خالد المصري :: بتاريخ: 2009-04-23
القس صموئيل زويمر وهو أنشط شخصية تنصيرية في العالم ظهرت في بدايات القرن الماضي بل هو بالفعل واحد من كبار المنصرين الذين ظهروا خلال القرن المنصرم ، وعمل لسنوات طويلة رئيساً ومشرفاً لمئات الإرساليات التنصيرية في شتى دول العالم ، ينصح دائماً تلاميذه الذاهبين إلى أي مكان في العالم بقوله :
( العالم اليوم أحوج ما يكون إلى رسالة المسيح ، ومسؤولية المسيحيين من نحو ذلك أعظم من أي وقت مضى و لم يواجه جيلٌ مسؤولية توصيل الإنجيل إلى العالم كما يواجهها جيلنا الحاضر) .
ووصلت به الحال في خطابه الشهير في مؤتمر القدس عام 1927 موضحاً أهداف التنصير أن يقول : (( لقد أديتم الرسالة التي أنيطت بكم أحسن الأداء ، ووفقتم لها أسمى التوفيق ، وإن كان يخيل إلى أنه مع إتمامكم العمل على أكمل وجه ، لم يفطن بعضكم إلى الغاية الأساسية منه ، وإني أقركم على أن الذين أدخلوا من المسلمين في حظيرة المسيحية لم يكونوا مسلمين حقيقيين ، لقد كانوا كما قلتم ، أحد ثلاثة :
إما صغير لم يكن لـه من أهله من يعرّفه ما هو الإسلام .
وإما رجل مستخفٌ بالأديان لا يبغي غير الحصول على قوته ، وقد اشتد به الفقر ، وعزت عليه لقمة العيش .
وإما آخر يبغي الوصول إلى غاية من الغايات الشخصية .
ولكن مهمة التبشير التي ندبتكم دولكم المسيحية للقيام بها في البلاد المحمدية ليست هي إدخال المسلمين في المسيحية ، فإن في هذا هدايةً لهم وتكريمًا .
وإنما مهمتكم أن تخرجوا المسلم من الإسلام ليصبح مخلوقًا لا صلة لـه بالله ، وبالتالي لا صلة تربطه بالأخلاق التي تعتمد عليها الأمم في حياتها .
ولذلك تكونون أنتم بعملكم هذا طليعة الفتح الاستعماري في الممالك الإسلامية ، وهذا ما قمتم به خلال الأعوام المائة السالفة خير قيام ، وهذا ما أهنئكم وتهنئكم دولكم المسيحية والمسيحيون جميعًا ))
توقف كلام صموئيل ومات صموئيل ولكن فكره وكلامه لازال يدرس في كل المنظمات التنصيرية في العالم حتى الآن .
هل رأيتم يا سادة ما هو الهدف وما هي الغاية وما هي الوسيلة من محاولة إخراج المسلمين من دينهم ، حتى أنه ليس بالضرورة إدخالهم في النصرانية .
وعندما تبين صعوبة إخراج المسلمين من دينهم عمد المنصرون إلى إتباع أساليب المستشرقين في بذر الشكوك في الإسلام لدى المسلمين ، ونزع سلطان الدين من النفوس ، كما يشير بذلك "هاملتون جبّ" في كــــتابه وجهة الإسـلام ، لذا فاعتمد المنصرون على أساليب بعض المستشرقين في تحقيق هدف تنصيري أدقَّ من المفهوم العام التقليدي للتنصير، وهذا ما أعلنه أيضًا بعض المنصرين في أكثر من مناسبة .
ونعود لهذا المؤتمر التنصيري الذي عقد بجبل الزيتون في القدس في فلسطين والذي كان حضوره فعالاً وقوياً للغاية ، إذ حضرته أربعون دولة من الدول الغربية الصليبية ، أكمل زويمر خطبته في هذا المؤتمر قائلاً : " أتظنون أن غرض التنصير وسياسته إزاء الإسلام هو إخراج المسلمين من دينهم ليكونوا نصارى ؟؟؟!!!
إن كنتم تظنون هذا فقد جهلتم التنصير ومراميه ، لقد برهن التاريخ من أبعد أزمنته على أن المسلم لا يمكن أن يكون نصرانيًا مطلقًا ، والتجارب دلتنا ودلت رجال السياسة النصرانية على استحالة ذلك ، ولكن الغاية التي نرمي إليها هي إخراج المسلم من الإسلام فقط ، ليكون مضطربًا في دينه ، وعندها لا تكون له عقيدة يدين بها ويسترشد بهديها ، وعندها يكون المسلم ليس لـه من الإسلام إلا اسم أحمد أو مصطفى ، أما الهداية فينبغي البحث عنها في مكان آخر .
ومن المهم-هنا- ومع ما يتضمنه كلام "زويمر" من صدق في صعوبة تنصير المسلم، من المهم عدم الاستهانة بالحملات التنصيرية ومدى تأثيرها على عقول المسلمين وأذهانهم ، رغم صعوبة توافر بيانات عن المسلمين الذين يتنصرون، ويتم تعميدهم بالكنائس التي تشترط أو يشترط عليها التكتم في هذا المجال.
تقول:" آمال قرامي": " إن المطلع على المصادر الحديثة لا يمكنه أن يغض النظر عن ظاهرة ساهمت في تحويل عدد من المسلمين عن دينهم ، ونعني بها ظاهرة التبشير التي إن عملت جاهدة في البداية على عدم مصادمة الشعور الديني للمسلمين ، إلا أنها سرعان ما أسفرت عن مخططاتها انطلاقًا من سنة 1869م فلا غرو إذن أن يكثر عدد المقبلين على اعتناق المسيحية ، خاصة بعد أن ضعفت الحالة السياسية في مختلف الأمصار الإسلامية ، وتدهورت الحالة الاقتصادية ، وانتشرت الأوبئة في مختلف المجتمعات الإسلامية .
والصعوبة في تنصير المسلم لا تعني بالضرورة الاستحالة ، والشواهد على ذلك قائمة ، وليس من الضروري متابعة كل الشواهد ، إذ إنها تلتقي جميعًا في حرص أصحابها عن قصد أو عن غير قصد على التقليل من شأن نجاح الإرساليات التبشيرية .
وهناك من حاول إجراء إحصائية أو إحصائيات لعدد المتنصرين ، ولكنها تظل دون الواقع وممن حاول ذلك مجلة العالم الإسلامي التي كان يحررها صمويل زويمر نفسه ، وقد تعمد هذه المراجع إلى أن تكون موجهة تبتغي التباهي بالنصر الذي حققته الكنيسة على يد المبشرين المنتشرين في عدة بلدان .
وتروم إقناع المسلمين بأن ظاهرة التنصُّر قد استشرت في العصر الحديث لما في المسـيحية من تعاليم إنسانية يتوق إليها الجميع .
وبقيت الدعوة إلى إدخال غير النصارى في النصرانية جزءًا من المفهوم العام للتنصير ، ولم تعد هي المفهوم الطاغي على هذه الحركة ، لما فيها من الضيق في الاستجابة رغم وجود الإمكانات المادية والبشرية العاملة في مجال التنصير في مفهومه العام .
قال داود لفنجستون : كلما اكتشف الجغرافيون رقعة أرض جديدة زادت مسؤولية المسيحيين في توصيل الإنجيل إليها ، ولا توجد اليوم رقعة مأهولة في أرضنا لم تُستكشف... كما صار من السهل علينا أن ننفذ أمر المسيح : "اذهبوا إلى العالم أجمع" ، فإن المواصلات الحديثة جعلت هذا ممكناً وسهلاً !!
إننا نعيش في أرض تدور فيها معركة بين الظلمة ورئيس السلام، ولا نستطيع أن نقف على الحياد، لأننا ملزمون أن نعمل كل ما في وسعنا لنتوج المسيح رباً على الكل .
http://www.brmasr.com/view_article.php?cat=view4&id=3917
ونكمل في المقال القادم .....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق