الأحد، 29 أغسطس 2010

عقبات الشيطان السبع للإمام ابن القيم الجوزية رحمه الله

 

 

عقبات الشيطان السبع

 

عقبات الشيطان السبع

للإمام ابن القيم الجوزية رحمه الله

الشيطان يريد أن يظفر بالمسلم في عقبة من سبع عقبات، بعضها أصعب من بعض، لا ينـزل منه من العقبة الشاقة إلى ما دونها إلا إذا عجز عن الظفر به فيها:

https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi1GKH0u1bd7V8m-lgvHtYkTdb3a2IXNrSc83FHkPEUsWCvz2CBO9TGFc2uiG8K9Z9vq0SQ2Oa_GkOun3D7IPI3AI67uP76io3ErwckwZpiV2fOe3yQrRFblrBM7_WZIgIc2IRlG6vljA/s200/001_30.gifالعقبة الأولى : عقبة الكفر بالله، وبدينه، ولقائه، وبصفات كماله، وبما أخبرت به رسله عنه، فإنه إن ظفر به في هذه العقبة بردت نار عداوته، واستراح.

https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiDmhLyyJ7cRIqhdhkYZAPaTFDE2R-LWx1UnLFBOTQVnZCzzzt9xBqC03debVKidJlgoJWopApFX2SfCLBlDpUuVwDkQjRGVhuObQrib-ps4Fimpxjm-M67_WY5ZMc7rWJ0WWiR78oBlQ/s200/001_06.gifفإن اقتحم هذه العقبة ونجا منها ببصيرة الهداية، وسلم معه نور الإيمان؛ طلبه على:

https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi1GKH0u1bd7V8m-lgvHtYkTdb3a2IXNrSc83FHkPEUsWCvz2CBO9TGFc2uiG8K9Z9vq0SQ2Oa_GkOun3D7IPI3AI67uP76io3ErwckwZpiV2fOe3yQrRFblrBM7_WZIgIc2IRlG6vljA/s200/001_30.gifالعقبة الثانية : وهي عقبة البدعة :

1- إما باعتقاد خلاف الحق الذي أرسل الله به رسوله وأنزل به كتابه،

2- وإما بالتعبد بما لم يأذن به الله من الأوضاع والرسوم المحدثة في الدين التي لا يقبل الله منها شيئا،

والبدعتان في الغالب متلازمتان قلَّ أن تنفك إحداهما عن الأخرى، كما قال بعضهم: تزوجت بدعة الأقوال ببدعة الأعمال فاشتغل الزوجان بالعرس فلم يفجأهم إلا وأولاد الزنا يعيثون في بلاد الإسلام، تضج منهم العباد والبلاد إلى الله تعالى، وقال شيخنا: تزوجت الحقيقة الكافرة بالبدعة الفاجرة فتولد بينهما خسران الدنيا والآخرة.

فإن قطع هذه العقبة، وخلص منها بنور السنة، واعتصم منها بحقيقة المتابعة، وما مضى عليه السلف الأخيار من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وهيهات أن تسمح الأعصارُ المتأخرة بواحد من هذا الضرب، فإن سمحت به؛ نصب له أهل البدع الحبائل، وبغوه الغوائل، وقالوا مبتدع مُحدِث.

https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiDmhLyyJ7cRIqhdhkYZAPaTFDE2R-LWx1UnLFBOTQVnZCzzzt9xBqC03debVKidJlgoJWopApFX2SfCLBlDpUuVwDkQjRGVhuObQrib-ps4Fimpxjm-M67_WY5ZMc7rWJ0WWiR78oBlQ/s200/001_06.gifفإذا وفقه الله لقطع هذه العقبة وكان العبد ممن سبقت له من الله موهبة السنة ومعاداة أهل البدع والضلال طلبه على:

https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi1GKH0u1bd7V8m-lgvHtYkTdb3a2IXNrSc83FHkPEUsWCvz2CBO9TGFc2uiG8K9Z9vq0SQ2Oa_GkOun3D7IPI3AI67uP76io3ErwckwZpiV2fOe3yQrRFblrBM7_WZIgIc2IRlG6vljA/s200/001_30.gifالعقبة الثالثة : وهي عقبة الكبائر فإن ظفر به فيها زينها له، وحسنها في عينه، وسوّف به، وفتح له باب الإرجاء، وقال له: الإيمان هو نفس التصديق فلا تقدح فيه الأعمال، وربما أجرى على لسانه وأذنه كلمة طالما أهلك بها الخلق وهي قوله: لا يضر مع التوحيد ذنب، كما لا ينفع مع الشرك حسنة.

فيستنيب منهم من يشيعها ويذيعها تدينا وتقربا بزعمه إلى الله تعالى وهو نائب إبليس ولا يشعر فإن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم، هذا إذا أحبوا إشاعتها وإذاعتها، فكيف إذا تولوا هم إشاعتها وإذاعتها.

والظفر به في عقبة البدعة أحب إليه؛ لمناقضتها الدين ودفعها لما بعث الله به رسوله، وصاحبها لا يتوب منها، ولا يرجع عنها، بل يدعو الخلق إليها، ولتضمنها القول على الله بلا علم ومعاداة صريح السنة ومعاداة أهلها، والاجتهاد على إطفاء نور السنة، وتولية من عزله الله ورسوله، وعزل من ولاه الله ورسوله، واعتبار مارده الله ورسوله، ورد ما اعتبره، وموالاة من عاداه، ومعاداة من والاه، وإثبات ما نفاه، ونفي ما أثبته، وتكذيب الصادق، وتصديق الكاذب، ومعارضة الحق بالباطل، وقلب الحقائق؛ بجعل الحق باطلا والباطل حقا، والإلحاد في دين الله، وتعمية الحق على القلوب، وطلب العوج لصراط الله المستقيم، وفتح باب تبديل الدين جملة، فإن البدع تستدرج بصغيرها إلى كبيرها حتى ينسلخ صاحبها من الدين كما تنسل الشعرة من العجين.

فمفاسد البدع لا يقف عليها إلا أرباب البصائر، والعميان ضالون في ظلمة العمى ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور.

https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiDmhLyyJ7cRIqhdhkYZAPaTFDE2R-LWx1UnLFBOTQVnZCzzzt9xBqC03debVKidJlgoJWopApFX2SfCLBlDpUuVwDkQjRGVhuObQrib-ps4Fimpxjm-M67_WY5ZMc7rWJ0WWiR78oBlQ/s200/001_06.gifفإن قطع هذه العقبة بعصمة من الله أو بتوبة نصوح تنجيه منها، طلبه على:

https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi1GKH0u1bd7V8m-lgvHtYkTdb3a2IXNrSc83FHkPEUsWCvz2CBO9TGFc2uiG8K9Z9vq0SQ2Oa_GkOun3D7IPI3AI67uP76io3ErwckwZpiV2fOe3yQrRFblrBM7_WZIgIc2IRlG6vljA/s200/001_30.gifالعقبة الرابعة : وهي عقبة الصغائر فكال له منها بالقفزان، وقال ما عليك إذا اجتنبت الكبائر ما غشيت من اللمم، أو ما علمت بأنها تُكَفّر باجتناب الكبائر، وبالحسنات، ولا يزال يهون عليه أمرها حتى يُصِرَّ عليها، فيكون مرتكب الكبيرة الخائف الوجل النادم أحسن حالا منه، فالإصرار على الذنب أقبح منه، ولا كبيرة مع التوبة والاستغفار، ولا صغيرة مع الإصرار، وقد قال صلى الله عليه وسلم: إياكم ومحقرات الذنوب ثم ضرب لذلك مثلا بقوم نزلوا بفلاة من الأرض فأعوزهم الحطب فجعل هذا يجيء بعود وهذا بعود حتى جمعوا حطبا كثيرا فأوقدوا نارا وأنضجوا خبزتهم فكذلك فإن محقرات الذنوب تجتمع على العبد وهو يستهين بشأنها حتى تهلكه.

https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiDmhLyyJ7cRIqhdhkYZAPaTFDE2R-LWx1UnLFBOTQVnZCzzzt9xBqC03debVKidJlgoJWopApFX2SfCLBlDpUuVwDkQjRGVhuObQrib-ps4Fimpxjm-M67_WY5ZMc7rWJ0WWiR78oBlQ/s200/001_06.gifفإن نجا من هذه العقبة بالتحرز والتحفظ، ودوام التوبة والاستغفار، وأتبع السيئة الحسنة، طلبه على:

https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi1GKH0u1bd7V8m-lgvHtYkTdb3a2IXNrSc83FHkPEUsWCvz2CBO9TGFc2uiG8K9Z9vq0SQ2Oa_GkOun3D7IPI3AI67uP76io3ErwckwZpiV2fOe3yQrRFblrBM7_WZIgIc2IRlG6vljA/s200/001_30.gifالعقبة الخامسة : وهي عقبة المباحات التي لا حرج على فاعلها، فشَغَلَه بها عن الاستكثار من الطاعات، وعن الإجتهاد في التزود لمعاده، ثم طمع فيه أن يستدرجه منها إلى ترك السنن، ثم من ترك السنن إلى ترك الواجبات، وأقل ما ينال منه تفويته الأرباح والمكاسب العظيمة والمنازل العالية، ولو عرف السعر لما فوت على نفسه شيئا من القربات ولكنه جاهل بالسعر.

https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiDmhLyyJ7cRIqhdhkYZAPaTFDE2R-LWx1UnLFBOTQVnZCzzzt9xBqC03debVKidJlgoJWopApFX2SfCLBlDpUuVwDkQjRGVhuObQrib-ps4Fimpxjm-M67_WY5ZMc7rWJ0WWiR78oBlQ/s200/001_06.gifفإن نجا من هذه العقبة ببصيرة تامة، ونور هاد، ومعرفة بقدر الطاعات والإستكثار منها، وقلة المقام على الميناء، وخطر التجارة، وكرم المشتري، وقدر ما يعوض به التجار، فبخل بأوقاته، وضن بأنفاسه أن تذهب في غير ربح، طلبه العدو على:

https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi1GKH0u1bd7V8m-lgvHtYkTdb3a2IXNrSc83FHkPEUsWCvz2CBO9TGFc2uiG8K9Z9vq0SQ2Oa_GkOun3D7IPI3AI67uP76io3ErwckwZpiV2fOe3yQrRFblrBM7_WZIgIc2IRlG6vljA/s200/001_30.gifالعقبة السادسة : وهي عقبة الأعمال المرجوحة المفضولة من الطاعات، فأمره بها وحسنها في عينه، وزينها له، وأراه ما فيها من الفضل والربح ليشغله بها عما هو أفضل منها وأعظم كسبا وربحا، لأنه لما عجز عن تخسيره أصل الثواب طمع في تخسيره كماله وفضله ودرجاته العالية، فشغله بالمفضول عن الفاضل، وبالمرجوح عن الراجح، وبالمحبوب لله عن الأحب إليه، وبالمرضي عن الأرضى له.

ولكن أين أصحاب هذه العقبة فهم الأفراد في العالم، والأكثرون قد ظفر بهم في العقبات الأول.

https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiDmhLyyJ7cRIqhdhkYZAPaTFDE2R-LWx1UnLFBOTQVnZCzzzt9xBqC03debVKidJlgoJWopApFX2SfCLBlDpUuVwDkQjRGVhuObQrib-ps4Fimpxjm-M67_WY5ZMc7rWJ0WWiR78oBlQ/s200/001_06.gifفإن نجا منها بفقه في الأعمال ومراتبها عند الله، ومنازلها في الفضل ومعرفة مقاديرها، والتمييز بين عاليها وسافلها، ومفضولها وفاضلها، ولا يقطع هذه العقبة إلا أهل البصائر والصدق من أولى العلم، السائرين على جادة التوفيق، قد أنزلوا الأعمال منازلها، وأعطوا كل ذي حق حقه.

https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiDmhLyyJ7cRIqhdhkYZAPaTFDE2R-LWx1UnLFBOTQVnZCzzzt9xBqC03debVKidJlgoJWopApFX2SfCLBlDpUuVwDkQjRGVhuObQrib-ps4Fimpxjm-M67_WY5ZMc7rWJ0WWiR78oBlQ/s200/001_06.gifفإذا نجا منها لم يبق هناك عقبة يطلبه العدو عليها سوى واحدة لا بد منها، ولو نجا منها أحد لنجا منها رسل الله وأنبياؤه وأكرم الخلق عليه وهي:

https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi1GKH0u1bd7V8m-lgvHtYkTdb3a2IXNrSc83FHkPEUsWCvz2CBO9TGFc2uiG8K9Z9vq0SQ2Oa_GkOun3D7IPI3AI67uP76io3ErwckwZpiV2fOe3yQrRFblrBM7_WZIgIc2IRlG6vljA/s200/001_30.gifعقبة تسليط جنده عليه بأنواع الأذى باليد واللسان والقلب على حسب مرتبته في الخير، فكلما علَت مرتبته أجلب عليه العدو بخيله ورجله، وظاهر عليه بجنده، وسلط عليه حزبه وأهله بأنواع الأذى والتكفير والتضليل والتبديع والتحذير منه، وقصد إخماله، وإطفائه؛ ليشوش عليه قلبه ويُشْغِل بحربه فكره، وليمنع الناس من الانتفاع به، فيبقى سعيه في تسليط المبطلين من شياطين الإنس والجن عليه، ولا يفتر ولا يني، فحينئذ يلبس المؤمن لأمة الحرب ولا يضعها عنه إلى الموت، ومتى وضعها أُسر أو أُصيب، فلا يزال في جهاد حتى يلقى الله.

وهذه العقبة لا حيلة له في التخلص منها؛ فإنه كلما جدَّ في الاستقامة والدعوة إلى الله والقيام له بأمره، جد العدو في إغراء السفهاء به، فهو في هذه العقبة قد لبس لأمة الحرب وأخذ في محاربة العدو لله وبالله فعبوديته فيها عبودية خواص العارفين، وهي تسمى عبودية المراغمة، ولا ينتبه لها إلاّ أولو البصائر التامّة، ولا شيء أحبَ إلى الله من مراغمة وليه لعدوه، وإغاظته له، وقد شرع النبي صلى الله عليه وسلم للمصلي إذا سها في صلاته سجدتين وقال: إن كانت صلاته تامة كانتا تُرغمان أنف الشيطان وفي رواية: ترغيماً للشيطان وسماها المرغمتين.

فمن تعبد الله بمراغمة عدوه فقد أخذ من الصديقية بسهم وافر، وعلى قدر محبة العبد لربه وموالاته ومعاداته لعدوه يكون نصيبه من هذه المراغمة، ولأجل هذه المراغمة حُمد التبختر بين الصفين.

وهذا باب من العبودية لا يعرفه إلا القليل من الناس ومن ذاق طعمه ولذته بكى على أيامه الأول.

فتأمل هذا وتدبر موقعه، وعظيم منفعته، واجعله ميزانك تزن به الناس وتزن به الأعمال ؛ فإنه يطلعك على حقائق الوجود، ومراتب الخلق، والله المستعان، وعليه التكلان.

جمعه لكم

www.aborashed.com

من مدارج السالكين (1/222) وبدائع الفوائد (2/483) لابن القيم الجوزية

 

ليست هناك تعليقات: