:44 وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ
Mat 5:45 لِكَيْ تَكُونُوا أَبْنَاءَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ فَإِنَّهُ يُشْرِقُ شَمْسَهُ عَلَى الأَشْرَارِ وَالصَّالِحِينَ وَيُمْطِرُ عَلَى الأَبْرَارِ وَالظَّالِمِينَ.

 

هذه النصوص تحمل على ما بين المؤمنين , ولا يمكن حمل معناها على أعداء الله عز وجل , أي أنه لا يمكن لنا أن نبارك الشيطان , أو أن نبارك عابد الصنم , أو نبارك عبدة الشيطان , هل يعقل هذا ؟ ( أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ ) هذا الجزء من النص ليس لي إشكال عليه , فهذه من الفضائل الجليل ولكن أن نحسن لمن يطردنا من أرضنا فهذا لا يوافقه عقل , هذه عقائد تعجب وتوافق المحتل كثيراً .

حب العدو , أي أنه مؤمن ولكن يعاديك لأسباب دنيوية شخصية , فهذا جائز , ولكن أن تحب عدو لله ولدينك فهذا من المحال .

جزاء عدو الله ومن يدعوا لعبادة غير الله أو يخالف الناموس فحكمه في الكتاب المقدس أن يقتل :

 

Heb 10:28 مَنْ خَالَفَ نَامُوسَ مُوسَى فَعَلَى شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةِ شُهُودٍ يَمُوتُ بِدُونِ رَأْفَةٍ.

 

وهذا هو حكم من يدعوا إلي عبادة غير الله :

 

Deu 13:6 «وَإِذَا أَغْوَاكَ سِرّاً أَخُوكَ ابْنُ أُمِّكَ أَوِ ابْنُكَ أَوِ ابْنَتُكَ أَوِ امْرَأَةُ حِضْنِكَ أَوْ صَاحِبُكَ الذِي مِثْلُ نَفْسِكَ قَائِلاً: نَذْهَبُ وَنَعْبُدُ آلِهَةً أُخْرَى لمْ تَعْرِفْهَا أَنْتَ وَلا آبَاؤُكَ
Deu 13:7 مِنْ آلِهَةِ الشُّعُوبِ الذِينَ حَوْلكَ القَرِيبِينَ مِنْكَ أَوِ البَعِيدِينَ عَنْكَ مِنْ أَقْصَاءِ الأَرْضِ إِلى أَقْصَائِهَا
Deu 13:8 فَلا تَرْضَ مِنْهُ وَلا تَسْمَعْ لهُ وَلا تُشْفِقْ عَيْنُكَ عَليْهِ وَلا تَرِقَّ لهُ وَلا تَسْتُرْهُ
Deu 13:9
بَل قَتْلاً تَقْتُلُهُ. يَدُكَ تَكُونُ عَليْهِ أَوَّلاً لِقَتْلِهِ ثُمَّ أَيْدِي جَمِيعِ الشَّعْبِ أَخِيراً.
Deu 13:10
تَرْجُمُهُ بِالحِجَارَةِ حَتَّى يَمُوتَ لأَنَّهُ التَمَسَ أَنْ يُطَوِّحَكَ عَنِ الرَّبِّ إِلهِكَ الذِي أَخْرَجَكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ مِنْ بَيْتِ العُبُودِيَّةِ.
Deu 13:11 فَيَسْمَعُ جَمِيعُ إِسْرَائِيل وَيَخَافُونَ وَلا يَعُودُونَ يَعْمَلُونَ مِثْل هَذَا الأَمْرِ الشِّرِّيرِ فِي وَسَطِكَ.

 

فكيف يحب إنسان وجب عليه قتله ؟ أترك الحكم لكم .

________________________________________

 

* النقطة الثالثة عشرة في المقارنة :

 

* تفنيد النقطة الثالثة عشرة :

مرة أخرى يأتي المقارن برقم حديث خاطئ :

 

مسند أحمد 4869- عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كُنَّا نَشْرَبُ وَنَحْنُ قِيَامٌ وَنَأْكُلُ وَنَحْنُ نَسْعَى عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم .

 

وهذا هو الحديث الوارد في المقارنة :

 

مسند أحمد 5233- عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « بُعِثْتُ بَيْنَ يَدَىِ السَّاعَةِ بِالسَّيْفِ حَتَّى يُعْبَدَ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَجُعِلَ رِزْقِى تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِى وَجُعِلَ الذِّلَّةُ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِى وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ ». صححه الألباني في صحيح الجامع 2831 .

 

في الحقيقة , هذا الحديث يذكر أوصاف النبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي ذكر بها في كتب الأولين , والحقيقة هي أننا نفتخر بهذه الأوصاف ولا نخجل منها أبداً , فأنه كان معلوما أن نبي آخر يكون نبياً محارباً كما كان موسى عليه السلام :

 

Deu 18:18 أُقِيمُ لهُمْ نَبِيّاً مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِهِمْ مِثْلكَ وَأَجْعَلُ كَلامِي فِي فَمِهِ فَيُكَلِّمُهُمْ بِكُلِّ مَا أُوصِيهِ بِهِ.
 

فكان موسى عليه السلام محارباً ويخرج للقتال وكان ينصره الله عز وجل على أعدائه وإن شئت فقرأ الإصحاح الواحد والثلاثون من سفر العدد لترى حرباً من الحروب التي خاضها موسى عليه السلام مع المديانيين أن النبي المحارب ليس فيه إشكال البتة :

 

http://www.enjeel.com/bible.php?ch=31&op=read&bk=4

 

فالحديث واضح وصريح أن السيف لحماية دين الله عز وجل , فالثابت الصحيح في السيرة النبوية الشريفة أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم لم يبدأ حرباً قط مع أي مخالف له , وقرأنا الآية من قبل : أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ [الحج : 39]

فالسيف لدفع الظلم والدفاع عن الرسالة , أما الجزء الثاني من الحديث ( وَجُعِلَ رِزْقِى تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِى ) فهذه إشارة إلى الغنائم الناتجة من الحرب , وهذا أمر وارد وسوف تجدونه في نفس الإصحاح المشار إليه مع موسى عليه السلام :

 

Num 31:25 وَقَال الرَّبُّ لِمُوسَى:
Num 31:26 «
أَحْصِ النَّهْبَ المَسْبِيَّ مِنَ النَّاسِ وَالبَهَائِمِ أَنْتَ وَأَلِعَازَارُ الكَاهِنُ وَرُؤُوسُ آبَاءِ الجَمَاعَةِ.
Num 31:27 وَنَصِّفِ النَّهْبَ بَيْنَ الذِينَ بَاشَرُوا القِتَال الخَارِجِينَ إِلى الحَرْبِ وَبَيْنَ كُلِّ الجَمَاعَةِ.
Num 31:28 وَارْفَعْ زَكَاةً لِلرَّبِّ. مِنْ رِجَالِ الحَرْبِ الخَارِجِينَ إِلى القِتَالِ وَاحِدَةً. نَفْساً مِنْ كُلِّ خَمْسِ مِئَةٍ مِنَ النَّاسِ وَالبَقَرِ وَالحَمِيرِ وَالغَنَمِ.

 

طبعا في الكتاب المقدس هو يسمى نهب , ولكن هذا لا نتفق معهم فيه , بل نحن نسميه غنيمة :

 

وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ [الأنفال : 41]

 

أما الجزء الأخير من الحديث ( وَجُعِلَ الذِّلَّةُ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِى ) فمن المعروف أن أمر النبي صلى الله عليه وسلم هو وحي من الله عز وجل , فهو ينقل لنا تعاليم الله عز وجل , فمن خالف تعاليم الإله جعل عليه الذلة والصغار وهذا أمر طبيعي ومفهوم لدى الجميع , فإنه لا يمكن لك أن تعصي الله عز وجل وتخالف تعاليمه ووصاياه ثم تكون لك العزة والكبرياء :

 

Job 36:21 اِحْذَرْ. لاَ تَلْتَفِتْ إِلَى الإِثْمِ لأَنَّكَ اخْتَرْتَ هَذَا عَلَى الذُّلِّ.
 

والحديث الآخر الذي لم يذكر مصدره من أصل رواية طويلة جدا , فهو يدلس تدليساً عظيماً لعدم إيراده رابط للحديث أو مصدر لكي يستطيع القارئ أن يطلع على الحديث كاملاً :

 

مسند أحمد 16213- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِى أَبِى حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِى عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ ... تَكَلَّمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَخُذْ لِنَفْسِكَ وَلِرَبِّكَ مَا أَحْبَبْتَ. قَالَ َتَكَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَتَلاَ وَدَعَا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَرَغَّبَ فِى الإِسْلاَمِ قَالَ « أُبَايِعُكُمْ عَلَى أَنْ تَمْنَعُونِى مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ نِسَاءَكُمْ وَأَبْنَاءَكُمْ ». قَالَ َأَخَذَ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ َعَمْ وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَنَمْنَعَنَّكَ مِمَّا نَمْنَعُ مِنْهُ أُزُرَنَا فَبَايِعْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَنَحْنُ أَهْلُ الْحُرُوبِ وَأَهْلُ الْحَلْقَةِ وَرِثْنَاهَا كَابِراً عَنْ كَابِرٍ. قَالَ فَاعْتَرَضَ الْقَوْلَ وَالْبَرَاءُ يُكَلِّمُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيِّهَانِ حَلِيفُ بَنِى عَبْدِ الأَشْهَلِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الرِّجَالِ حِبَالاً وَإِنَّا قَاطِعُوهَا يَعْنِى الْعُهُودَ فَهَلْ عَسَيْتَ إِنْ نَحْنُ فَعَلْنَا ذَلِكَ ثُمَّ أَظْهَرَكَ اللَّهُ أَنْ تَرْجِعَ إِلَى قَوْمِكَ وَتَدَعَنَا. قَالَ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ثُمَّ قَالَ « بَلِ الدَّمَ الدَّمَ وَالْهَدْمَ الْهَدْمَ أَنَا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مِنِّى أُحَارِبُ مَنْ حَارَبْتُمْ وَأُسَالِمُ مَنْ سَالَمْتُمْ ». وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَخْرِجُوا إِلَىَّ مِنْكُمُ اثْنَىْ عَشَرَ نَقِيباً يَكُونُونَ عَلَى قَوْمِهِمْ ». فَأَخْرَجُوا مِنْهُمُ اثْنَىْ عَشَرَ نَقِيباً مِنْهُمْ تِسْعَةٌ مِنَ الْخَزْرَجِ وَثَلاَثَةٌ مِنَ الأَوْسِ . صححه الألباني في فقه السيرة 149 .

 

الحديث يتكلم عن بيعة العقبة , فكان هناك مشورة قبل مبايعة الرسول صلى الله عليه وسلم , فقالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه إن ناصروه وعزروه سيخالفوا العرب قاطبة فخافو أنهم لو قاطعوا العرب ونصروا الرسول , فيصير بعد أن ينصر الله نبيه يتركهم ويرجع إلى مكة المكرمة , فأحب الرسول صلى الله عليه وسلم أن يوضح لهم أنه بعد هذه البيعة , سيكونوا إخوة مترابطين وأنه سيكون معهم في السراء والضراء , وفي الحلوة والمرة , لذلك قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ( بَلِ الدَّمَ الدَّمَ وَالْهَدْمَ الْهَدْمَ أَنَا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مِنِّى أُحَارِبُ مَنْ حَارَبْتُمْ وَأُسَالِمُ مَنْ سَالَمْتُمْ ) أى أنه يقول لهم أنه لو كان هناك حروباً ودماء , فأنا معكم , وإن كان هناك هدم وخراب فأنا معكم , وقال لهم أنه منهم وهم منه , أي كأنهم أصبحوا أسرة واحدة إخوة وأشقاء , يحارب من حاربوه ويسالم من سالموا , وهذه المقولة كانت تحفيزاً لهم للمبايعة وتأكيداً لهم أنه معهم في جميع الظروف ولم يتركهم , والدليل هو أنه حتى بعد فتح مكة ذهب النبي صلى الله عليه وسلم ليعيش في المدينة المنورة , ومات فيها , صلى الله عليه وسلم .

________________________________________

* النقطة الرابعة عشرة في المقارنة :

 

* تفنيد النقطة الرابعة عشرة :

ونستكمل سلسلة التدليس والكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم , وكالعادة يقوم بقص الآية وبترها لأنه يفضح لو أكملها فيبين الله عز وجل سبب عدم قبول الإستغفار بالآتي : ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ [التوبة : 80]

 

فهناك شرطين لقبول الشفاعة لدى الله عز وجل :

 

1. أن يكون الشفيع مقبول لدى الله عز وجل :

 

يَوْمَئِذٍ لَّا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً [طه : 109]

وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ [سبأ : 23]

 

2. وأن يكون المشفع فيه مقبول لدى الله عز وجل :

 

يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ [الأنبياء : 28]

 

فإن كان الشرط الأول محقق , لأن محمد صلى الله عليه وسلم هو الشفيع , فالشرط الثاني لم يتحقق وقد قال الله السبب في الجزء المبتور من المقارن للآية الكريمة في سورة التوبة , وأعظم دليل أن محمد صلى الله عليه وسلم مقبول شفاعته يوم القيامة في أمته , هو الحديث الرائع الذي أوردناه من قبل في مسند الإمام أحمد ونورده مرة أخرى :

 

مسند أحمد 2595- عَنْ أَبِى نَضْرَةَ قَالَ خَطَبَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى مِنْبَرِ الْبَصْرَةِ فَقَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِىٌّ إِلاَّ لَهُ دَعْوَةٌ قَدْ تَنَجَّزَهَا فِى الدُّنْيَا وَإِنِّى قَدِ اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِى شَفَاعَةً لأُمَّتِى وَأَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ فَخْرَ وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الأَرْضُ وَلاَ فَخْرَ وَبِيَدِى لِوَاءُ الْحَمْدِ وَلاَ فَخْرَ آدَمُ فَمَنْ دُونَهُ تَحْتَ لِوَائِى وَلاَ فَخْرَ وَيَطُولُ يَوْمُ الْقِيَامَةِ عَلَى النَّاسِ فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ انْطَلِقُوا بِنَا إِلَى آدَمَ ... فَيَأْتُونَ عِيسَى فَيَقُولُونَ اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ فَلْيَقْضِ بَيْنَنَا. فَيَقُولُ إِنِّى لَسْتُ هُنَاكُمْ إِنِّى اتُّخِذْتُ إِلَهاً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَإِنَّهُ لاَ يُهِمُّنِى الْيَوْمَ إِلاَّ نَفْسِى وَلَكِنْ أَرَأَيْتُمْ لَوْ كَانَ مَتَاعٌ فِى وِعَاءٍ مَخْتُومٍ عَلَيْهِ أَكَانَ يُقْدَرُ عَلَى مَا فِى جَوْفِهِ حَتَّى يُفَضَّ الْخَاتَمُ قَالَ فَيَقُولُونَ لاَ. قَالَ فَيَقُولُ إِنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَاتَمُ النَّبِيِّينَ وَقَدْ حَضَرَ الْيَوْمَ وَقَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ ». قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « فَيَأْتُونِى فَيَقُولُونَ يَا مُحَمَّدُ اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ فَلْيَقْضِ بَيْنَنَا. فَأَقُولُ أَنَا لَهَا حَتَّى يَأْذَنَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ يَصْدَعَ بَيْنَ خَلْقِهِ نَادَى مُنَادٍ أَيْنَ أَحْمَدُ وَأُمَّتُهُ فَنَحْنُ الآخِرُونَ الأَوَّلُونَ نَحْنُ آخِرُ الأُمَمِ وَأَوَّلُ مَنْ يُحَاسَبُ فَتُفْرِجُ لَنَا الأُمَمُ عَنْ طَرِيقِنَا فَنَمْضِى غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ أَثَرِ الطُّهُورِ فَتَقُولُ الأُمَمُ كَادَتْ هَذِهِ الأُمَّةُ أَنْ تَكُونَ أَنْبِيَاءَ كُلُّهَا. فَآتِى بَابَ الْجَنَّةِ فَآخُذُ بِحَلْقَةِ الْبَابِ فَأَقْرَعُ الْبَابَ فَيُقَالُ مَنْ أَنْتَ فَأَقُولُ أَنَا مُحَمَّدٌ. فَيُفْتَحُ لِى فَآتِى رَبِّى عَزَّ وَجَلَّ عَلَى كُرْسِيِّهِ فَأَخِرُّ لَهُ سَاجِداً فَأَحْمَدُهُ بِمَحَامِدَ لَمْ يَحْمَدْهُ بِهَا أَحَدٌ كَانَ قَبْلِى وَلَيْسَ يَحْمَدُهُ بِهَا أَحَدٌ بَعْدِى فَيُقَالُ يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَسَلْ تُعْطَهْ وَقُلْ تُسْمَعْ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ. فَأَرْفَعُ رَأْسِى فَأَقُولُ أَىْ رَبِّ أُمَّتِى أُمَّتِى.».

 

وهذا الحديث يوضح أن محمداً صلى الله عليه وسلم هو النبي الوحيد الذي يكون له هذا الشرف الرفيع .

________________________________________

* النقطة الخامسة عشرة في المقارنة :

 

* تفنيد النقطة الخامسة عشرة :

وكالعادة يخطأ في رقم الحديث لأنه ينقل رقم العرض الموجود في الموقع , ورقم العرض في الموقع مغاير لرقم الحديث في الكتاب , ونقول أنه لا سبيل لهم إلا المواقع فإنهم ليسوا أصحاب بحث عن الحق أو حتى بحوث علمية موضوعية فهم يتناقلون الروابط فقط , والرقم الصحيح الآتي 7190 :

 

http://www.al-eman.com/hadeeth/viewchp.asp?BID=1&CID=149#s9

 

الحديث هذا في الحقيقة ليس له علاقة بالعدل في الحساب , ولكن المقارن لا يعلم :

 

يقول الإمام النووي في شرحه على صحيح مسلم : ‏قوله : ( يجيء يوم القيامة ناس من المسلمين بذنوب ) ‏
‏فمعناه : أن الله تعالى يغفر تلك الذنوب للمسلمين , ويسقطها عنهم , ويضع على اليهود والنصارى مثلها بكفرهم وذنوبهم , فيدخله النار بأعمالهم لا بذنوب المسلمين , ولا بد من هذا التأويل لقوله تعالى : { ولا تزر وازرة وزر أخرى } ‏
‏وقوله : ( ويضعها ) ‏
‏مجاز والمراد : يضع عليهم مثلها بذنوبهم كما ذكرناه لكن لما أسقط سبحانه وتعالى عن المسلمين سيئاتهم , وأبقى على الكفار سيئاتهم , صاروا في معنى من حمل إثم الفريقين لكونهم حملوا الإثم الباقي , وهو إثمهم , ويحتمل أن يكون المراد آثاما كان للكفار سبب فيها , بأن سنوها فتسقط عن المسلمين بعفو الله تعالى , ويوضع على الكفار مثلها , لكونهم سنوها , ومن سن سنة سيئة كان عليه مثل وزر كل من يعمل بها . والله أعلم .

 

أما أنا فأقول : الأساس في الإسلام أن الإنسان يحاسب على أعماله فقط :

 

وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً {13} اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً {14} الإسراء

 

يقول العلامه السعدي في تفسيره : وهذا إخبار عن كمال عدله أن كل إنسان يلزمه طائره في عنقه، أي: ما عمل من خير وشر يجعله الله ملازما له لا يتعداه إلى غيره، فلا يحاسب بعمل غيره ولا يحاسب غيره بعمله. { وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا } فيه ما عمله من الخير والشر حاضرا صغيره وكبيره ويقال له: { اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا } وهذا من أعظم العدل والإنصاف أن يقال للعبد: حاسب نفسك ليعرف بما عليه من الحق الموجب للعقاب.

 

إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ {17} مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ {18} سورة ق

 

ولكن أخي الكريم فلتعلم بارك الله فيك أن قضية الحساب وميزان الحسنات والسيئات ليست للجميع , فلابد له أولاً أن يكون عابداً لله عز وجل , ثم يُنظر في أعماله وتوزن حسناته وسيئاته فيُنظر هل سيدخل الجنة أم النار :

 

وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ [البينة : 5]

 

فانظر أخي الحبيب أنه يجب عليه أن يعبد الإله الحقيقي أولاً , ثم عليه أن يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويقوم ببقاي شعائر الإسلام في العبادة , فإن كان لا يعبد الله عز وجل أصلاً ؟ فلا قيمة لأعماله , ولذلك قال الله عز وجل في كتابه الكريم :

 

قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً {103} الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً {104} أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً {105} ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُواً {106} الكهف

 

فما قيمة الأعمال هنا ؟ ليس لها قيمة , بل أنها تذهب هباءاً منثوراً .

يقول العلامة السعدي في تفسيره : قل يا محمد، للناس -على وجه التحذير والإنذار-: هل أخبركم بأخسر الناس أعمالا على الإطلاق؟
{ الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } أي: بطل واضمحل كل ما عملوه من عمل، يحسبون أنهم محسنون في صنعه، فكيف بأعمالهم التي يعلمون أنها باطلة، وأنها محادة لله ورسله ومعاداة؟" فمن هم هؤلاء الذين خسرت أعمالهم { أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ } أي: جحدوا الآيات القرآنية والآيات العيانية، الدالة على وجوب الإيمان به، وملائكته، ورسله، وكتبه، واليوم الآخر. { فَحَبِطَتْ } بسبب ذلك { أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا } لأن الوزن فائدته، مقابلة الحسنات بالسيئات، والنظر في الراجح منها والمرجوح، وهؤلاء لا حسنات لهم لعدم شرطها، وهو الإيمان، كما قال تعالى { وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخَافُ ظُلْمًا وَلا هَضْمًا } لكن تعد أعمالهم وتحصى، ويقررون بها، ويخزون بها على رءوس الأشهاد، ثم يعذبون عليها، ولهذا قال: { ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ } أي: حبوط أعمالهم، وأنه لا يقام لهم يوم القيامة، { وَزْنًا } لحقارتهم وخستهم، بكفرهم بآيات الله، واتخاذهم آياته ورسله، هزوا يستهزئون بها، ويسخرون منها، مع أن الواجب في آيات الله ورسله، الإيمان التام بها، والتعظيم لها، والقيام بها أتم القيام .

 

وهذا مصداق قوله تعالى :

 

مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلاَلُ الْبَعِيدُ [إبراهيم : 18]

 

ويقول العلامة السعدي أيضاً في تفسيره : يخبر تعالى عن أعمال الكفار التي عملوها: إما أن المراد بها الأعمال التي عملوها لله، بأنها في ذهابها وبطلانها واضمحلالها كاضمحلال الرماد، الذي هو أدق الأشياء وأخفها، إذا اشتدت به الريح في يوم عاصف شديد الهبوب، فإنه لا يبقى منه شيئا، ولا يقدر منه على شيء يذهب ويضمحل، فكذلك أعمال الكفار { لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ } ولا على مثقال ذرة منه لأنه مبني على الكفر والتكذيب. { ذَلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ } حيث بطل سعيهم واضمحل عملهم، وإما أن المراد بذلك أعمال الكفار التي عملوها ليكيدوا بها الحق، فإنهم يسعون ويكدحون في ذلك ومكرهم عائد عليهم ولن يضروا الله ورسله وجنده وما معهم من الحق شيئا.

 

فبعد هذا الشرح اليسير , فالمعلوم أن الكافر من اليهود والنصارى هو في النار ولا يحسب له أعماله لأنها تذهب هباءاً منثوراً , لأنه كما وضحنا سابقاً يجب عليه الإيمان بالله أولاً وعبادته , وهذا أولاً قبل كل شيء , انظر إلى عدد الآيات التي تتكلم عن هذا الشرط :

 

وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً [النساء : 124]

 

مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ [النحل : 97]

 

وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً [الإسراء : 19]

 

وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْماً وَلَا هَضْماً [طه : 112]

 

فَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ [الأنبياء : 94]

 

مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ [غافر : 40]

 

والإيمان والإسلام هما كما في الحديث الشريف :

 

صحيح البخاري 50 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَارِزًا يَوْمًا لِلنَّاسِ ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ مَا الإِيمَانُ قَالَ « الإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَبِلِقَائِهِ وَرُسُلِهِ ، وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ » . قَالَ مَا الإِسْلاَمُ قَالَ « الإِسْلاَمُ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكَ بِهِ ، وَتُقِيمَ الصَّلاَةَ ، وَتُؤَدِّىَ الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ » .

 

لذلك , فإنه كان اليهودي أو النصراني في النار حتماً خالداً فيها أبدا كما قال المسيح عليه السلام :

 

لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ [المائدة : 72]

 

فلا يهم إن كان سيعاقب في النار بأي كيف , إذ أنه خالد فيها أبداً ولن يخرج من بأي حال من الأحوال .

 

أما القضية بالنسبة للمسيحية فلا نعلم حقيقة الحساب عندهم , فهناك نصوص تقول أنه بالأعمال , كما هو لدى المسلمين , وهناك نصوص تقول أنه بالإيمان , أي أنه يكفيك أن تؤمن بالمسيح إلهاً وخلصاً لتدخل الجنة , وإليكم النصوص :

هذا كلام المسيح في الكتاب أن الإيمان والإعتماد كافي للخلاص :

 

Mar 16:16 مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ يُدَنْ.

 

وإليكم كلام بولس الرسول الواضح الصريح بأن الإيمان هو السبيل إلى الخلاص والأعمال ليس له أي دخل :

 

Rom 4:1 فَمَاذَا نَقُولُ إِنَّ أَبَانَا إِبْرَاهِيمَ قَدْ وَجَدَ حَسَبَ الْجَسَدِ؟
Rom 4:2 لأَنَّهُ إِنْ كَانَ إِبْرَاهِيمُ قَدْ تَبَرَّرَ بِالأَعْمَالِ فَلَهُ فَخْرٌ - وَلَكِنْ لَيْسَ لَدَى اللهِ.
Rom 4:3 لأَنَّهُ مَاذَا يَقُولُ الْكِتَابُ؟ «فَآمَنَ إِبْرَاهِيمُ بِاللَّهِ فَحُسِبَ لَهُ بِرّاً».
Rom 4:4 أَمَّا الَّذِي يَعْمَلُ فَلاَ تُحْسَبُ لَهُ الأُجْرَةُ عَلَى سَبِيلِ نِعْمَةٍ بَلْ عَلَى سَبِيلِ دَيْنٍ.
Rom 4:5 وَأَمَّا الَّذِي لاَ يَعْمَلُ وَلَكِنْ يُؤْمِنُ بِالَّذِي يُبَرِّرُ الْفَاجِرَ فَإِيمَانُهُ يُحْسَبُ لَهُ بِرّاً.

 

Rom 10:8 لَكِنْ مَاذَا يَقُولُ؟ «اَلْكَلِمَةُ قَرِيبَةٌ مِنْكَ فِي فَمِكَ وَفِي قَلْبِكَ» (أَيْ كَلِمَةُ الإِيمَانِ الَّتِي نَكْرِزُ بِهَا)
Rom 10:9 لأَنَّكَ إِنِ اعْتَرَفْتَ بِفَمِكَ بِالرَّبِّ يَسُوعَ وَآمَنْتَ بِقَلْبِكَ أَنَّ اللهَ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ خَلَصْتَ.

 

فأين الحقيقة ؟ هل القضية بالأعمال , أم بالإيمان فقط ؟

________________________________________

 

* النقطة السادسة عشرة في المقارنة :

 

* تفنيد النقطة السادسة عشرة :

سامحوني إخوتي في الله ولكن قد بلغ هذا المقارن مداه في الغباء , أنظر كيف يورد الحديث ثم في النهاية يقول ( مشكاه المصابيح حديث 26 تحقيق الألباني ) ولكن لماذا أقول أن هذا غباء ؟ لأنه مكتوب أن الحديث متفق عليه , وماذا يعني هذا ؟ معناه أن الحديث مذكور في صحيح البخاري ومسلم , الحديث مذكور في صحيح البخاري ومسلم , لا يحتاج لتحقيق الألباني أو غيره , والحقيقه أن الشيخ لم يحقق في الحديث قط , ولم يقل أنه صحيح أو ضعيف أو موضوع أو مرسل أو مكذوب أو أو , لأن الحديث مذكور في صحيح البخاري ومسلم , وإليكم الحديث من صحيح البخاري :

 

صحيح البخاري 5827 - عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا الأَسْوَدِ الدِّيلِىَّ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا ذَرٍّ - رضى الله عنه - حَدَّثَهُ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ أَبْيَضُ وَهْوَ نَائِمٌ ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ وَقَدِ اسْتَيْقَظَ فَقَالَ « مَا مِنْ عَبْدٍ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ . ثُمَّ مَاتَ عَلَى ذَلِكَ ، إِلاَّ دَخَلَ الْجَنَّةَ » . قُلْتُ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ قَالَ « وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ » . قُلْتُ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ قَالَ « وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ » . قُلْتُ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ قَالَ « وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ عَلَى رَغْمِ أَنْفِ أَبِى ذَرٍّ » . وَكَانَ أَبُو ذَرٍّ إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا قَالَ وَإِنْ رَغِمَ أَنْفُ أَبِى ذَرٍّ . قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ هَذَا عِنْدَ الْمَوْتِ أَوْ قَبْلَهُ ، إِذَا تَابَ وَنَدِمَ وَقَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ . غُفِرَ لَهُ . والحديث موجود في صحيح مسلم 283 .

 

وكالعادة لا يستطيع المسيحي أن يفهم هذا الحديث الفهم الصحيح الذي يوصله إلى الهداية , بل يفهم الحديث فهماً سقيماً لا يتناسب مع العقل والمنطق , المسيحي عندما يقرأ هذا الحديث , يتخيل أن المسلم مصرح له أن يزني ويسرق ومقولة لا إله إلا الله ترفع عنه خطاياه , والحقيقه أن هذا الفهم بالنسبة للمسيحي مقبول لأن هذه عقيدته بالفعل , فإيمانه بالمسيح مصلوباً يغفر له جميع الذنوب والمعاصي أما القضية في الإسلام فمختلفة تماماً , وهذا ما سنوضحه الآن , حيث أن عقوبة السرقة والزنى معروفة في القرآن , ولكن هذا الحديث يقول أنه من قال لا إله إلا الله , يضمن لك أنه في النهاية تكون مئالك إلى الجنة , يقول الله عز وجل بشأن السرقة :

 

وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [المائدة : 38]

 

ويقول الله عز وجل بشأن الزنى :

 

وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً [الإسراء : 32]

 

فالواضح أن السرقة والزنى من الفواحش والآثام التي تقتضي العقوبة , وقد يزني المسلم والعياذ بالله أو يسرق , فكل ابن آدم خطاء , ولكنه ان شاء الله عز وجل ستكون نهايته في الجنة بعد أن يطهره الله عز وجل من الذنوب والخطايا , لأنه قد قال لا إله إلا الله .

 

وإليكم الحديث الذي يوضح أن الإنسان يعذب في النار بذنوبه ثم يكون مصيره إلى الجنة بعد أن يتطهر من ذنبه :

 

صحيح مسلم 477 - عَنْ أَبِى سَعِيدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَمَّا أَهْلُ النَّارِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُهَا فَإِنَّهُمْ لاَ يَمُوتُونَ فِيهَا وَلاَ يَحْيَوْنَ وَلَكِنْ نَاسٌ أَصَابَتْهُمُ النَّارُ بِذُنُوبِهِمْ - أَوْ قَالَ بِخَطَايَاهُمْ - فَأَمَاتَهُمْ إِمَاتَةً حَتَّى إِذَا كَانُوا فَحْمًا أُذِنَ بِالشَّفَاعَةِ فَجِىءَ بِهِمْ ضَبَائِرَ ضَبَائِرَ فَبُثُّوا عَلَى أَنْهَارِ الْجَنَّةِ ثُمَّ قِيلَ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ أَفِيضُوا عَلَيْهِمْ. فَيَنْبُتُونَ نَبَاتَ الْحِبَّةِ تَكُونُ فِى حَمِيلِ السَّيْلِ ».

 

سنن الترمذي 2849 - عَنِ الزُّهْرِىِّ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ ». فَقَالَ إِنَّمَا كَانَ هَذَا فِى أَوَّلِ الإِسْلاَمِ قَبْلَ نُزُولِ الْفَرَائِضِ وَالأَمْرِ وَالنَّهْىِ. قَالَ أَبُو عِيسَى وَوَجْهُ هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ أَهْلَ التَّوْحِيدِ سَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَإِنْ عُذِّبُوا بِالنَّارِ بِذُنُوبِهِمْ فَإِنَّهُمْ لاَ يُخَلَّدُونَ فِى النَّارِ. وَقَدْ رُوِىَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِى ذَرٍّ وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ « سَيَخْرُجُ قَوْمٌ مِنَ النَّارِ مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ وَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ ». هَكَذَا رُوِىَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِىِّ وَغَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ التَّابِعِينَ وَقَدْ رُوِىَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- فِى تَفْسِيرِ هَذِهِ الآيَةِ ( رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ ) قَالُوا إِذَا أُخْرِجَ أَهْلُ التَّوْحِيدِ مِنَ النَّارِ وَأُدْخِلُوا الْجَنَّةَ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ.

 

أما من جهة أخرى , هناك ذنوب ومعاصي , أو أفعال , أن أتاها المسلم فلا تنفعه إسلامه , وإن صام وإن صلى :

 

سنن الترمذي 3102 - عَنْ زَيْدِ بْنِ سَلاَّمٍ أَنَّ أَبَا سَلاَّمٍ حَدَّثَهُ أَنَّ الْحَارِثَ الأَشْعَرِىَّ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « وَأَنَا آمُرُكُمْ بِخَمْسٍ اللَّهُ أَمَرَنِى بِهِنَّ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ وَالْجِهَادُ وَالْهِجْرَةُ وَالْجَمَاعَةُ فَإِنَّهُ مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ قِيدَ شِبْرٍ فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الإِسْلاَمِ مِنْ عُنُقِهِ إِلاَّ أَنْ يَرْجِعَ وَمَنِ ادَّعَى دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّهُ مِنْ جُثَا جَهَنَّمَ ». فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنْ صَلَّى وَصَامَ قَالَ « وَإِنْ صَلَّى وَصَامَ فَادْعُوا بِدَعْوَى اللَّهِ الَّذِى سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ الْمُؤْمِنِينَ عِبَادَ اللَّهِ ». هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ.

 

وفي رواية الإمام أحمد 17633- عَنِ الْحَارِثِ الأَشْعَرِىِّ أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « وَأَنَا آمُرُكُمْ بِخَمْسٍ اللَّهُ أَمَرَنِى بِهِنَّ بِالْجَمَاعَةِ وَالسَّمْعِ وَالطَاعَةِ وَالْهِجْرَةِ وَالْجِهَادِ فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنَّهُ مَنْ خَرَجَ مِنَ الْجَمَاعَةِ قِيدَ شِبْرٍ فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الإِسْلاَمِ مِنْ عُنُقِهِ إِلاَّ أَنْ يَرْجِعَ وَمَنْ دَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ مِنْ جُثَاءِ جَهَنَّمَ ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنْ صَامَ وَإِنْ صَلَّى قَالَ « وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى وَزَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ فَادْعُوا الْمُسْلِمِينَ بِأَسْمَائِهِمْ بِمَا سَمَّاهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْمُسْلِمِينَ الْمُؤْمِنِينَ عِبَادَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ».

 

فهذا يدل أنه هناك أقوال وأفعال تضمن لك الجنة وإن فعلت الذنوب والمعاصي , وأفعال وأقوال تضمن لك جهنم - نعوذ بالله تعالى منها - وإن فعلت الصالحات الطيبات .

 

ونكتفي بهذا في توضيح الحديث , أما من ناحية المسيحية فإليكم العدد الآتي :

 

Mat 21:31 قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ الْعَشَّارِينَ وَالزَّوَانِيَ يَسْبِقُونَكُمْ إِلَى مَلَكُوتِ اللَّهِ

 

فكيف يسبقنا الزاني إلى الجنة ؟

________________________________________

 

* النقطة السابعة عشرة في المقارنة :

 

* تفنيد النقطة السابعة عشرة :

والله قد خيبه الله وأخزاه في هذه المقارنة الباطلة المغفلة , يقول أن محمد رسول الله يحلف , ويأتي بالآية التي تقول : وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ [التين : 3]

أى خبل هذا الذي يورده علينا المقارن ؟ هذا قسم من الله عز وجل يبين فيها مكانة مكة المكرمة , أما النبي محمد صلى الله عليه وسلم فلم يقسم في القرآن الكريم البتة , وهذا جهل مدقع منه , أن يأتي بهذه الآية ويقول أن محمد رسول الإسلام يحلف , لو أراد لكان في استطاعته أن يأتي بأقسام من السنة النبوية المشرفة , فمن أشهر أقسام النبي محمد صلى الله عليه وسلم ( الَّذِى بَعَثَنِى بِالْحَقِّ ) و ( وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ) ولكنه من جهله لم يأتي بأي من هذه الأقسام , لأن الله قد أضله وأعمى بصيرته وهو يكتب هذه المقارنة الباطلة , أمي قضية القسم في الأصل فليس عليها إشكال فقد أقسم المسيح عليه السلام نفسه بقسمه الشهير ( الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ ) حوالي خمسة وعشرون مرة في العهد الجديد , فبالتالي الموضوع ليس مستغرب , أو أن الحلف و القسم في ذاته حرام , فحالات القسم في العهد القديم لا تعد ولا تحصى , وحالات القسم في العهد الجديد أيضاً موجودة , ولكن أقول أن القسم في الإسلام قد شُرع للضرورة فقط , فهناك حالات لابد أن تقسم فيها حتى يصدقك الشخص , أو لضمان الصدق في المواقف الحرجة , وهذا ما حدث لبطرس الرسول , حيث أنه لو لم يقسم , لصلب بجانب المسيح :

 

Mat 26:69 أَمَّا بُطْرُسُ فَكَانَ جَالِساً خَارِجاً فِي الدَّارِ فَجَاءَتْ إِلَيْهِ جَارِيَةٌ قَائِلَةً: «وَأَنْتَ كُنْتَ مَعَ يَسُوعَ الْجَلِيلِيِّ».

Mat 26:70 فَأَنْكَرَ قُدَّامَ الْجَمِيعِ قَائِلاً: «لَسْتُ أَدْرِي مَا تَقُولِينَ!»

Mat 26:71 ثُمَّ إِذْ خَرَجَ إِلَى الدِّهْلِيزِ رَأَتْهُ أُخْرَى فَقَالَتْ لِلَّذِينَ هُنَاكَ: «وَهَذَا كَانَ مَعَ يَسُوعَ النَّاصِرِيِّ!»

Mat 26:72 فَأَنْكَرَ أَيْضاً بِقَسَمٍ: «إِنِّي لَسْتُ أَعْرِفُ الرَّجُلَ!»

 

وهنا يثبت بولس صدق كلامنا فيقول :

 

Heb 6:16 فَإِنَّ النَّاسَ يُقْسِمُونَ بِالأَعْظَمِ، وَنِهَايَةُ كُلِّ مُشَاجَرَةٍ عِنْدَهُمْ لأَجْلِ التَّثْبِيتِ هِيَ الْقَسَمُ.

Heb 6:17 فَلِذَلِكَ إِذْ أَرَادَ اللهُ أَنْ يُظْهِرَ أَكْثَرَ كَثِيراً لِوَرَثَةِ الْمَوْعِدِ عَدَمَ تَغَيُّرِ قَضَائِهِ، تَوَسَّطَ بِقَسَمٍ،

 

يقول بولس الرسول أن القسم من أجل التثبيت أو تأكيد الصدق , ولذلك - والعياذ بالله - قد أقسم الله ليثبت صدقه للناس .

حتى الملاك قد أقسم :

 

Rev 10:5 وَالْمَلاَكُ الَّذِي رَأَيْتُهُ وَاقِفاً عَلَى الْبَحْرِ وَعَلَى الأَرْضِ، رَفَعَ يَدَهُ إِلَى السَّمَاءِ،

Rev 10:6 وَأَقْسَمَ بِالْحَيِّ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ، الَّذِي خَلَقَ السَّمَاءَ وَمَا فِيهَا وَالأَرْضَ وَمَا فِيهَا وَالْبَحْرَ وَمَا فِيهِ، أَنْ لاَ يَكُونُ زَمَانٌ بَعْدُ،

 

ولكننا نقول أن القسم لدينا ليس محرماً تماماً , ولكنه يستخدم في أضيق الحدود فقط , يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :

 

سنن أبي داود 3250 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ وَلاَ بِأُمَّهَاتِكُمْ وَلاَ بِالأَنْدَادِ وَلاَ تَحْلِفُوا إِلاَّ بِاللَّهِ وَلاَ تَحْلِفُوا بِاللَّهِ إِلاَّ وَأَنْتُمْ صَادِقُونَ ».

صححه الشيخ الألباني في صحيح أبي داود 3248 وقال أنه صحيح على شرط الشيخين في كتاب مشكاة المصابيح 3352 .

 

صحيح البخاري 6646 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَدْرَكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَهْوَ يَسِيرُ فِى رَكْبٍ يَحْلِفُ بِأَبِيهِ فَقَالَ « أَلاَ إِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ ، مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ ، أَوْ لِيَصْمُتْ » .

 

وقد قال الله عز وجل في كتابه الكريم :

 

وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ النَّاسِ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [البقرة : 224]

 

يقول العلامة السعدي في تفسيره : المقصود من اليمين، والقسم تعظيم المقسم به، وتأكيد المقسم عليه، وكان الله تعالى قد أمر بحفظ الأيمان، وكان مقتضى ذلك حفظها في كل شيء، ولكن الله تعالى استثنى من ذلك إذا كان البر باليمين، يتضمن ترك ما هو أحب إليه، فنهى عباده أن يجعلوا أيمانهم عرضة، أي: مانعة وحائلة عن أن يبروا: أن يفعلوا خيرا، أو يتقوا شرا، أو يصلحوا بين الناس، فمن حلف على ترك واجب وجب حنثه، وحرم إقامته على يمينه، ومن حلف على ترك مستحب، استحب له الحنث، ومن حلف على فعل محرم، وجب الحنث، أو على فعل مكروه استحب الحنث، وأما المباح فينبغي فيه حفظ اليمين عن الحنث.

 

ومن رحمة الله عز وجل بالعباد , قال الله عز وجل في كتابه الكريم في الآية التي بعدها :

 

لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ [البقرة : 225]

 

يقول العلامة السعدي في تفسيره : لا يؤاخذكم بما يجري على ألسنتكم من الأيمان اللاغية، التي يتكلم بها العبد، من غير قصد منه ولا كسب قلب، ولكنها جرت على لسانه كقول الرجل في عرض كلامه: "لا والله "و "بلى والله "وكحلفه على أمر ماض، يظن صدق نفسه، وإنما المؤاخذة على ما قصده القلب.

 

ووضع الله عز وجل حداً لمن يحلف بالله بالباطل - أو عمال على بطال كما نقول - في الآية التالية :

 

لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَـكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [المائدة : 89]

 

في تفسير الجلالين : (واحفظوا أيمانكم) أن تنكثوها ما لم تكن على فعل بر أو إصلاح بين الناس كما في سورة البقرة .

 

لتعلم أخي المسلم وصديقي المسيحي أن القسم والحلف واليمين ليس لهواً أو لعباً في الإسلام , ولكنه يستخدم في أضيق الحدود فقط .

________________________________________

 

* النقطة الثامنة عشرة في المقارنة :

 

* تفنيد النقطة الثامنة عشرة :

يحاول المسيحي جاهداً أن ينال من رسول الله صلى الله عليه وسلم , وأن يجعله يظهر للناس بأسوء حال , وهذا ليس الحقيقة بأي حال من الاحوال , فقد قال الله عز وجل عن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم : وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم : 4] , ولكنه في نفس الوقت هو بشر إنسان يصيبه ما يصيب البشر , وفيه قال الله عز وجل : قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ [الكهف : 110]

 

وفي صحيح مسلم 6778 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ قَالَ « إِنِّى لَمْ أُبْعَثْ لَعَّانًا وَإِنَّمَا بُعِثْتُ رَحْمَةً ».

 

وكان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يتحمل ما لا يتحمله البشر وإليكم مواقف لرسول الله صلى الله عليه وسلم

لو كان غيره لانفجر من الغضب :

 

الموقف الأول : رجل مسلم متزوج أكثر من واحدة , وهو في بيت زوجة من زوجاته وعنده ضيوف , فأرسلت لك زوجة غير التي أنت في بيتها طعام لضيوفك , فغارت الزوجة الأولى من هذا الموقف فكسرت اطباق الطعام أمام ضيوفك , فماذا كنت ستفعل ؟ الإنسان العادي سوف يثور غضباً وقد يطلق الإنسان زوجته في موقف كهذا لإحراجه أمام ضيوفه بهذا الشكل , ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك , بل تعامل بكل كياسة ولطف وأدب وذوق رفيع , وجمع القطع المكسوره من الطبق وقال لضيوفه بكل هدوء وأدب , غارت أمكم , فهل هناك هدوء وكظم غيظ أعلى من هذا ؟

 

صحيح البخاري 5225 - عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ بِصَحْفَةٍ فِيهَا طَعَامٌ ، فَضَرَبَتِ الَّتِى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى بَيْتِهَا يَدَ الْخَادِمِ فَسَقَطَتِ الصَّحْفَةُ فَانْفَلَقَتْ ، فَجَمَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِلَقَ الصَّحْفَةِ ، ثُمَّ جَعَلَ يَجْمَعُ فِيهَا الطَّعَامَ الَّذِى كَانَ فِى الصَّحْفَةِ وَيَقُولُ « غَارَتْ أُمُّكُمْ » ، ثُمَّ حَبَسَ الْخَادِمَ حَتَّى أُتِىَ بِصَحْفَةٍ مِنْ عِنْدِ الَّتِى هُوَ فِى بَيْتِهَا ، فَدَفَعَ الصَّحْفَةَ الصَّحِيحَةَ إِلَى الَّتِى كُسِرَتْ صَحْفَتُهَا ، وَأَمْسَكَ الْمَكْسُورَةَ فِى بَيْتِ الَّتِى كَسَرَتْ .

 

الموقف الثاني : تخيل وأنت في الكنيسة وهناك قداس قائم , ودخل إلى الكنيسة إنسان غريب ... وبدأ يتبول في المكان ... أنا متخيل أن ابسط شيء سوف يفعله أكبر كاهن في الكنيسة أنه سيقوم بلعنه وشتمه وطرده شر طرده من الكنيسة , بل ومن المحتمل الجائز أنه سيقوم الخدام بضربه وتأديبه حتى لا يفعل هذا أبداً طوال عمره , تخيل أن هذا الموقف قد حدث في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم , ودخل أعرابي وبال في المسجد , فما كان من نبي الرحمة إلا أنه تركه ليكمل بولته , وعلمه أن المسجد لم يبنى لهذا , وطهر مكان بوله وجعله يغتسل ويصلي , فسبحان الله القائل عن محمد صلى الله عليه وسلم : فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ [آل عمران : 159] حتى أن الأعرابي , قد دعا في صلاته ( اللَّهُمَّ ارْحَمْنِى وَمُحَمَّدًا ، وَلاَ تَرْحَمْ مَعَنَا أَحَدًا ) من فرط ما رأى من رحمة نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم .

 

صحيح البخاري 6025 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَالَ فِى الْمَسْجِدِ ، فَقَامُوا إِلَيْهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لا تُزْرِمُوهُ » . ثُمَّ دَعَا بِدَلْوٍ مِنْ مَاءٍ فَصُبَّ عَلَيْهِ .

 

صحيح البخاري 6010 - عَنْ أَبَي هُرَيْرَةَ قَالَ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى صَلاَةٍ وَقُمْنَا مَعَهُ ، فَقَالَ أَعْرَابِىٌّ وَهْوَ فِى الصَّلاَةِ اللَّهُمَّ ارْحَمْنِى وَمُحَمَّدًا ، وَلاَ تَرْحَمْ مَعَنَا أَحَدًا . فَلَمَّا سَلَّمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لِلأَعْرَابِىِّ « لَقَدْ حَجَّرْتَ وَاسِعًا » . يُرِيدُ رَحْمَةَ اللَّهِ .

 

الموقف الثالث : لو أنك قائم على مكتب لتوزيع المعونات , وجائك رجل فظ قليل الذوق , وقام بشدك من لياقة القميص وقال لك آتي لي بحقي من المعونة لأنه ليس مالك ولا مال أبيك , فيا ترى ماذا تفعل به ؟ أقل شيء أن تقوم بطرده من المكتب وأن تقوم بحرمانه من المعونة لاعتدائه على موظف إثناء تقضية وظيفته , ولكن نبي الرحمة والحلم والصبر والهدوء , ضحك له وأمر له بالعطاء .

 

صحيح البخاري 3149 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه قَالَ كُنْتُ أَمْشِى مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِىٌّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ ، فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِىٌّ فَجَذَبَهُ جَذْبَةً شَدِيدَةً ، حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أَثَّرَتْ بِهِ حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ مِنْ شِدَّةِ جَذْبَتِهِ ، ثُمَّ قَالَ مُرْ لِى مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِى عِنْدَكَ . فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ ، فَضَحِكَ ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ .

 

ولكن رغم هذه المواقف الإنسانية النادرة , قد يغضب النبي محمد صلى الله عليه وسلم , وقد يقول بأقوال في حال غضبه , وهذا حاصل مع جميع الأنبياء , فموسى عليه السلام قد كسر الألواح عندما رأى قومه قد عبدوا العجل من بعده :

 

وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِيَ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الألْوَاحَ [الأعراف : 150]

 

ولما يأس نوح عليه السلام من إستجابة قومه لدعائه قام بالدعاء عليهم :

 

وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً {26} إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِراً كَفَّاراً {27} سورة نوح

 

فهذا غير مستغرب على الرسل والأنبياء , لأنهم بشر , يتأثرون بما يتأثر به البشر , وإليكم الشرح الآتي :

 

شرح النووي على صحيح مسلم : قوله صلى الله عليه وسلم : ( اللهم إنما أنا بشر , فأي المسلمين لعنته أو سببته فاجعله له زكاة وأجرا ) ‏
‏وفي رواية : ( أو جلدته فاجعلها له زكاة ورحمة ) وفي رواية : ( فأي المؤمنين آذيته شتمته لعنته جلدته اجعلها له صلاة وزكاة وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة ) وفي رواية : ( إنما محمد بشر يغضب كما يغضب البشر , وإني قد اتخذت عندك عهدا لن تخلفنيه , فأيما مؤمن آذيته أو سببته أو جلدته فاجعلها له كفارة وقربة ) وفي رواية : ( إني اشترطت على ربي فقلت : إنما أنا بشر أرضى كما يرضى البشر , وأغضب كما يغضب البشر , فأيما أحد دعوت عليه من أمتي بدعوة ليس لها بأهل أن تجعلها له طهورا وزكاة وقربة ) هذه الأحاديث مبينة ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من الشفقة على أمته , والاعتناء بمصالحهم , والاحتياط لهم , والرغبة في كل ما ينفعهم . وهذه الرواية المذكورة آخرا تبين المراد بباقي الروايات المطلقة , وأنه إنما يكون دعاؤه عليه رحمة وكفارة وزكاة ونحو ذلك إذا لم يكن أهلا للدعاء عليه والسب واللعن ونحوه , وكان مسلما , وإلا فقد دعا صلى الله عليه وسلم على الكفار والمنافقين , ولم يكن ذلك لهم رحمة .

 

إليكم نصوص من العهد الجديد يبين المسيح عليه السلام أنه إنسان يشتم الكل , بل أن القوم قاله له أنه يشتمهم , إليكم إصحاح بأكمله يكيل فيه المسيح عليه السلام أعداد هائلة من اللعنات والسباب والشتائم :

Mat 23:13 «لَكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُغْلِقُونَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ قُدَّامَ النَّاسِ فَلاَ تَدْخُلُونَ أَنْتُمْ وَلاَ تَدَعُونَ الدَّاخِلِينَ يَدْخُلُونَ!
Mat 23:14وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تَأْكُلُونَ بُيُوتَ الأَرَامِلِ ولِعِلَّةٍ تُطِيلُونَ صَلَوَاتِكُمْ. لِذَلِكَ تَأْخُذُونَ دَيْنُونَةً أَعْظَمَ.
Mat 23:15وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تَطُوفُونَ الْبَحْرَ وَالْبَرَّ لِتَكْسَبُوا دَخِيلاً وَاحِداً وَمَتَى حَصَلَ تَصْنَعُونَهُ ابْناً لِجَهَنَّمَ أَكْثَرَ مِنْكُمْ مُضَاعَفاً!
Mat 23:16وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْقَادَةُ الْعُمْيَانُ الْقَائِلُونَ: مَنْ حَلَفَ بِالْهَيْكَلِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَلَكِنْ مَنْ حَلَفَ بِذَهَبِ الْهَيْكَلِ يَلْتَزِمُ!
Mat 23:17أَيُّهَا الْجُهَّالُ وَالْعُمْيَانُ أَيُّمَا أَعْظَمُ: أَلذَّهَبُ أَمِ الْهَيْكَلُ الَّذِي يُقَدِّسُ الذَّهَبَ؟
Mat 23:18 وَمَنْ حَلَفَ بِالْمَذْبَحِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَلَكِنْ مَنْ حَلَفَ بِالْقُرْبَانِ الَّذِي عَلَيْهِ يَلْتَزِمُ!
Mat 23:19أَيُّهَا الْجُهَّالُ وَالْعُمْيَانُ أَيُّمَا أَعْظَمُ: أَلْقُرْبَانُ أَمِ الْمَذْبَحُ الَّذِي يُقَدِّسُ الْقُرْبَانَ؟
Mat 23:20 فَإِنَّ مَنْ حَلَفَ بِالْمَذْبَحِ فَقَدْ حَلَفَ بِهِ وَبِكُلِّ مَا عَلَيْهِ
Mat 23:21 وَمَنْ حَلَفَ بِالْهَيْكَلِ فَقَدْ حَلَفَ بِهِ وَبِالسَّاكِنِ فِيهِ
Mat 23:22 وَمَنْ حَلَفَ بِالسَّمَاءِ فَقَدْ حَلَفَ بِعَرْشِ اللَّهِ وَبِالْجَالِسِ عَلَيْهِ!
Mat 23:23وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُعَشِّرُونَ النَّعْنَعَ وَالشِّبِثَّ وَالْكَمُّونَ وَتَرَكْتُمْ أَثْقَلَ النَّامُوسِ: الْحَقَّ وَالرَّحْمَةَ وَالإِيمَانَ. كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَعْمَلُوا هَذِهِ وَلاَ تَتْرُكُوا تِلْكَ.
Mat 23:24أَيُّهَا الْقَادَةُ الْعُمْيَانُ الَّذِينَ يُصَفُّونَ عَنِ الْبَعُوضَةِ وَيَبْلَعُونَ الْجَمَلَ!
Mat 23:25وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُنَقُّونَ خَارِجَ الْكَأْسِ وَالصَّحْفَةِ وَهُمَا مِنْ دَاخِلٍ مَمْلُوآنِ اخْتِطَافاً وَدَعَارَةً!
Mat 23:26 أَيُّهَا الْفَرِّيسِيُّ الأَعْمَى نَقِّ أَوَّلاً دَاخِلَ الْكَأْسِ وَالصَّحْفَةِ لِكَيْ يَكُونَ خَارِجُهُمَا أَيْضاً نَقِيّاً.
Mat 23:27وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُشْبِهُونَ قُبُوراً مُبَيَّضَةً تَظْهَرُ مِنْ خَارِجٍ جَمِيلَةً وَهِيَ مِنْ دَاخِلٍ مَمْلُوءَةٌ عِظَامَ أَمْوَاتٍ وَكُلَّ نَجَاسَةٍ.
Mat 23:28 هَكَذَا أَنْتُمْ أَيْضاً: مِنْ خَارِجٍ تَظْهَرُونَ لِلنَّاسِ أَبْرَاراً وَلَكِنَّكُمْ مِنْ دَاخِلٍ مَشْحُونُونَ رِيَاءً وَإِثْماً!
Mat 23:29وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تَبْنُونَ قُبُورَ الأَنْبِيَاءِ وَتُزَيِّنُونَ مَدَافِنَ الصِّدِّيقِينَ
Mat 23:30 وَتَقُولُونَ: لَوْ كُنَّا فِي أَيَّامِ آبَائِنَا لَمَا شَارَكْنَاهُمْ فِي دَمِ الأَنْبِيَاءِ!
Mat 23:31 فَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنَّكُمْ أَبْنَاءُ قَتَلَةِ الأَنْبِيَاءِ.
Mat 23:32 فَامْلَأُوا أَنْتُمْ مِكْيَالَ آبَائِكُمْ.
Mat 23:33أَيُّهَا الْحَيَّاتُ أَوْلاَدَ الأَفَاعِي كَيْفَ تَهْرُبُونَ مِنْ دَيْنُونَةِ جَهَنَّمَ؟


ما شاء الله تبارك الله على الأخلاق الرفيعة العالية ( مراؤون , جهال , عميان , حيات , أولاد أفاعي ) ما كل هذه الشتائم والسباب ؟ بل العجيب في الموضوع ان المسيح عليه السلام في الإنجيل قد قال النص الآتي :

Mat 5:22 وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَغْضَبُ عَلَى أَخِيهِ بَاطِلاً يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ وَمَنْ قَالَ لأَخِيهِ: رَقَا يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْمَجْمَعِ وَمَنْ قَالَ: يَا أَحْمَقُ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ نَارِ جَهَنَّمَ.

وإذا نظرت إلى ترجمات هذا النص تجد الآتي :

[اليسوعية][Mt.5.22][ومن قال لأخيه: ((يا أحمق ))استوجب حكم المجلس، ومن قال له: ((يا جاهل ))استوجب نار جهنم.]
[السارة][Mt.5.22][ومن قال لأخيه: يا جاهل استوجب حكم المجلس، ومن قال له: يا أحمق استوجب نار جهنم.]
[المشتركة][Mt.5.22][ومن قال لأخيه: يا جاهل استوجب حكم المجلس، ومن قال له: يا أحمق استوجب نار جهنم.]
[الكاثوليكة][Mt.5.22][ومن قال لأخيه: ((يا أحمق ))استوجب حكم المجلس، ومن قال له: ((يا جاهل ))استوجب نار جهنم.]

فهل المسيح عليه السلام والعياذ بالله مستوجب حكم المجلس ونار جهنم !!؟

Luk 11:42 وَلَكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْفَرِّيسِيُّونَ لأَنَّكُمْ تُعَشِّرُونَ النَّعْنَعَ وَالسَّذَابَ وَكُلَّ بَقْلٍ وَتَتَجَاوَزُونَ عَنِ الْحَقِّ وَمَحَبَّةِ اللهِ. كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَعْمَلُوا هَذِهِ وَلاَ تَتْرُكُوا تِلْكَ!
Luk 11:43وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْفَرِّيسِيُّونَ لأَنَّكُمْ تُحِبُّونَ الْمَجْلِسَ الأَوَّلَ فِي الْمَجَامِعِ وَالتَّحِيَّاتِ فِي الأَسْوَاقِ.
Luk 11:44وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ مِثْلُ الْقُبُورِ الْمُخْتَفِيَةِ وَالَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَيْهَا لاَ يَعْلَمُونَ!».
Luk 11:45 فَقَالَ لَهُ وَاحِدٌ مِنَ النَّامُوسِيِّينَ: «يَا مُعَلِّمُ حِينَ تَقُولُ هَذَا تَشْتِمُنَا نَحْنُ أَيْضاً».
Luk 11:46 فَقَالَ: «وَوَيْلٌ لَكُمْ أَنْتُمْ أَيُّهَا النَّامُوسِيُّونَ لأَنَّكُمْ تُحَمِّلُونَ النَّاسَ أَحْمَالاً عَسِرَةَ الْحَمْلِ وَأَنْتُمْ لاَ تَمَسُّونَ الأَحْمَالَ بِإِحْدَى أَصَابِعِكُمْ.
Luk 11:47 وَيْلٌ لَكُمْ لأَنَّكُمْ تَبْنُونَ قُبُورَ الأَنْبِيَاءِ وَآبَاؤُكُمْ قَتَلُوهُمْ.


حقيقة أنا أضحك عندما أقرأ هذه النصوص , وشر البلية ما يضحك , فها هو المسيح يلعن الفريسيين ويجعلهم مراؤون منافقون , فعندما قال له أحد الأشخاص من الناموسيين بأنه بهذا يشتمهم معشر الناموسيين أيضاً , فقام المسيح بلعنه هو الآخر وقال للناموسيين أنه ويل لهم , ولمن لا يعرف ما هو ويل فليقرأ هذا الحديث عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم :

سنن الترمذي 3461 - عَنْ أَبِى سَعِيدٍ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « الْوَيْلُ وَادٍ فِى جَهَنَّمَ يَهْوِى فِيهِ الْكَافِرُ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ قَعْرَهُ ».

فـ المسيح عليه السلام فالإنجيل يتوعدهم بالنار ويشتمهم مراراً وتكراراً بل ويسبهم وآبائهم ( أَيُّهَا الْحَيَّاتُ أَوْلاَدَ الأَفَاعِي ) , بل انظر هنا إلى المسيح وهو يشتم تلاميذه ويوبخهم ويبكتهم بل ويكفرهم أيضاً ويجعلهم غير مؤمنين , وهم كما يصفهم البابا شنودة , قديسيين :

Mat 17:14 وَلَمَّا جَاءُوا إِلَى الْجَمْعِ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ رَجُلٌ جَاثِياً لَهُ
Mat 17:15 وَقَائِلاً: «يَا سَيِّدُ ارْحَمِ ابْنِي فَإِنَّهُ يُصْرَعُ وَيَتَأَلَّمُ شَدِيداً وَيَقَعُ كَثِيراً فِي النَّارِ وَكَثِيراً فِي الْمَاءِ.
Mat 17:16 وَأَحْضَرْتُهُ إِلَى تَلاَمِيذِكَ فَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَشْفُوهُ».
Mat 17:17 فَأَجَابَ يَسُوعُ: «أَيُّهَا الْجِيلُ غَيْرُ الْمُؤْمِنِ الْمُلْتَوِي إِلَى مَتَى أَكُونُ مَعَكُمْ؟ إِلَى مَتَى أَحْتَمِلُكُمْ؟ قَدِّمُوهُ إِلَيَّ هَهُنَا!»
Mat 17:18 فَانْتَهَرَهُ يَسُوعُ فَخَرَجَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ. فَشُفِيَ الْغُلاَمُ مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ.

إنظر إلى الترجمات العربية الأخرى للنص السابع عشر :

[اليسوعية][Mt.17.17][فأجاب يسوع: ((أيها الجيل الكافر الفاسد، حتام أبقى معكم ؟ وإلام أحتملكم؟ علي به إلى هنا! ))]
[السارة][Mt.17.17][فأجاب يسوع: ((أيها الجيل غير المؤمن الفاسد! إلى متى أبقى معكم؟ وإلى متى أحتملكم؟ قدموا الصبـي إلي هنا! ))]
[الحياة][Mt.17.17][فأجاب يسوع قائلا: «أيها الجيل غير المؤمن والأعوج، إلى متى أبقى معكم؟ إلى متى أحتملكم؟ أحضروه إلي هنا!»]
[المشتركة][Mt.17.17][فأجاب يسوع: ((أيها الجيل غير المؤمن الفاسد! إلى متى أبقى معكم؟ وإلى متى أحتملكم؟ قدموا الصبـي إلي هنا! ))]
[الكاثوليكة][Mt.17.17][فأجاب يسوع: ((أيها الجيل الكافر الفاسد، حتام أبقى معكم ؟ وإلام أحتملكم؟ علي به إلى هنا! ))]
[البولسية][Mt.17.17][فأجاب يسوع، وقال: "أيها الجيل الغير المؤمن، الأعوج، الى متى أكون معكم؟... إلى متى أحتملكم؟... إلي به الى ههنا".]

المسيح عليه السلام يقول عن التلاميذ الذين لم يقدروا على شفاء الولد بأنهم جيل ( كافر - غير مؤمن - فاسد - أعوج - ملتوي ) و أورد بين يديكم الآن نص واضح والمسيح يشتم تلميذي عمواس وهو سائر معهم وهم يقصون على المسيح عليه السلام ماذا حدث وفيما هم يتكلمون :

Luk 24:25 فَقَالَ لَهُمَا: «أَيُّهَا الْغَبِيَّانِ وَالْبَطِيئَا الْقُلُوبِ فِي الإِيمَانِ بِجَمِيعِ مَا تَكَلَّمَ بِهِ الأَنْبِيَاءُ

فها هو المسيح عليه السلام يشتم تلاميذه في الإناجيل , بل وأعجب من هذا , نرى المسيح عليه السلام يقول عن صخرة الكنيسة بطرس شيطاناً , فهل تكون هذه الأناجيل غير موحى بها من عند الله كإنجيل برنابا ؟

Mat 16:23 فَالْتَفَتَ وَقَالَ لِبُطْرُسَ: «اذْهَبْ عَنِّي يَا شَيْطَانُ. أَنْتَ مَعْثَرَةٌ لِي لأَنَّكَ لاَ تَهْتَمُّ بِمَا لِلَّهِ لَكِنْ بِمَا لِلنَّاسِ».
Mar 8:33 فَالْتَفَتَ وَأَبْصَرَ تَلاَمِيذَهُ فَانْتَهَرَ بُطْرُسَ قَائِلاً: «اذْهَبْ عَنِّي يَا شَيْطَانُ لأَنَّكَ لاَ تَهْتَمُّ بِمَا لِلَّهِ لَكِنْ بِمَا لِلنَّاسِ».


وها هو المسيح يشتم من يسأله ومن يطلب من الشفاء :

Mat 15:22 وَإِذَا امْرَأَةٌ كَنْعَانِيَّةٌ خَارِجَةٌ مِنْ تِلْكَ التُّخُومِ صَرَخَتْ إِلَيْهِ: «ارْحَمْنِي يَا سَيِّدُ يَا ابْنَ دَاوُدَ. ابْنَتِي مَجْنُونَةٌ جِدّاً».
Mat 15:23 فَلَمْ يُجِبْهَا بِكَلِمَةٍ. فَتَقَدَّمَ تَلاَمِيذُهُ وَطَلَبُوا إِلَيْهِ قَائِلِينَ: «اصْرِفْهَا لأَنَّهَا تَصِيحُ وَرَاءَنَا!»
Mat 15:24 فَأَجَابَ: «لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ».
Mat 15:25 فَأَتَتْ وَسَجَدَتْ لَهُ قَائِلَةً: «يَا سَيِّدُ أَعِنِّي!»
Mat 15:26 فَأَجَابَ: «لَيْسَ حَسَناً أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلاَبِ».
Mat 15:27 فَقَالَتْ: «نَعَمْ يَا سَيِّدُ. وَالْكِلاَبُ أَيْضاً تَأْكُلُ مِنَ الْفُتَاتِ الَّذِي يَسْقُطُ مِنْ مَائِدَةِ أَرْبَابِهَا».


ونفس القصة مذكورة في إنجيل آخر :

Mar 7:26 وَكَانَتْ الْمَرْأَةُ أُمَمِيَّةً وَفِي جِنْسِهَا فِينِيقِيَّةً سُورِيَّةً - فَسَأَلَتْهُ أَنْ يُخْرِجَ الشَّيْطَانَ مِنِ ابْنَتِهَا.
Mar 7:27 وَأَمَّا يَسُوعُ فَقَالَ لَهَا: «دَعِي الْبَنِينَ أَوَّلاً يَشْبَعُونَ لأَنَّهُ لَيْسَ حَسَناً أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلاَبِ».
Mar 7:28 فَأَجَابَتْ: «نَعَمْ يَا سَيِّدُ! وَالْكِلاَبُ أَيْضاً تَحْتَ الْمَائِدَةِ تَأْكُلُ مِنْ فُتَاتِ الْبَنِينَ».

وليس هذا غريباً على المسيح المذكور في الأناجيل حيث أنه يؤمن بأن كل من هو غير يهودي كلب وخنزير

Mat 7:6 لاَ تُعْطُوا الْمُقَدَّسَ لِلْكِلاَبِ وَلاَ تَطْرَحُوا دُرَرَكُمْ قُدَّامَ الْخَنَازِيرِ لِئَلَّا تَدُوسَهَا بِأَرْجُلِهَا وَتَلْتَفِتَ فَتُمَزِّقَكُمْ.

 

ونكتفي بهذا القدر رداً على هذه النقطة .

________________________________________

 

* النقطة التاسعة عشرة في المقارنة :

 

* تفنيد النقطة التاسعة عشرة :

لأن هذه آخر نقطة , ولأني تعبت من الرد على هذا المقارن المستفز , فسوف أقوم على الرد بإيجاز , عقوبة المنتحر في الإسلام هو نار جهنم خالداً فيها أبداً وساءت مصيراً , وإليكم الحديث الذي يثبت ذلك :

 

صحيح البخاري 4203 - عَنْ أَبَي هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ شَهِدْنَا خَيْبَرَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِرَجُلٍ مِمَّنْ مَعَهُ يَدَّعِى الإِسْلاَمَ « هَذَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ » . فَلَمَّا حَضَرَ الْقِتَالُ قَاتَلَ الرَّجُلُ أَشَدَّ الْقِتَالِ ، حَتَّى كَثُرَتْ بِهِ الْجِرَاحَةُ ، فَكَادَ بَعْضُ النَّاسِ يَرْتَابُ ، فَوَجَدَ الرَّجُلُ أَلَمَ الْجِرَاحَةِ ، فَأَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى كِنَانَتِهِ ، فَاسْتَخْرَجَ مِنْهَا أَسْهُمًا ، فَنَحَرَ بِهَا نَفْسَهُ ، فَاشْتَدَّ رِجَالٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ ، صَدَّقَ اللَّهُ حَدِيثَكَ ، انْتَحَرَ فُلاَنٌ فَقَتَلَ نَفْسَهُ . فَقَالَ « قُمْ يَا فُلاَنُ فَأَذِّنْ أَنَّهُ لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلاَّ مُؤْمِنٌ ، إِنَّ اللَّهَ يُؤَيِّدُ الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ » .

 

طبعاً جميع الآيات التي أتى بها هي في المقاتلة والمحاربة والمدافعة وشرحنا هذا لغة وشرعاً من قبل ولن نعيد , أما قوله الباطل ( أيضاً محمد أخذ سبايا و نعرف جيداً أنه قتل العشرات من الرجال و النساء ) فهذا كذب وزور وإفك مفترى , لأن الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لم يقتل في حياته من الكفار إلا رجل واحد فقط في غزوة أحد الذي قال عنه الله عز وجل : فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـكِنَّ اللّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاء حَسَناً إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [الأنفال : 17] , وأما قوله في قراءة التاريخ فإليكم الرابط :

 

http://sirah.al-islam.com/display.asp?f=hes2446.htm

 

بالله عليكم أين كلامه الذي قال في هذا الرابط ؟ ولكننا أعتدنا على الكذب والإفتراء , ولا حول ولا قوة إلا بالله , فيقول المقارن الكذاب أن محمداً صلى الله عليه وسلم , قد قتل والد صفية بنت حيي رضى الله عنها وزوجها وعمها وكل قومها , والحقيقة هي أن ربيع بن كنانة هو من حكم على نفسه بالموت , وبعدها قد قام بعقد مصالحة مع أهل خيبر , وأنقل لكم ما هو موجود في نفس الرابط :

 

وَأُتِيَ رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - بِكِنَانَةَ بْنِ الرّبِيعِ وَكَانَ عِنْدَهُ كَنْزُ بَنِي النّضِيرِ فَسَأَلَهُ عَنْهُ . فَجَحَدَ أَنْ يَكُونَ يَعْرِفُ مَكَانَهُ فَأَتَى رَسُولَ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - رَجُلٌ مِنْ يَهُودَ فَقَالَ لِرَسُولِ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - : إنّي رَأَيْت كِنَانَةَ يُطِيفُ بِهَذِهِ الْخَرِبَةِ كُلّ غَدَاةٍ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - لِكِنَانَةَ  ( أَرَأَيْت إنْ وَجَدْنَاهُ عِنْدَك ، أَأَقْتُلُك ) ؟ قَالَ نَعَمْ .

 

وَحَاصَرَ رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - أَهْلَ خَيْبَرَ فِي حِصْنَيْهِمْ الْوَطِيحِ وَالسّلَالِمِ ، حَتّى إذَا أَيْقَنُوا بِالْهَلَكَةِ سَأَلُوهُ أَنْ يُسَيّرَهُمْ وَأَنْ يَحْقِنَ لَهُمْ دِمَاءَهُمْ فَفَعَلَ . وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - قَدْ حَازَ الْأَمْوَالَ كُلّهَا : الشّقّ وَنَطَاةَ وَالْكَتِيبَةَ وَجَمِيعَ حُصُونِهِمْ إلّا مَا كَانَ مِنْ ذَيْنِك الْحِصْنَيْنِ .

 

http://sirah.al-islam.com/display.asp?f=hes2447.htm

 

________________________________________

 

الختام :

إن كنت قد أحسنت الرد وأصبت الغرض , فذلك ما كنت أتمنى , وإن كان قد لحقني الوهن والتقصير فإني قد بذلت وسعي , فإن كنت قد أصبت فمن الله وحده , وإن كان قد أصابني الوهن والتقصير فمن نفسي ومن الشيطان والله ورسوله براء منه .

وفي النهاية أقتبس أبياتاً لشيخي وحبيبي وأستاذي ومعلمي ومؤدبي العالم الجليل العلامة أبي محمد عبد الله بن محمد الأندلسي القحطاني السلفي المالكي صاحب نونية القحطاني الشهيرة وأهديها للنصارى على لساني وأوعدهم إن شاء الله عز وجل إنهم طال ما رَوَّجوا الشبهات والتُرَّاهات والتفاهات على النبي صلى الله عليه وسلم والإسلام العظيم والقرآن الكريم , أني سوف أرد عليهم وأفحمهم وأبين لهم عَوَر حُجَّتهم بإذن الله عز وجل .

 

يا نصارى هل شعرتم أنني ... رمد العيون وحكة الأجفان
أنا في كبود النصارى قرحة ... اربو فأقتل كل من يشناني
ولقد برزت إلى كبار رجالكم ... فصرفت منهم كل من ناواني
وقلبت ارض حجاجهم ونثرتها ... فوجدتها قولا بلا برهان
والله أيدني وثبت حجتي ... والله من شبهاتهم نجاني
والحمد لله المهيمن دائما ... حمدا يلقح فطنتي وجناني
أحسبتم يا نصارى إنني ... ممن يقعقع خلفه بشنان
أفتستر الشمس المضيئة بالسها ... أم هل يقاس البحر بالخلجان
عمري لقد فتشتكم فوجدتكم ... حمرا بلا عن ولا أرسان
أحضرتكم وحشرتكم وقصدتكم ... وكسرتكم كسرا بلا جبران

 

اسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يتقبل منا أعمالنا , وأن يجعلها سبباً غفران خطياي , وأن تكون شفيعة لي يوم القيامة , واسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يستخدمني دائماً لنصرة دينه ونبيه , وأن لا يحرمني هذا الشرف العظيم , واسأل كل أخ مسلم أن يدعوا لي بالهداية والتوفيق والسداد والرشاد .

نسأل الله عز وجل أن يكون هذا الرد سبباً في هداية تائه حيران

يا رب ثبتنا على الإيمان واجعلنا هداة التائه الحيران - وأعزنا بالحق وانصرنا به نصراً عزيزاً أنت ذو السلطان

وأسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجه الله الكريم

وأن يجازي شيخنا الأستاذ خير الجزاء لمساعدته لي وتحمله وصبره على طلباتي الكثيرة

 

ملحوظة :

  • تعمدت وضع صور من الموقع لأني متأكد تمام اليقين أنه بعض فضح هذه المقارنة الباطلة ستكون هناك تصحيحات للجدول , فتكون هذه الصور أرشيفاً لحال الموقع أو المقارنة قبل الرد عليها ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

  • هناك بعض الأحاديث والنصوص من السنة ومن الكتاب المقدس لم توضع كاملة للإختصار , فبإمكانك الرجوع إلى إسم الكتاب ورقم الحديث أو إلى السفر والعدد والإصحاح لقراءة ما أوردناه كاملاً والتأكد من صحة ما أوردناه .

 

الهوامش :

 

1) صحيح البخاري 6502 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّ اللَّهَ قَالَ مَنْ عَادَى لِى وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَىَّ عَبْدِى بِشَىْءٍ أَحَبَّ إِلَىَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِى يَتَقَرَّبُ إِلَىَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِى يَسْمَعُ بِهِ ، وَبَصَرَهُ الَّذِى يُبْصِرُ بِهِ ، وَيَدَهُ الَّتِى يَبْطُشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِى يَمْشِى بِهَا ، وَإِنْ سَأَلَنِى لأُعْطِيَنَّهُ ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِى لأُعِيذَنَّهُ ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَىْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِى عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ ، يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ » .

----------

2) قد قمنا بإختصار الحديث جداً , لأن الحديث طويل للغاية ويشرح تفصيلاً ما سيحدث في آخر الزمان , وهذه من نبؤات النبي محمد صلى الله عليه وسلم للمستقبل البعيد - ولعله قريب - ولمن يريد قراءة الحديث كاملاً فهو الحديث رقم 7560 من صحيح مسلم , كتاب الفتن وأشراط الساعة , باب ذكر الدجال وصفته ومن معه .

http://www.al-eman.com/hadeeth/viewchp.asp?BID=1&CID=159#s21

________________________________________

 

*** هذه المقالة مهداة إلى ***

  1. شيخي وحبيبي ومعلمي وأستاذي ومؤدبي العالم الفاضل الأستاذ student_58_1

  2. شيخي وحبيبي ومعلمي وأستاذي ومؤدبي العالم الفاضل أحمد جاويش gawish1

  3. شيخي وحبيبي ومعلمي وأستاذي ومؤدبي العالم الفاضل أبو المعتصم Abu Almotasim

  4. أخي وشيخي وحبيبي ومعلمي وأستاذي ومؤدبي الدكتور الفاضل آدم adam usa_1

  5. الأخ الفاضل الحبيب طالب العلم المجتهد محدث mo7ads

  6. الأخ الحبيب المشاكس حرنكش 7rankash_

  7. الشيخ الفاضل المجاهد في الله الدكتور العالم عبد الله بدر

  8. الشيخ الفاضل المجاهد في الله الدكتور العالم منقذ السقار

  9. تحية خاصة جدا للأخ الحبيب المناضل الباسل المجاهد كول ان بول الذي تعب من أجلنا كثيراً coolinpool

  10. شبكة شموخ الإسلامية www.shmokh.com

فكل هؤلاء قد ساعدوني إما بالدعم وإعطائي معلومات وأحاديث وروايات وأفكار , أو بالتشجيع والدعاء

اسأل الله لهم الهداية والتوفيق والسداد وأن يجعل هذه المقالة في ميزان حسناتهم

 

وتحية خاصة إلى كل نصراني خُدِع بهذا الجدول وساهم في نشرها

 

وأسألكم الدعاء للإمام الفاضل العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمة الله تعالى صاحب تفسير القرآن الكريم المسمى بـ تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان وسألكم الدعاء للشيخ الأستاذ student_58_1 لأنه هو من نصحني بشراء هذا التفسير الرائع لكتاب الله وأنا بدوري أنصح الجميع بشراء هذا التفسير القيم وقراءته لأنه من أجمل وأيسر التفاسير أو الإطلاع عليه من هذا الرابط

 

وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين ,,,

____________________

مقارنة بين السيد المسيح ومحمد رسول الإسلام وتعاليم كل منهما

الصَواعِقُ المُرّسَلَةُ عَلَى مُقَارَنَةِ النَّصَارَى البَاطِلَةِ


موقع الدعوة الإسلامية - دعوة إلى دين الله

 

ليست هناك تعليقات: